75 % من أدوات الدين السيادية للسعودية تتداول فوق قيمتها الاسمية

75 % من أدوات الدين السيادية للسعودية تتداول فوق قيمتها الاسمية

أكد لـ"الاقتصادية" عاملون في أسواق الدخل الثابت أن هناك مؤشرات أولية تفيد بأن الصكوك الخليجية ذات الأحجام الصغيرة لن تتأثر بتكلفة التمويل المرتفعة بسبب صغر حجم الإصدار وسياسة تكتل البنوك المرتبة للإصدار، التي تكتتب به.
وأشاروا إلى أن التحدي يكمن مع المصدرين الخليجيين، الذين ينوون طرح إصدارات ضخمة من السندات.
وأوضحوا أن المصدرين السابقين كانوا يأملون فقط بإغلاق إصداراتهم، حتى لو دفعوا علاوة إصدار مرتفعة إلى متوسطة، وذلك مقابل جمع الأموال من المستثمرين.
وأظهرت أسواق الدين الخليجية مرونة عالية خلال الأربعة أسابيع الماضية، وذلك مقارنة بالمناطق الجغرافية الأخرى ومع ما يجري في أوروبا.
وحصلت المنطقة الخليجية على أفضلية واضحة بفضل ميزة ارتفاع أسعار النفط لمستويات تاريخية وتحسن النمو الاقتصادي.
وتعد السندات القائمة لمنطقة الخليج حاليا أقل المناطق الجغرافية في فئة الأسواق الصاعدة التي لم تتعرض لضغوط بيعية.
ووفقا لبيانات منصة "آي إتش إس ماركت" للتحليلات والبيانات المالية، فإن أكثر من 75 في المائة من أدوات الدين السيادية - للسعودية - المقومة بالدولار تتداول فوق قيمتها الاسمية.
ومنح محللو شركة أبحاث الائتمان "كريدت سايتس" توصية شراء على سندات السعودية طويلة الأجل، بسبب جاذبية تقييمها.
وأكدوا في ورقة بحثية أن "المنطقة الخليجية معزولة عن المخاطر الجيوسياسية الجارية في أوروبا".
يذكر أن منصة الأبحاث "كريدت سايتس" تعد أحد أهم الأصوات الرائدة بأسواق الائتمان العالمية، التي تستمع لها صناديق التحوط وشركات إدارة الأصول فيما يتعلق بتقييم مخاطر الائتمان الخاصة بالأوراق المالية الاستثمارية.

استئناف الإصدارات

استأنفت أسواق الدين الخليجية إصداراتها الدولية، وذلك بعد فترة توقف عن الإصدارات دامت لأكثر من شهر، وبالتحديد منذ 24 فبراير.
وتم قص أول الإصدارات الخليجية، بعد نشوب الأزمة الأوكرانية، في خضم زوال عقبة اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي انتهى بإقرار أول زيادة لأسعار الفائدة لهذا العام.
وأظهر رصد لوحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، أن الإصدارات المتميزة في الأسواق الناشئة، التي جاءت بعد الأزمة الأوكرانية قد شهدت دفع علاوة سعرية من خانتين، وذلك من أجل إنجاح الإصدار في ظل الأوضاع الحالية، حيث يسود بعض القلق للمصدرين الخليجيين من أن تنتقل تلك الظاهرة للمنطقة الخليجية، التي تعد منعزلة عما يحدث مع أوروبا.
وتشهد أسواق الدين توترا بسبب الزيادات الأخرى المنتظرة في أسعار الفائدة، وينتظر عديد من جهات الإصدار الخليجية، التي فوضت البنوك بترتيب صفقات، نافذة استقرارا من أجل طرق باب أسواق الدين خلال المرحلة المقبلة.
وفي حال اجتذاب المنطقة الخليجية لعلاوة إصدار خاصة بالأزمة الأوكرانية، فإن احتمالية وجود علاوة الإصدار ستكون، وفقا لحجم الإصدار، فعلاوة المخاطر الائتمانية تزداد مع كبر حجم الإصدار.
ونقلت منصة "ريد" عن مصرفيين قولهم إن كلا من تركيا ونيجيريا دفعا في الأسبوع الماضي علاوة إصدار تفوق 37 نقطة أساس مع إصدارهما الحديث.
معلوم أن منصة "ريد"، التي تتخذ من نيويورك وسنغافورة مقرا لها، متخصصة في متابعة أخبار جهات الإصدار المتعسرة والمثقلة بالديون، مع إحاطة المستثمرين مسبقا بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها.

