ترقب للمزاد الشهري للصكوك الادخارية السعودية وسط صعود قياسي لعائد سندات الخزانة

ترقب للمزاد  الشهري للصكوك الادخارية السعودية وسط صعود قياسي لعائد سندات الخزانة

يترقب مستثمرو الدخل الثابت غدا مزاد الصكوك الذي تحتفظ جهة الإصدار السعودية بخيار الطرح من عدمه، فبخلاف خيار المضي بالطرح، فإن جهة الإصدار قد تستخدم المزاد لتحديث أسعار بعض آجال الاستحقاق.
وخلص تحليل لوحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة "الاقتصادية"، إلى أن اكتمال عمليات سداد مستحقات أصل الدين مبكرا في أيار (مايو)، وقبل نهاية العام، قد وضع المملكة في موقف أفضل للتعامل مع تحديات ارتفاع أسعار الفائدة المتوقعة، مع خيار انتهاز أي فرصة تمويلية تقدمها الأسواق "والتي يقابلها احتياج تمويلي لمشاريع تنموية".
وبعد جمع ما يقارب من 43 مليار ريال، حسب الاحتياجات التمويلية لـ 2022، وذلك بغرض سداد مستحقات أصل الدين، فإن مستثمري الدخل الثابت بدأوا يتساءلون فيما إذا كان الباب لا يزال مفتوحا للسعودية من أجل طرح إصدار دولي، خصوصا في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتميز سوق الدين المحلية وازدياد عوائد النفط.

أدوات الدين الخليجية

من ناحية أخرى، تراجعت إصدارات أدوات الدين الخليجية بمقدار 69.5 في المائة على أساس سنوي، حيث وصلت إلى 11.6 مليار دولار بنهاية الربع الأول، مقارنة بـ38.1 مليار دولار عن الفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب رصد وحدة التقارير الاقتصادية، فإن إصدارات الربع الأول من أدوات الدين هي الأدنى منذ ستة أعوام، بل إن هذا المستوى المتدني من إصدارات السندات والصكوك لم يشاهد إلا في 2016 عندما بلغت إصدارات الربع الأول 6.4 مليار دولار.
وتعود البداية الفصلية البطيئة لمجموعة من العوامل مثل النظرة التشاؤمية لارتفاع تكلفة التمويل على الجهات الخليجية بسبب الصعود القياسي لعوائد سندات الخزانة الأمريكية والأزمة الأوكرانية التي أغلقت نوافذ الإصدار بشكل مؤقت وتحسن مالية الحكومات الخليجية بسبب ارتفاع أسعار النفط. وارتكزت تلك البيانات على الدراسة الإحصائية التي قامت بها إدارة أدوات الدخل الثابت لبنك أبوظبي الأول. كما ارتكزت البيانات على ما تم إصداره من أدوات دين بالعملات الصعبة.

صعود عائد سندات الخزانة

بحسب التقويم الرسمي لإصدارات الصكوك المحلية للمملكة، تشرع السعودية غدا بعقد مزاد خاص بصكوك مقومة بالريال وسط صعود عائد سندات الخزانة الأمريكية لمستوى قياسي. مع العلم أن جهة الإصدار السيادية تملك خيار المضي قدما من عدمه مع الإصدارات الشهرية، وذلك بعد اكتمال سداد مستحقات أصل الدين حسب الاحتياجات التمويلية لـ 2022. وارتفعت السندات الحكومية الأمريكية لمدة عشرة أعوام إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من 11 عاما بسبب تسارع التضخم واحتمال تشديد السياسة النقدية أكثر من المتوقع.
وصعد عائد سندات الخزانة لآجل عشرة أعوام بواقع 10 نقاط أساس إلى 3.49 في المائة. خلال الأسبوعين الأوليين من حزيران (يونيو) وهي مستويات يتم مشاهدتها للمرة الأولى هذا العام. ومن شأن ذلك الصعود في عوائد الخزانة أن يصعد بتكلفة التمويل لجهات الإصدار التي تعتمد على الدولار أو العملات المحلية المرتبطة به. وتأتي تلك التطورات وسط توقعات بشأن تشديد السياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي وتوقعات رفع الفائدة، بالتزامن مع ارتفاع عائد سندات الخزانة الأمريكية.

