مواصلة تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة «1 من 2»
لقد جاءت الحرب في أوكرانيا في أسوأ الظروف مع تداعي الآفاق الاقتصادية العالمية، إذ يسعى أغلب دول العالم جاهدة للتعافي من جائحة كورونا. ومن بين الآثار الفورية لهذه الحرب ذلك الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأولية، الأمر الذي يثير القلق بشأن الأمن الغذائي وأمن الطاقة. فقد قفزت أسعار القمح نحو 30 في المائة، ما يضر بشعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعيش في دول تعتمد على الواردات من أوكرانيا أو روسيا.
ولا يقتصر الضرر على هذا الجانب فحسب، فالأسعار المرتفعة للسلع الأولية لها تداعيات أوسع نطاقا. ومن المرجح أن تؤدي إلى تفاقم تحديات الديون وغيرها من تحديات المالية العامة في كثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة، والنامية، لا سيما تلك التي تعتمد على الواردات. وقد تزداد الضغوط على أنظمة دعم الغذاء والطاقة، وتدابير الحماية التجارية، وضوابط الأسعار، الأمر الذي يزيد الأعباء على المالية العامة. وفي هذا الوقت الذي تقلص فيه الحيز المتاح للإنفاق في إطار المالية العامة بشكل كبير بسبب الجائحة، قد يضطر كثير من الدول إلى خفض الإنفاق في مجالات ذات أولوية، من بينها البرامج التي تساند تمكين الفتيات والنساء.
ولا يمكننا تحمل تبعات السماح بحدوث ذلك. أولا وقبل كل شيء، يجب أن نعمل بشكل جماعي لتفادي السياسات السلبية وغير المجدية وإبقاء أسواق التجارة مفتوحة ومساندة الأسر الأكثر احتياجا. وإلى جانب العمل لتلبية الاحتياجات العاجلة، يجب علينا أيضا مواصلة السعي لحماية المحركات الأساسية للنمو، وتمكين الدول من المضي قدما على طريق تنمية خضراء وقادرة على الصمود وشاملة للجميع. ويعد تعزيز المساواة بين الجنسين جزءا أساسيا من هذا النهج.
وفي خضم تلك الأنباء المثيرة للقلق أرى علامات تبعث على التفاؤل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أثناء زيارة دبي والقاهرة في الآونة الأخيرة، تأثرت كثيرا في لقائي قيادات نسائية - مهندسة معمارية تعمل في المباني الخضراء، وسيدة أعمال تقود جهود التحول الرقمي، ورائدة في بناء المجتمع تساند رواد الأعمال.
وفي الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، يعمل 17 في المائة من النساء في مجال ريادة الأعمال، ويطمح 35 في المائة من النساء، إلى أن يصبحن رائدات أعمال. ويعني هذا أن أكثر من نصف النساء في الدول النامية يعتبرن ريادة الأعمال طريقا لتحقيق مستقبل أفضل مقارنة بـ 25 في المائة في الدول مرتفعة الدخل. ولذلك، تعد مساندة نمو منشآت الأعمال التي تقودها نساء أمرا حيويا، لا سيما في الدول منخفضة الدخل والدول التي تعاني أوضاع الهشاشة والصراع.
وترتقي النساء إلى مستوى التحدي رغم الظروف المناوئة. ففي تونس، سعت سيدة الأعمال فاطمة بنت سلطان التي أطلقت علامتها التجارية للملابس الرياضية في 2019 جاهدة إلى توسعة نشاطها بسبب التضييق الائتماني في أثناء الجائحة. واستطاعت الحصول على بعض التمويل من صندوق لرأسمال المخاطر تسانده مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي، ومبادرة تمويل رائدات الأعمال، وركزت نشاطها على المنتجات المستدامة التي تقلل نفايات المنسوجات، ونجحت في زيادة إيراداتها ثلاثة أضعاف في العام الماضي... يتبع.