بعد ارتفاعات السايبور في يناير .. هل اقتربت نافذة الاستدانة متدنية التكلفة من الإغلاق؟

بعد ارتفاعات السايبور في يناير .. هل اقتربت نافذة الاستدانة متدنية التكلفة من الإغلاق؟

سجلت مؤشرات فائدة الإقراض بين البنوك السعودية ارتفاعات ملحوظة بنهاية كانون الثاني (يناير) الشهر الماضي، في مؤشر على اقتراب إغلاق نافذة الاستدانة المتدنية التكلفة على الشركات والأفراد، عبر الفائدة الثابتة.
تأتي تحركات السايبور وسط توقعات المستثمرين بتشديد "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي السياسة النقدية ورفع الفائدة بنحو 150 نقطة أساس خلال العام الجاري، حيث ينتظر أن تتفاعل آجال السايبور الأربعة لمواكبة أي رفع للفائدة.
وسجلت أسعار فائدة الإقراض المصرفي قصيرة الأجل في السعودية ارتفاعات تراوح بين 2.85 و14.15 في المائة بنهاية كانون الثاني (يناير).
وشهد السايبور لأجل 12 شهرا أكبر قفزة، من بين الآجال الأخرى، بإغلاقه عند 1.21 في المائة بنهاية كانون الثاني (يناير) مقارنة بـ1.06 في المائة مطلع 2022.
ولم يختلف الأمر كثيرا عن السايبور لأجل ستة أشهر الذي كسر حاجز 1 في المائة هو الآخر، حيث أغلق عند 1.06 في المائة بنهاية كانون الثاني (يناير) مقارنة بـ0.97 في المائة مع بداية العام، بحسب بيانات منصة "ماكرو بوند".
وتأتي الحركة الاستباقية لارتفاع أسعار السايبور في الوقت الذي يقوم فيه المتعاملون في سوق النقد السعودية بإعادة تسعير آجال السايبور الأربعة، بعد الأخذ في الحسبان احتمالية تسريع رفع الفائدة الأمريكية خلال 2022.
في حين لم يتحرك سايبور "الشهر واحد" كثيرا خلال الشهر الماضي بعد إغلاقه عند 0.72 في المائة مقارنة بـ0.70 في المائة مطلع العام.
ويتابع العاملون في القطاع المصرفي حركة سايبور "ثلاثة الأشهر"، بحكم استخدامه على نطاق واسع مع قروض الأفراد والشركات.
وبحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، سجل سايبور "ثلاثة الأشهر" ارتفاعا بمقدار 7.77 في المائة مع إغلاق كانون الثاني (يناير) الماضي عند 0.97 في المائة، مقارنة بمستويات 0.90 في المائة مع بداية العام.
وتسعى الجهات العاملة في القطاع المالي لزيادة توسع نمو محفظة قروضها وسط تسجيل فائدة الإقراض السعودية مستويات متدنية على المدى التاريخي. وتأتي الزيادة السريعة مع أسعار الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية بسبب توقعات رفع الفائدة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة.
وتوقع الاقتصاديون في "جيه بي مورجان" رفع "الاحتياطي الفيدرالي" أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في كل اجتماع على مدار تسعة اجتماعات متتالية في محاولة للحد من التضخم، بينما توقع "جولدمان ساكس" سبعة ارتفاعات هذا العام مقارنة بتوقعه السابق بخمسة ارتفاعات فقط.
وقالت لايل برينارد، محافظة "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي "إن البنك مستعد لرفع أسعار الفائدة الشهر المقبل، والبدء في تقليص ميزانيته العمومية في الاجتماعات المقبلة". يتوقع المستثمرون تشديد "الاحتياطي الفيدرالي" السياسة النقدية ورفع الفائدة بنحو 150 نقطة أساس خلال العام الجاري.
وبحكم ربط العملة السعودية بالدولار فإن المراقبين يولون اهتماما كبيرا بتحركات الليبور "سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن" وقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي يتوقع أن أول زيادة لسعر الفائدة ستكون خلال الربع الأول من 2022.
وجاءت أسعار السايبور خلال الـ30 شهرا الماضية لمصلحة قروض الشركات والقروض الشخصية والقروض العقارية وغيرها من القروض. حيث أسهمت بيئة الفائدة المتدنية في خفض دفعات القروض على المقترضين وتحفيز النشاط الاقتصادي.
واستند رصد "الاقتصادية" إلى بيانات منصة "سي بوندز" التي يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمنصتها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية، فضلا عن تقييم أداء السندات، التي يستثمرون فيها.
أما بخصوص البيانات التاريخية لحركة آجال السايبور فتم الاستناد إلى منصة "ماكرو بوند"، التي لديها برمجيات خاصة تمكنت على أثرها من تكوين أكبر قاعدة بيانات اقتصادية، مدعومة بأدوات تحليلية تساعد الباحثين على ربط تلك البيانات مع بعضها بعضا، وتكوين صورة شاملة عن الاقتصاد الكلي.

الفائدة الثابتة

يعني تسعير أدوات الدين أو القروض بفائدة ثابتة أن المستثمر أو الجهة التمويلية تعرف حجم الفوائد، التي ستتسلمها خلال فترة معينة، وتميل الجهات المصدرة للصكوك نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق lock in نسبة العائد الثابت خلال الأوقات التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة.
أما أدوات الدين أو القروض المسعرة بفائدة متحركة أو متغيرة فإنها يعاد تسعيرها، كل ثلاثة أو ستة أشهر، بحسب مؤشر القياس المستخدم. فعالميا يتم استخدام الفائدة المعروضة بين البنوك في لندن "الليبور"، إذ يعد "الليبور" نظير "السايبور" للفائدة المقومة بعملة الدولار.
وتم التوقف عن إصدار أدوات الدين السيادية بالفائدة المتغيرة في 2016 وتلك السندات المحلية مدرجة في البورصة المحلية لدى "تداول".

برنامج دعم القطاع الخاص وتكلفة التمويل

تتزامن تلك المتغيرات في أسعار الفائدة المحلية مع الوقت الذي حصلت فيه معظم الشركات المستحقة "المؤهلة" على فترات زمنية يتم بموجبها تأجيل تحصيل المصاريف التمويلية المستحقة مستقبلا، وفق المحفزات الاقتصادية التي أعلنها البنك المركزي السعودي في ظل جائحة كوفيد - 19، التي اجتاحت الأسواق العالمية.
وأعلن البنك المركزي السعودي منتصف آذار (مارس) 2020 إعداد حزمة بقيمة 50 مليار ريال "13 مليار دولار" لإعانة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على مواجهة الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا. ويهدف التمويل إلى السماح للشركات الصغيرة والمتوسطة بتأجيل دفع مستحقات البنوك وشركات التمويل والحصول على التمويل بشروط ميسرة مع إعفاءات من تكاليف برنامج دعم ضمانات التمويل، حيث يرتبط اثنان من حزمة الإجراءات تلك بتكلفة التمويل.
وتلا ذلك اعتماد "ساما" حزمة إجراءات احترازية جديدة في إطار دعم الجهود لمواجهة آثار انتشار جائحة فيروس كورونا في مختلف القطاعات الاقتصادية، ومتابعة تأثيره في الأسواق المالية والاقتصاد، التي كان من ضمنها التأكيد على البنوك أهمية الالتزام بتقديم مجموعة من وسائل الدعم لعملائهم في هذا الوقت الحالي وتمكينهم من مواجهه آثار انتشار فيروس كورونا، إلى جانب أهمية دعمهم للقطاع الخاص لتخفيف آثار انخفاض التدفقات النقدية، ومنها مراجعة إعادة تقييم معدلات الفائدة والرسوم الأخرى على البطاقات الائتمانية، سواء للعملاء الحاليين أو العملاء الجدد، بما يتوافق مع انخفاض معدلات الفائدة حاليا نتيجة للأوضاع الاقتصادية.

خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية

خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين في آذار (مارس) 2020، في خطوة استثنائية جديدة لدعم اقتصاد الولايات المتحدة وسط جائحة فيروس كورونا الآخذة في التسارع في أنحاء العالم.
وقال البنك المركزي في بيان "إنه قرر خفض النطاق المستهدف لأسعار الفائدة إلى بين الصفر و0.25 في المائة". وكان مجلس الاحتياطي قد خفض بالفعل أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية أثناء اجتماع عاجل في الثالث من آذار (مارس)، في أول خفض خارج جدول اجتماعات السياسة العادي منذ الأزمة المالية في 2008.
وجاء رد البنك المركزي السعودي على خفض الفائدة الثاني من قبل "الفيدرالي الأمريكي" خلال آذار (مارس) عندما خفض "ساما" معدل إعادة الشراء من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة ومعدل إعادة الشراء المعاكس من 1.25 في المائة إلى 0.50 في المائة، ويعد ذلك خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية خلال ثمانية أشهر.
وقبل خفض الفائدة مرتين في 2020، قام "ساما" أواخر تشرين الأول (أكتوبر) بخفض أسعار الفائدة الأساسية في أعقاب قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال 2019، معلوم أن معظم البنوك المركزية حول العالم، التي تربط عملتها بالدولار، خفضت أسعار الفائدة المحلية لتنضم بذلك إلى دورة التيسير النقدي، التي يقودها مجلس الاحتياطي الاتحادي جنبا إلى جنب مع نظراء خليجيين.

3 مراجع لتسعير الائتمان

يعتمد القطاع المالي السعودي على ثلاثة مراجع تسعيرية، أولها وأقدمها الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية "السايبور"، وثانيها "عقود المبادلة المقومة بالريال"، التي تستخدم لتسعير الائتمان في السوق المحلية، ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات، ويستخدم كذلك بدرجة نادرة "كمرجع تسعيري" مع تسعير الصكوك المحلية للقطاعين الخاص والحكومي، وثالث المراجع "عوائد الصكوك الحكومية لكل آجال الاستحقاق"، ويعد آخر مراجع التسعير للائتمان، التي ظهرت في الآونة الأخيرة.

ما السايبور؟

تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا. و"السايبور" هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر. وتتفاوت أسعار السايبور وفقا لآجال الاقتراض "قصيرة الأجل" التي قد تراوح ما بين شهر إلى عام.
وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية "التي تسعر بالفائدة المتغيرة" في السوق المحلية. فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد / الأرباح التي يدفعها المقترضون للبنوك. وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة. وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة. وحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون في مأمن من تقلبات أسعار الفائدة.
وأعلن البنك المركزي السعودي في أواخر 2016 موافقته على ما تم الاتفاق عليه بين القطاع المصرفي وشركة "تومسون رويترز" بأن تكون الشركة مديرا لاحتساب وإدارة سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية "سايبور".
وقالت "ساما"، "إن هذه الخطوة تأتي في إطار الدور الإشرافي والرقابي الذي تقوم به على القطاع المصرفي، وسعيا منها لتعزيز الشفافية والمصداقية في آلية احتساب سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية (سايبور)".
وتعمل اللجنة المشتركة الممثلة من البنوك بالمشاركة في احتساب معدل "سايبور" الذي ستقوم "تومسون رويترز" باحتسابه استنادا إلى منهجية وإجراءات تتوافق مع المبادئ والإرشادات التي وضعتها المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية "الأيسكو".

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة