الزيوت الغذائية حاجة ملحة .. دوار الشمس

تعد الزيوت الغذائية عنصرا مهما في إنتاج وإعداد الطعام على مر الأزمان عرف السمن والودك والزبد الحيواني منتجا فاخرا في طعمه وجودته وسعره وكان هو السائد في موائدنا السالفة، وزيت الزيتون ذهب أصفر سائل ومنتج غذائي صحي من شجرة مباركة قال الله تعالى "الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم". ومع تطور الزمن وازدياد السكان وانتشار الوعي بأهمية الزيوت النباتية توجه أغلب الاستهلاك إلى الزيوت النباتية مثل زيت النخيل وزيت دوار الشمس وزيت الذرة وزيت السمسم وزيت الفول السوداني وفول الصويا وغيرها. فيما عدا زيت الزيتون لا تزال السعودية لم تبدأ بعد بشكل تجاري في زراعة البذور والأشجار الزيتية، قطعت السعودية - ولله الحمد - شوطا مشرفا بل مذهلا للعالم تفوقها في جودة منتجاتها من زيت الزيتون السعودي الذي حصل على جوائز عالمية متفوقا على الزيوت المماثلة من إسبانيا واليونان، وتجربة السعودية الناجحة والجريئة في زراعة الزيتون نتطلع أن تتكرر في بذور ونباتات زيتية مثل زيت دوار الشمس الذي يشهد بعدا كبيرا وشحا في الأسواق المحلية والعالمية وارتفعت أسعاره من 500 دولار للطن إلى 1700 دولار من جراء الأزمة الروسية - الأوكرانية. بدأت السعودية زراعة الزيتون بشكل تجاري في منطقة الجوف عام 2007 ثم التوسع بشكل ملحوظ في منطقة البسيطة في الجوف حيث تجاوزت عدد أشجار الزيتون 13,000,000 شجرة وبلغ الإنتاج حاليا 6000 طن سنويا، يمثل 20 في المائة من حجم الاستهلاك المحلي من زيت الزيتون حيث تستورد المملكة نحو 30,000 طن سنويا من زيت الزيتون وحده، وتنفق السعودية 1.2 مليار ريال سنويا لاستيراد زيوت الطعام، وبحسب "تريد ماب" الموقع المختص في إحصائيات تجارة الأغذية العالمية، فإن السعودية تحتل المرتبة الـ 20 في قائمة أكبر الدول المستوردة للزيوت والدهون الغذائية علما أن المراكز الثلاثة الأولى في هذه القائمة هي للهند وهولندا والصين، وتتصدر إندونيسيا أكبر منتج في العالم من زيوت الطعام، خاصة زيت النخيل بمبيعات 4.2 مليار دولار سنويا تليها الأرجنتين 4.1 مليار دولار ثم أوكرانيا أربعة مليارات دولار، خاصة زيت دوار الشمس.
وتتصدر السعودية دول مجلس التعاون في استهلاك زيوت الطعام بنحو 600.000 طن سنويا تشكل 50.8 في المائة من واردات دول الخليج وتأتي بعدها الإمارات بنسبة 24 في المائة ثم الكويت 10 في المائة تليها سلطنة عمان نحو 8 في المائة ثم قطر بنسبة 4 في المائة والبحرين 2.5 في المائة.
يتم إنتاج نحو 78,000,000 طن من زيت دوار الشمس عالميا وتتصدر أوكرانيا دول العالم في إنتاج زيت دوار الشمس حيث تنتج وحدها 13.5 مليون طن سنويا تليها روسيا 11 مليون طن وتأتي بقية الدول العالم بكميات أقل حيث تنتج الأرجنتين ثلاثة ملايين طن والصين 2.5 مليون طن وبقية بعض دول العالم بكميات أقل من مليون طن، وحيث تتصدر أوكرانيا وروسيا دول العالم في إنتاج زيت دوار الشمس نجد التأثر واضحا في إمدادات زيت دوار الشمس عالميا من جراء الأزمة. لا تنتج السعودية حاليا زيتا من بذور دوار الشمس منتجا محليا، بينما يتم إنتاج كميات محدودة جدا من بذور دوار الشمس في الأحساء من صنفين أبيض وأسود وكلاهما للاستهلاك البشري على هيئة حب يسمى محليا حبا حساويا أو (فصفصا) حساويا وبعضها لتغذية بعض أصناف الطيور، وتعد زيوت دوار الشمس المنتجة بالكبس أو المكررة مفضلة في المائدة السعودية ويمكن زراعتها في السعودية خاصة في مناطق حائل والجوف وتبوك ويأتي موسم زراعة دوار الشمس بعد حصاد القمح أو بعد موسم حصاد القمح من أبريل إلى أغسطس وتستغرق فترة زراعته من 90 إلى 150 يوما حسب الصنف وبعض أصناف بذور دوار الشمس تعطي إنتاج زيت بنسبة 57 في المائة من حجم البذرة وإنتاجية واحدة الهكتار منه تبلغ 1200 إلى 1500 للطن إذا توافرت أسمدة جيدا خاصة الأسمدة العضوية، ويستفيد نبات دوار الشمس إذا تم زرعه بعد حصاد القمح من تبن القمح الذي يتحول إلى أسمدة عضوية، ويستفيد كذلك من رطوبة التربة بعد زراعة القمح، وتزرع حبوبة على عمق اثنين سنتيمتر ويفضل الري إلى 10 سنتيمتر، ويستفاد من نبات دوار الشمس من زهوره التي تسمى "النورة" وعادة ترتفع نباتات دوار الشمس من 50 سنتيمترا إلى مترين، والنورة وهي زهور جميلة يتوجها بسبلات صفراء تدور مع الشمس، وعادت وحسب الصنف تحمل نباتات دوار الشمس في الجزء العلوي منها زهورا من 16 إلى 20 زهرة، وبداخل هذه الزهور زهور إشعاعية صغيرة تتكون منها البذرة، وارتبطت زراعة دوار الشمس بإنتاج أجود أنواع العسل الأصفر وتعد أزهار دوار الشمس جاذبة ومحببة للنحل وغنية بالرحيق وحبوب اللقاح وبذلك يحصل المزارع على منتجات متعددة من هذه الشجرة.
ويفضل زراعتها في مسافات بينية من 50 إلى 70 سنتيمترا ويفضل التربة الرملية أو التربة الرملية الصفراوية وتعد احتياجاتها المائية قليلة في بداية الزراعة لا تتجاوز 10 في المائة بينما يحتاج إلى مضاعفة الري وقت الإزهار مع إضافة الأسمدة الآزوتية في بداية الزراعة وأسمدة البوتاسيوم بعد عملية الإزهار ويجب الحرص على استخدام بذور وتقاو جيدة للزراعة وليس استخدام البذور المحلية نظرا إلى محتواها من الزيت محدودا، وبذور دوار الشمس تستخدم لاستخراج الزيوت وما تبقى منها بعد العصر يتحول لصناعة الأعلاف وكذلك يستفاد من "كسب" تبن دوار الشمس في الأعلاف كذلك، فهو نبات واعد ومفيد في كل أطواره، وينظم الدورة الزراعية للموسم المقبل للقمح بالقضاء على الحشائش الضارة وتتحول بقايا حصاده المتحللة إلى أسمدة عضوية بالتربة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي