إرساء القيمة الخفية للأسهم الأوروبية
كيف ينبغي لك أن توزع استثماراتك لعام 2025؟ شرحت في مقالي السابق عن السنة الكبيرة والمفاجئة التي أتوقعها بقيادة أوروبا. للاستفادة من تلك السنة، نحتاج إلى وضع إستراتيجية حكيمة. إليك الطريقة.
الخطوة الأولى في إدارة المحفظة الاستثمارية: استخدم دائمًا مقياسا للأداء. ما المقصود بذلك؟ أي مؤشر واسع يعتمد على القيمة السوقية المرجحة. يعتمد مؤشر تداول على القيمة السوقية المرجحة، لكنه ضيق النطاق. حيث توفر المؤشرات الأوسع نطاقًا، فرصًا أكبر وتنويعًا أفضل. عادةً ما أستخدم مؤشر إم إس ﺳﻲ آي إﯾﻪ ﺳﻲ دﺑﻠﯾو آي، الذي يضم 47 دولة. (أما إذا كنت تريد اتباع ضوابط الشريعة الإسلامية، ففكر في مؤشر إم إس ﺳﻲ آي إﯾﻪ ﺳﻲ دﺑﻠﯾو آي الإسلامي) سيصبح هذا المؤشر مخططك الاستثماري الأساسي. بعد ذلك، قم بتحليل مكوناته: توزيع القطاعات، وتوزيع الدول، والأسلوب الاستثماري، والأهم، كيف تتداخل هذه العناصر.
على سبيل المثال، تمثل السعودية 0.4 % فقط من القيمة السوقية لمؤشر إم إس ﺳﻲ آي إﯾﻪ ﺳﻲ دﺑﻠﯾو آي. هذه نسبة ضئيلة! وتمثل منطقة آسيا/المحيط الهادئ نحو 16%، بما في ذلك اليابان. أما أوروبا فتمثل 15%. والولايات المتحدة؟ تمثل 64%. لذا، حتى في العام الذي تتصدر به أوروبا، فإن التنويع يعني امتلاك أسهم خارج أوروبا أيضًا. يمكنك زيادة تركيز الاستثمارات في أوروبا وتقليل تركيزها في أمريكا. لكن لا تبالغ في ذلك.
إن اختيار توزيع الأسهم داخل المناطق الجغرافية هو المفتاح. في عامي 2023 و2024، قادت أمريكا الأسواق. لماذا؟ لأن أسهم النمو الكبيرة في قطاعات التكنولوجيا وخدمات الاتصالات المشابهة للتكنولوجيا شكلت أكثر من 40% من القيمة السوقية لأمريكا، متجاوزة نسبة 16% في بقية العالم. لقد كانت هذه القطاعات فائقة القوة. لكن يشكل قطاع التكنولوجيا أقل من 9% من القيمة السوقية لأوروبا. لذا لا تعتبر الأسهم في قطاع التكنولوجيا فائقة القوة.
كما أن أوروبا لديها عدد قليل من أسهم النمو خارج قطاع التكنولوجيا، باستثناء السلع الفارهة.. التي واجهت صعوبات في عام 2024 بسبب تقليص العملاء للإنفاق، خاصةً في آسيا والصين. وتأخرت أوروبا بسبب تفوق أسهم النمو في الأسواق.
الآن، مع قيادة أوروبا، من المتوقع أن ترتفع القطاعات والأساليب القوية فيها. تتكون أوروبا في الغالب من أسهم القيمة – وهي شركات متقلبة العائد تعتمد على توقعات التقلبات الاقتصادية، وليس التوجهات طويلة الأجل. يعتبر القطاع المالي والصناعي -الذي يشكل 40% من القيمة السوقية في أوروبا- من القطاعات التي تركز على أسهم القيمة الهجومية. كما تتوزع أسهم القيمة في قطاعات مثل السلع الاستهلاكية غير الأساسية (مثل السيارات)، والرعاية الصحية. هذه الفئات هي قائمة أسهم القيمة الهجومية الخاصة بك.
نعم، تقدم البنوك السعودية – التي تشكل أكثر من ثلث القيمة السوقية لتداول – فرصًا جيدة. لكن توفر أوروبا خيارات تنوع أكثر بكثير. ابدأ بالمملكة المتحدة، حيث يشكل القطاع المالي ما يقرب من 25% من قيمتها السوقية. كما توفر إسبانيا، وألمانيا، وسويسرا، وإيطاليا، وفرنسا مزيدا من الفرص. إذا كنت تتخذ إستراتيجية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، فلن تستثمر في هذه الخيارات. لكن يمكنك الاعتماد على تداول، والكويت، وقطر، والإمارات، للحصول على بعض الفرص.
من ناحية أخرى، يشكل القطاع الصناعي 18% من القيمة السوقية لأوروبا. وتتركز الفرص الأكبر في ألمانيا، والسويد، والمملكة المتحدة، وفرنسا. أما بالنسبة إلى قطاع السيارات، فتقدم ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، خيارات واسعة. كما أن بعض شركات الرعاية الصحية، مثل شركات تصنيع الأدوية، تناسب هذا النهج. لكن كن انتقائيًا – فعديد من شركات الرعاية الصحية تركز على النمو.
تبرز أسهم القيمة في الولايات المتحدة عندما تتصدر أوروبا وأسهم القيمة الأسواق العالمية، كما حدث خلال السوق الصاعدة بين عامي 2002 و2007. وكذلك خلال الفترة القصيرة في عام 2012 عندما قادت أوروبا الأسواق بعد تعافي منطقة اليورو من أزمة الديون السيادية. والآن يحدث الأمر ذاته! حتى في 11 مارس، ارتفعت أسواق أوروبا بنسبة 11.6% منذ بداية العام، متجاوزةً أداء مؤشر إم إس ﺳﻲ آي إﯾﻪ ﺳﻲ دﺑﻠﯾو آي بأشواط، الذي انخفض بنسبة 1.9%، ومؤشر تداول الذي انخفض بنسبة 2.6%. في المقابل، انخفضت الأسهم الأمريكية بنسبة 5.6%، وكان أداء قطاع التكنولوجيا الأمريكي أسوأ من ذلك.
قلل من التركيز على التكنولوجيا وأسهم النمو وزد من التركيز على أسهم القيمة، في كل مكان حول العالم.
لكن ليست كل أسهم القيمة متساوية. فمن المرجح أن تتأخر القطاعات الدفاعية مثل العقارات، والسلع الأساسية، والخدمات – التي تشكل 17% من القيمة السوقية - في أي سنة تصاعدية للأسواق. وهذا سبب إضافي للتنويع عالميًا. من المرجح أن يتأخر قطاعا الطاقة والمواد – اللذان يشكلان أكثر من 25% من القيمة السوقية لتداول – أيضًا. حيث يتحرك كلاهما مع أسعار النفط والسلع الأساسية. كما تعوق وفرة العرض، وضعف نمو الطلب العالمي، أداء قطاع الطاقة والمواد. لذلك، احتفظ ببعض الاستثمارات في تلك القطاعات تحسبًا لأي مفاجآت سلبية، لكن ركّز على أسهم القيمة الهجومية لتحقيق مكاسب كبيرة في عام 2025.