تكرار للماضي

أسهمت تقلبات أداء سندات الخزانة الأمريكية، خلال الشهرين الماضيين، في إحداث بعض "الضبابية" على خطط الطرح للمصدرين الخليجيين. فعلى سبيل المثال، واجهت أسواق الدين الخليجية "فترات إصدار متقطعة"، التي تخللها توقف "مؤقت" عن الإصدار في العام الماضي بسبب عدم مواءمة ظروف السوق، ومن ثم اقتناص "نافذة إصدار" موائمة، وذلك في إطار "الواقع الجديد" للتكيف مع تبعات الجائحة وحركة أسعار الفائدة.

جي.بي مورجان

وبحسب رصد "الاقتصادية"، فإنه ولأول مرة بمؤشر سندات جيه بي مورجان العالمي، فإن هناك دولتين خليجيتين ضمن الخمس الأوائل لأكبر الدول، التي لدى المستثمرين الأجانب انكشاف كبير على إصداراتهم.
وقالت جيني كوسقراف، المتحدثة باسم جيه.بي مورجان، لـ"الاقتصادية" إن المكسيك تحتل المرتبة الأولى متبوعة بإندونيسيا والصين والإمارات والسعودية.
أما على صعيد الإصدارات المقومة بعملة الاتحاد الأوروبي، فقد حافظت السعودية على المرتبة الـ16 في مؤشر سندات الأسواق الناشئة العالمي المتنوع "المقوم بعملة اليورو"، الذي يديره "جي.بي مورجان".
ووفقا للرصد، الذي استند إلى بيانات بنك الاستثمار الأمريكي فقد سجل وزن السعودية بهذا المؤشر زيادة بمقدار 26.86 في المائة على أساس سنوي، حيث يقف الوزن عند 2.55 في المائة بنهاية 2021، مقارنة بـ2.01 في المائة في 2020.
في حين سجلت القيمة السوقية لأدوات الدين المقومة باليورو أكبر زيادة لها على أساس سنوي، وذلك بعد بلوغها 43.82 في المائة، حيث وصلت القيمة السوقية إلى 4.66 مليار يورو بنهاية 2021، مقارنة بـ3.24 مليار يورو عن 2020.
وأسهم ضم "جي.بي مورجان" لأدوات الدين السعودية، المتداولة بالبورصات العالمية، لمؤشراته قبل أكثر من ثلاثة أعوام في إحداث تحسن مطرد في السيولة الثانوية وتعظيم قاعدة المستثمرين الأجانب عما كانت عليه.
يتم هيكلة صناديق أدوات الدخل الثابت - التابعة لشركات إدارة الأصول العالمية - لكي تتبع أوزان كل دولة (أو شركة) تدرج ضمن المؤشر بشكل أوتوماتيكي، الأمر الذي يزيد من تدفق الاستثمارات وتخفيض تكلفة الاقتراض.

وزن المنطقة الخليجية

سجل معروض الدول الخليجية من أدوات الدين الدولارية قفزات قياسية في أهم مؤشر لقياس أداء سندات الأسواق الناشئة تابع لـ"جي بي مورجان".
وأظهر رصد لـ"الاقتصادية"، استند إلى بيانات بنك أبوظبي الأول، أن وزن المنطقة الخليجية بمؤشر جي.بي مورجان لسندات الأسواق الناشئة قد ارتفع بمقدار 966 في المائة خلال ظرف ثلاثة أعوام، مقارنة بالوزن الإجمالي البالغ 2.1 في المائة بنهاية 2018، حيث إن وزن دول الخليج مجتمعة في مؤشر "سندات الأسواق الناشئة" مستمر في التصاعد.
وأظهر الرصد أن وزن دول الخليج مجتمعة قد بلغ، مع المؤشر الدولي لسندات الأسواق الناشئة، 22.4 في المائة في 2021، مقارنة بـ20.7 في المائة في 2020.
وبذلك تصبح الديون السيادية للخليج جزءا لا يتجزأ من محافظ شركات إدارة الأصول العالمية، سواء الخاملة منها أو النشطة.

مراحل متدرجة

معلوم أن المركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية قد توقع في 2019 أن تصل قيمة التدفقات نحو أدوات الدين السعودية إلى نحو 11 مليار دولار، وذلك بين 31 يناير 2019 "وهو تاريخ الانضمام الفعلي للمرحلة الأولى" و30 سبتمبر من العام ذاته.
وبحسب توقعات المتخصصين في أسواق الدخل الثابت فمن المفترض أن هذا الانضمام قد جلب بين 25 في المائة إلى 33 في المائة كتدفقات "إضافية" نحو أدوات الدين السيادية للمملكة، وهي استثمارات في الأوراق المالية للسعودية لم تكن في المتناول قبل 2019.
في حين تصل هذه النسبة إلى 50 في المائة للكويت، التي لديها إصدار واحد مؤهل وهي سندات عشرة أعوام.
وبسبب وصول الديون الخليجية "المضافة" والقديمة بين 15 في المائة إلى 20 في المائة، فإن القائمين، في ذلك الوقت، على المؤشر ارتأوا أن تتم عملية الدخول للمؤشرات عبر عدة مراحل، وذلك على مدى تسعة أشهر، كي لا يتسبب الحجم الكبير للديون الخليجية في إحداث اضطرابات بالديون الأخرى مع تحويل صناديق الأموال إلى أدوات الدين الخليجية.

خروج سندات من المؤشرات

من المنتظر أن يتم خروج الإصدارات، التي يحين استحقاقها هذا العام من مؤشرات جي.بي مورجان، وذلك وفقا للإرشادات التنظيمية لكل مؤشر.
ويحل في 2022 أجل استحقاق يقدر بـ 18.1 مليار ريال لسداد أصل الديون الدولية، منها استحقاق أبريل، الذي بموجبه سيتم سداد رأس المال والأرباح المتبقية لصكوك دولارية خمسية "بعائد 2.89 في المائة" تم إصدارها بقيمة 4.5 مليار دولار "تعادل 16.8 مليار ريال".
استند رصد وحدة التقارير الاقتصادية الخاصة بمواعيد آجال الاستحقاق، إلى بيانات منصة "فاكتست" للخدمات المالية.
يذكر أن لدى "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية، التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.

مقدار التدفقات الخليجية

بشكل عام، فهناك تباين في مقدار التدفقات الخاملة والنشطة، التي يتوقع لها أن تنجذب لأدوات الدين الخليجية، والسبب في ذلك يرجع لكون الصناديق النشطة قد قامت في أواخر 2018 بشراء كمية ضخمة من الديون الخليجية "ترقبا لإعلان انضمامها أوائل 2019 وهذا ما حدث".
وتوقعت بيوت الخبرة في شركات إدارة الأصول العالمية والإقليمية أن التدفقات المتوقعة للسعودية قبل إعلان خبر الانضمام في يناير 2019 كانت تراوح بين 10 إلى 11 مليار دولار وللإمارات بقيمة ثمانية مليارات دولار.
ولكن بعد الانضمام الرسمي، في أواخر يناير، فإن هذا الرقم قد وصل إلى سبعة مليارات دولار للسعودية وخمسة مليارات دولار للإمارات ونحو 30 مليار دولار لمنطقة الخليج.
وهذا الأمر قد أكدته للمرة الأولى مذكرة بحثية صادرة من بنك أوف أمريكا ميريل لينش، التي ذكر فيها بأن صناديق كثيرة زادت انكشافها على السعودية، وهو ما قلص إلى حد ما فرص مزيد من الشراء إلا أن ردود المستثمرين، في ذلك الوقت، كانت تشير إلى أنهم لم يصلوا بعد إلى الوزن الكامل، بينما يتحرك المستثمرون الخاملون تمشيا مع المؤشرات، التي تضيف نسبة معينة من أدوات الدين بشكل شهري.

الانضمام لم يكن سهلا

دائما ما عانت أدوات الدخل الثابت عدم حصولها على التقدير اللازم، كأصول متميزة عن غيرها من الأسواق الصاعدة.
ونتج عن ذلك عدم وجود نوعية الأصول تلك بمعظم محافظ شركات إدارة الأصول المتخصصة في الاستثمار بالأسواق الناشئة، إلا أن الأمر برمته بدأ في التغير تدريجيا مع نهاية يناير 2019 عندما شرعت مؤشرات جي بي مورجان بإضافة الديون الخليجية إلى مؤشراتها الرئيسة، التي تتبع أداءها الصناديق المتخصصة بأدوات الدخل الثابت.
لكن عملية الانضمام لهذا المؤشر قد تأخرت بشكل كبير، وعاد ذلك بسبب وجود معيار صارم يفيد بأن دول الخليج تقع في مرتبة عالية جدا على مؤشر البنك الدولي لتصنيف الدخول المرتفعة تتجاوز المعايير العادية، التي تؤهل للإدراج في مؤشر الأسواق الناشئة "وهو أن يكون دخل الفرد أقل من 20 ألف دولار". فدخل الفرد في الإمارات يصل إلى 40 ألف دولار، مقارنة بعشرة آلاف دولار بالبرازيل.
بيد أنه تم إيجاد منهجية أخرى تسمح لدول الخليج أن تكون ضمن تصنيف الأسواق الناشئة مثل "نسب تعادل القوة الشرائية"، التي يستخدمها صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمقارنة بين ثروات مختلف الدول.
وهذا المؤشر يمكن استخدامه في بعض الأحيان لمقارنة مستويات المعيشة بين بلدين أو أكثر، وهذا المعيار يستخدم أيضا لقياس تكلفة شراء سلة سلع مماثلة لعملات دول أخرى بالأسواق الناشئة.
بالنسبة للصكوك، فإن الأنظمة الداخلية للمؤشرات تسمح باختيار الصكوك الصادرة من جهات الإصدار المؤهلة، وذلك شريطة أن تكون الصكوك حاصلة على تصنيف ائتماني من إحدى وكالات التصنيف الائتماني العالمية وتاريخيا تم إضافة الصكوك للمؤشر منذ أواخر 2016.

منهجية جديدة لمقارنة الأداء

تعد مؤشرات قياس أداء الجهات المدرجة في البورصات المحلية والدولية الخيار المفضل لشركات إدارة الأصول العالمية من أجل قياس أداء فئة معينة من الصناديق القابلة للتداول في البورصة ETF أو الأسهم - على سبيل المثال الشركات ذات رأس المال الصغير، مع نظيرتها من الفئة نفسها في منطقة جغرافية أخرى، وذلك بدلا من الطريقة التقليدية الخاصة بقياس أداء سوق الأسهم بمجملها، التي تتفاوت حركتها، وفقا لصغر أو كبر حجم السوق أو أعداد الشركات المدرجة فيها، وقيمتها السوقية، التي تتباين من سوق إلى أخرى.
ولذلك أوجدت مؤشرات قياس أداء الأسهم، كـ"فوتسي" على سبيل المثال أو "إم.إس.سي.آي" لمؤشرات الأسواق، سوقا جديدة عبر إيجاد البيئة المناسبة، أو المنصة، التي مكنت شركات إدارة الأصول من إطلاق صناديق استثمارية مفصلة خصيصا لقياس أداء مجموعة معينة من الأسهم، التي ترتبط بعدة عوامل مشتركة، كونها متخصصة في القطاع العقاري وعالية السيولة، من حيث التداول، وتسمح للمستثمرين الأجانب بالاستثمار فيها.
وبهذا يستطيع المستثمر قياس أداء الشركات السعودية ذات رأس المال الكبير مع نظيراتها من الأسواق العالمية الأخرى، التي تشترك معها في المميزات نفسها، الأمر الذي يجعل مقارنة قياس أداء تلك الشركات بين منطقتين جغرافيتين، أكثر منطقية وواقعية، مقارنة بالطرق التقليدية، التي يستعين بها بعض المتداولين، التي تفتقد إلى أدوات المقارنة المعيارية بين بورصتين مختلفتين.
ويتم تعريف المؤشر كمقياس إحصائي، عادة من سعر أو كمية، ويتم حسابه من مجموعة تمثيلية من البيانات الأساسية. ويعد الدور الأكثر شيوعا للمؤشر هو كمعيار إرشادي، ويمكن وصفه بأنه المعيار الذي يمكن من خلاله قياس أداء الأداة المالية، ومن خلال هذا الدور، يوفر المؤشر طريقة لقياس أداء شريحة معينة من السوق المالية، مثل المقارنات داخل المنطقة الجغرافية، أو قطاع الصناعة أو غيرها من الأصول.

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة