حالة الأغذية والزراعة 2021 - 2022 «1من 3»

الغذاء هو العنصر والمادة الأساسية للحياة، وبدونه تتوقف الحياة البشرية، وفي نقصه تنشأ الأزمات، وتحل الكوارث والمجاعات والحروب والصراعات للحصول عليه، ومن أجله تتغير ديموغرافية البشرية ويحدث النزوح والهجرة، وهاجس الحصول على الغذاء الجيد هو من أولويات كل دولة، وتقع المسؤولية الكبرى في توفيره على منتجي الغذاء وهم المزارعون، ولذلك تعد الزراعة والمزارعون من أهم قطاعات الإنتاج وتهيأ لهم كل الظروف وتذلل لهم الصعوبات كي يبقوا في هذه المهنة، بل معظم دول العالم توجه لهم الدعم والإعانات لضمان إنتاج الغذاء لشعوبهم وتستثني الاتفاقيات الدولية التي تنظم الاقتصاد قطاعات الزراعة ومصانع الأغذية عادة من كثير من الشروط التي تحكم الصناعات والأنشطة الأخرى باعتبار، فكانت اتفاقية GATT، قبل منظمة التجارة العالمية، تستثنى قطاع الزراعة من كثير من شروطها فيما سمي آنذاك بالصندوق الأخضر، ولا تزال WTO وغيرها مثل G20 تراعي تلك الاستثناءات، فقد أكد وزراء الزراعة في دول مجموعة العشرين، أهمية العمل لضمان التدفق المستمر عبر الحدود للأغذية والمنتجات والمدخلات الضرورية للإنتاج الزراعي والغذائي بما يتماشى مع بيان قادة دول مجموعة العشرين بتاريخ 26 آذار (مارس) 2020 حول فيروس كورونا المستجد كوفيد - 19. وأكدوا في البيان الختامي الذي صدر عن الاجتماع الاستثنائي لوزراء الزراعة في دول مجموعة العشرين أهمية تجنب أي تدابير تقييدية غير مبررة يمكن أن تؤدي إلى تقلبات مفرطة في أسعار الغذاء في الأسواق العالمية من شأنها تهديد الأمن الغذائي والتغذية لأعداد كبيرة من سكان العالم، ولا سيما الأكثر ضعفا الذين يعيشون في بيئات ذات أمن غذائي منخفضة، واتفاقهم على عدم فرض قيود على الصادرات أو ضرائب غير عادية على المنتجات الغذائية والزراعية. وأهمية مراكز الأبحاث التي تسهم في تطوير الغذاء ورفع كفاءة إنتاجه، فالحاجة إلى الغذاء تزداد بازدياد البشرية، والتوازن بين قدرة الموارد الطبيعية الحالية على الوفاء بالاحتياجات البشرية محل نظر.
في ضوء التقارير التي تصدرها منظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، خاصة التقرير السنوي للشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية التي تمثل تحالفا دوليا يجمع بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والوكالات الحكومية وغير الحكومية التي تعمل على معالجة أزمات الغذاء. كشفت جائحة كوفيد - 19 مدى هشاشة النظم الزراعية والغذائية أمام الصدمات وحالات الإجهاد وأفضت إلى ازدياد انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في العالم. ولا بد من اتخاذ إجراءات لجعل النظم الزراعية والغذائية أكثر قدرة على الصمود والكفاءة والاستدامة والشمول.
تعرض هذه التقارير مؤشرات عن حالة الأمن الغذائي والتغذية لعام 2021 على المستوى الدولي ومدى قدرة النظم الزراعية والغذائية بها على الصمود والبقاء للوفاء بمتطلبات الغذاء. وتقيس هذه المؤشرات مدى متانة الإنتاج الأولي وتوافر الأغذية، إضافة إلى إمكانية الحصول على هذه الأغذية في الأماكن والأوقات المطلوبة. ومن شأن هذه المؤشرات أن تساعد على تقييم قدرة النظم الزراعية والغذائية الوطنية بكل بلد على استيعاب الصدمات وحالات الإجهاد وهو جانب رئيس من جوانب التحمل والصمود. وتجري هذه التقارير تحليلا لحالات الضعف في سلاسل القيمة الغذائية وكيفية تعاطي الأسر المعيشية الريفية مع المخاطر فضلا عن مرافق الإنتاج الأخرى الأكثر تنظيما. ويبحث في الخيارات المتاحة للحد قدر المستطاع من الصعوبات التي قد تواجهها ببناء هياكل إنتاج أكثر استدامة وكفاءة وشمولا. والغرض من ذلك هو إعطاء توجيهات استرشادية بشأن السياسات الرامية لتعزيز قدرة سلاسل الإمدادات الغذائية على التحمل والتطور ودعم سبل العيش في النظم الزراعية والغذائية وضمان الحصول المستدام على أغذية كافية وآمنة ومغذية للجميع، في ظل الاختلالات التي يشهدها العالم سواء الظروف الطبيعية أو الأزمات الصحية والسياسية. وسأتطرق بشأن هذه التوجيهات المعنية بما يواجه الغذاء لخمسة محاور هي: تعريف لقدرة النظم الزراعية والغذائية على الصمود على المستويات العالمية، والوطنية، وقدرة سلاسل الإمدادات الغذائية على الصمود، وتعزيز قدرة سبل العيش الريفية، ومدى استدامتها، وأخيرا مبادئ توجيهية على غرار هذه التقارير لبناء نظم زراعية وغذائية قادرة على الصمود.
تعرف الأمم المتحدة القدرة على الصمود في مجال الأغذية والزراعة خصوصا، بتحديد قدرة النظم الزراعية والغذائية على الوفاء بتحقيق الأهداف المتمثلة في ضمان الأمن الغذائي والتغذية للجميع وسبل العيش اللائقة والدخل للجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية. ويتطلب ذلك بناء نظم زراعية وغذائية قادرة على ربط مفهوم القدرة على الوفاء بمتطلبات الأمن الغذائي كافة، وليس فقط بتوافر الأغذية، والوصول الاقتصادي والفيزيائي إلى الأغذية، واستخدام الأغذية، والثبات بمرور الزمن، وفي كل الظروف. وكذلك على نحو مستدام. ويعرف فريق الخبراء الرفيع المستوى صفة الفاعل على أنها قدرة الأفراد أو المجموعات "شركات أو مؤسسات" على اتخاذ قراراتهم المستنيرة بشأن الأغذية التي يقومون بتناولها وإنتاجها، وكيفية إنتاج الأغذية، وتجهيزها وتوزيعها ضمن النظم الغذائية، والقدرة على المشاركة في صياغة سياسات النظام الغذائي وحوكمته. وتشير الاستدامة إلى قدرة النظم الغذائية في الأجل الطويل على توفير الأمن الغذائي والتغذية بطريقة لا تلحق الضرر بالأسس الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي يمكن أن تولد الأمن الغذائي للأجيال المقبلة.
يترافق تطور المجتمعات وتحولها مع تحويل البيئة المحيطة، وأوجه الضعف، والمخاطر الكامنة، ومجموعة حالات الإجهاد والمفاجئات التي يجب عليها التعامل معها. وفي حين تعتمد بعض المفاجآت كالجوائح المرضية وحالات الإجهاد على عوامل موجودة على المستوى الوطني أو الإقليمي أو العالمي، إلا أن عديدا منها ناتج عن ظروف جغرافية كقلة الأمطار أو صعوبة التضاريس أو محلية كالظروف السياسية والحروب والقلاقل. وفي كلتا الحالتين، ستعتمد مخاطر الآثار السلبية على كيفية ظهور الصدمات وحالات الإجهاد، وتفاعلها مع أوجه الضعف والقدرات الخاصة بكل مكون من مكونات النظم الزراعية والغذائية والجهات الفاعلة فيها وأثرها فيها. ويعد فهم هذه العمليات ضروريا لتصميم تدخلات فعالة من أجل إدارة المخاطر المتعددة، وبناء قدرة النظم الزراعية والغذائية على الثبات عن طريق تعزيز قدراتها على الوقاية، والاستباق، والاستيعاب والتكيف والتحويل... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي