غارقون في الجائحة .. انتشار «أوميكرون» «2 من 2»
على صعيد انتشار فيروس كورونا ومتحوراته، شهدت سلاسل التوريد العالمية التي تشكل أهمية بالغة للاقتصادات الناشئة ارتباكات كبرى بسبب الجائحة، ما دفع الشركات إلى البحث عن المدخلات في أماكن أقرب إلى مقارها. من جانبها، استشهدت حكومات الدول المتقدمة بالنقص والمخاوف المتعلقة بالأمن الاقتصادي كمبرر لإيجاد الحوافز للشركات لزيادة الإنتاج الصناعي في الداخل.
من منظور الأسواق الناشئة، لم تكن التأثيرات السلبية مختلفة عن تلك الناجمة عن تسارع الأتمتة. يبدأ عديد من الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل بمهام التجميع الأبسط قبل أن تنتقل إلى عمليات التصنيع الأكثر تعقيدا. وستتناقص هذه الفرص إلى الحد الذي يحمل الاقتصادات المتقدمة على تنفيذ مزيد من مهام التجميع في الداخل.
ربما تستفيد المكسيك من الجهود التي تبذلها الشركات الأمريكية لتقصير سلاسل التوريد التي تعتمد عليها. وقد تستفيد اقتصادات أوروبا الشرقية من رغبة مماثلة من جانب دول الاتحاد الأوروبي. لكن الدول في جنوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية قد تجد أنفسها معزولة.
في المقام الأول من الأهمية، هناك التأثير الناجم عن جائحة مرض فيروس كورونا كوفيد - 19. على الرغم من كون هذه التأثيرات سلبية في كل مكان، فإنها من المرجح أن تكون شديدة بشكل خاص في الأسواق الناشئة. الواقع أن قـلة من الأسواق الناشئة تمتلك تكنولوجيا النطاق العريض العالي السرعة اللازم لتمكين التعلم عن بـعد بشكل فـعـال. وسيعني تباطؤ وتيرة التطعيم استمرار إغلاق المدارس والتغيب عن الدراسة. وفقا لتقدير صادر عن البنك الدولي، من المتوقع أن ترتفع نسبة الأطفال في الأسواق الناشئة والدول النامية غير القادرين على قراءة وفهم نص بسيط بحلول سن العاشرة من 53 في المائة إلى 63 في المائة بسبب الجائحة.
الحجة المضادة الأكثر قوة في هذا الصدد هي أن الأسواق الناشئة ستستفيد من الاقتصاد العالمي الفائق النشاط. كان نمو الإنتاجية في الاقتصادات المتقدمة، الذي كان يميل نحو الانخفاض لعدة عقود من الزمن، قويا أثناء الجائحة، خاصة في الولايات المتحدة. والآن من الممكن أن تعمل التغيرات التكنولوجية والتنظيمية التي حفزتها الجائحة على إدامة هذا التسارع. ومن شأن النمو الأسرع في الدول المتقدمة أن يوجــد طلبا إضافيا على صادرات الأسواق الناشئة.
هذه حجة افتراضية بحتة في هذه المرحلة. إذ يـعـزى الانتعاش الأخير في نمو الإنتاجية في الاقتصادات المتقدمة بالكامل إلى عوامل تتعلق بدورة الأعمال ــ وفي الآونة الأخيرة إلى شركات تستخدم مواردها بشكل أكثر كثافة مع انتعاش الاقتصادات بعد المستويات الدنيا التي سجلتها في 2020.
الواقع أن اتجاه الإنتاجية يبدو مشابها بدرجة كبيرة لما كان عليه في فترات التعافي الدورية السابقة ــ وهذا يعني أنه لا يوجد دليل يؤكد حدوث أي تسارع دائم.
لكن ليس كل شيء على هذه الدرجة من الكآبة والشؤم. فعلى النقيض من فترات الركود السابقة، كانت البنوك المركزية والحكومات في الأسواق الناشئة قادرة على الاستجابة بطرق عملت على تثبيت الاستقرار، بما يعكس نجاحها في بناء المصداقية. حتى وقتنا هذا، كانت حالات فشل البنوك والحوادث المالية التي تتخلل مثل هذه الأحداث على مدار التاريخ قليلة ومتباعدة. كما بدأت وتيرة إنتاج اللقاحات وتسليمها تتزايد. ولكن على الرغم من هذا، تكاد تكون مراجعات توقعات النمو نزولا قادمة بكل تأكيد.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2022.