تقييم أسعار شرائح الصكوك

يسترشد المتعاملون بأسواق الدين بالسعودية بحركة عوائد آجال الاستحقاق المتباينة لسندات الخزانة، وذلك خلال تقييمهم لأسعار شرائح الصكوك المطروحة خلال المزاد الشهري، وأظهر رصد الصحيفة أن العائد على سندات الخزانة الأمريكية يعيش حاليا فترات تشهد تقلبات يومية كبيرة وتأرجحا واضحا في العائد.
وكان عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام، قد واصل ارتفاعه منذ إعلان البنك الاحتياطي الفيدرالي رفع الفائدة، وسط تركيز المستثمرين على مخاوف التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي.
اكتمال عمليات التمويل وبحسـب بيـان الميزانيـة الرسـمي لـ 2022، فمـن المتوقـع ثبـات حجـم الديـن العـام عنـد 938 مليـار ريـال بنهايـة 2022. وعليـه، مـن المتوقـع أن تشـكل الاحتياجات التمويليــة لـ 2022 مــا يقــارب 43 مليــار ريــال لســداد مســتحقات أصــل الديــن، إضافة إلـى إمكانيـة النظـر فـي عمليـات تمويليـة اسـتباقية بحسـب أوضـاع السـوق. يذكر أن توقعات استقرار محفظة الدين هي بحسب نهاية العام، حيث تتم عمليات التمويل للعام بأشهر مختلفة عن سداد أصل الدين المستحق خلال العام.
وفي 26 مايو، أعلن المركز الوطني لإدارة الدين عن انتهائه من ترتيب عدد من الإصدارات ضمن برنامج صكوك المملكة المحلية بالريال السعودي لسداد مستحقات أصل الدين حسب الاحتياجات التمويلية لعام 2022، وبحجم تمويل يقارب 43 مليار ريال.
وأوضح المركز أنه سيستمر- وفقا لخطة الاقتراض السنوية المعتمدة- بالنظر في إمكانيـة الدخـول في عمليـات تمويليــة إضافيــة اســتباقية، وحسب أوضاع السوق عبــر القنــوات التمويليــة المتاحــة، ســواء محليــا أو دوليا من خلال أســواق الديــن والتمويــل الحكومــي البديــل، وذلك لتعزيز وجود المملكة في أسواق الدين وإدارة مستحقات أصل الدين للأعوام المقبلة، إضافة إلى تمويـل المشـاريع الرأسـمالية والبنيـة التحتيــة، التي من شأنها الإسهام في تعزيـز النمـو الاقتصادي مــع الوضع في الحسبان حركة الأسواق وإدارة المخاطر في محفظة الدين الحكومي. وقد شملت تلك الإصدارات عمليات تمويل استباقية كان منها الشراء المبكر لعدد من الإصدارات الحكومية المحلية وعمليات تمويل أخرى لاستحقاقات ستكون في أعوام 2023، 2024، و2026.
وبحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى بيان وزارة المالية، فإن الدين العام للسعودية ارتفع نحو 2.2 في المائة بنهاية الربع الأول من العام الجاري إلى 958.64 مليار ريال، مقارنة بنحو 938 مليار ريال بنهاية العام الماضي، وبلغت نفقات التمويل في ميزانية الربع الأول نحو 6.6 مليار ريال، وهي تزيد بنحو 15 في المائة على أساس سنوي.
وعرفت وزارة المالية "نفقات التمويل" بأنها المبالغ، التي يجب على الحكومة دفعها للدائن مقابل أصل الدين القائم كسندات الخزانة، والصكوك الحكومية، والقروض، والحسابات المدينة. وكانت المالية السعودية قد توقعت بلوغ الدين العام نحو 938 مليار ريال للعام الجاري، مقارنة بدين يبلغ 937، كما في ميزانية 2021، وذلك كنتيجة لتحقيق فوائض مالية في ميزانية 2022.
وتوقعت وزارة المالية أن يستقر حجم الدين العام لميزانية 2022 و2023 و2024 عند 938 مليار ريال، مقارنة بتقديرات سابقة عند 989 مليار ريال للأعوام الثلاثة. يذكر أن المركز مستمر في العمل على توسيع قاعدة المستثمرين، وتعزيز قنوات التواصل معهم، والوصول إلى مناطق جغرافية جديدة، إضافة لاستقطاب مؤسسات مالية دولية إلى برنامج المتعاملين الأوليين وجذب رؤوس الأموال للاستفادة من الفرص المتاحة في أدوات الدين، التي يرتب المركز إصدارها.

منحنى العائد

وأسهمت التغيرات الاستثنائية في حركة عوائد سندات الخزانة الأمريكية في إحداث بعض التغيرات "المتوسطة" على الشكل العام لمنحنى العائد السيادية للسعودية. وقبيل طرح مزاد شهر أيار (مايو) للسعودية، تأثرت جميع السندات الدولارية، وكذلك أدوات الدين الحكومية "المقومة بالعملة المحلية والمرتبطة بالعملة الدولارية" بالأسواق الناشئة مع الارتفاعات السريعة لعوائد الخزانة، التي فرضت على بيوت الخبرة تحديث توقعاتهم لما ستؤول إليه تلك العوائد بنهاية العام.
ويرى العاملون بأسواق الدخل الثابت أن الأسعار الحالية لأدوات الدين تعكس الأوضاع الحالية لمخاطر انعكاسات ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية والأزمة الأوكرانية على بعض الدول المتأثرة. فالأزمة الأوكرانية لا تحرك حاليا أسواق الدخل الثابت "بسبب التسعير السابق لتلك المخاطر"، إنما الذي يحرك تلك الأسواق هي تحركات عوائد سندات الخزانة الأمريكية.

الطرح المحلي

تطرح حكومة السعودية غدا الإثنين مزادا شهريا من الصكوك الادخارية الخاص بشهر حزيران (يونيو)، الذي تبدأ فيه باستقبال طلبات المستثمرين "الذين يبحثون عن الاستثمار الآمن والتوزيعات الدورية المضمونة" بأدوات الدخل الثابت المتوافقة مع الشريعة، وسيتم تسوية الإصدار المحلي، في حال إتمام عملية الإصدار، الخميس من الأسبوع الحالي، يذكر أن هذا المزاد الشهري يعد السادس لهذا العام.
وحول موعد الإصدارات الشهرية، فقد تقرر طرح الإصدار خلال الإثنين، في حين تتم التسوية الخميس من أسبوع الطرح، حيث يستطيع المستثمرون الاطلاع على مواعيد الطرح المحدثة عبر صفحة مخصصة بمنصة "بلومبيرج"، تعرف اختصارا بـDMSA. وتتناسب تلك التعديلات مع أيام عمل السوق الدولية، فيما يتعلق بإعلانات الإصدار ومواعيد التسوية.
ويحتاج العاملون في إدارات الخزانة للبنوك، وكذلك المؤسسات الاستثمارية من معرفة مبكرة لموعد الطرح من أجل تخصيص المبالغ المطلوبة في ظل تدني نسبة التخصيص واشتداد المنافسة بين المستثمرين على الإصدارات الحكومية.
وبخصوص الطرح المقوم بالريال السعودي، فإنه لا يعرف حتى الآن إذا ما كانت جهة الإصدار السيادية تنوي إعادة فتح إصدار سابق أو طرح إصدار جديد بالكامل أو مزيج بين المنهجيتين. مع العلم أن جهة الإصدار تملك خيار عدم التخصيص للمستثمرين بعد تسلمهم طلباتهم، كما فعلت في ديسمبر 2020، حيث يعد خيار عدم التخصيص أمرا طبيعيا ومتعارفا عليه في السوق المالية.
ويأتي الطرح المحلي بعد موافقة المقام السامي في مارس 2020 على زيادة نسبة الاقتراض للناتج المحلي من 30 في المائة كسقف إلى 50 في المائة، حيث تتوقع وزارة المالية ألا يتم تجاوز تلك النسبة من الآن حتى نهاية 2022.

البنية التحتية للتداول

من ناحية أخرى، نجحت الجهات السعودية في تطوير البنية التحتية للتداول الإلكتروني "الخاصة بأسواق الدين"، الأمر الذي يتيح أتمتة الأسعار المدرجة على منصة "تداول" للمتعاملين الأوليين.
وأبرزت وثيقة الملامح العامة لخطة الاقتراض السنوية الصادرة من المركز الوطني لإدارة الدين في 2020 تلك الخطوة كإحدى مبادرات تطوير أسواق الدين المحلية.
وتطرقت الوثيقة الرسمية كذلك لمبادرة تعزيز تسوية السوق الأولية المحلية من خلال السماح بتسويات التسليم مقابل الدفع للمتعاملين الأوليين، التي من شأنها أن تحد من مخاطر التسوية على المتعاملين الأوليين.
وبالعودة إلى المبادرة الأولى، فإن السعودية بذلك تنجح في تعميق السوق الثانوية لأدوات الدين بحيث تكون مماثلة لسوق الأسهم بسهولة التداول. وعن التفاصيل الفنية لهذه المبادرة، فإن نظام التداول يعمل على تمكين أتمتة تسعير صانع السوق لأدوات الدين المدرجة من خلال السماح بإرسال زوج من الأوامر "شراء وبيع" بشكل مستمر ومؤتمت، وذلك للحفاظ على التزامات الفارق السعري للورقة المالية، وتم تطوير هذه الخدمة، والحديث لتلك المصادر، لحماية صناع السوق من الأخطاء البشرية ولتفعيل محركات التسعير المسؤولة عن مراقبة سعر الورقة المالية.

تسوية السندات الحكومية

ومنذ منتصف حزيران (يونيو) من 2021، شرعت "كلير ستريم"، مزود خدمات ما بعد التداول لمجموعة البورصة الألمانية، في ربط سوق المالية السعودية بشبكتها من خلال الربط مع شركة مركز إيداع الأوراق المالية "إيداع" المملوكة بالكامل من قبل مجموعة تداول السعودية والمسؤولة عن تشغيل وصيانة نظام الإيداع والتسوية.
وسيسهل هذا الربط دخول المستثمرين الدوليين للسوق المالية السعودية، من خلال توفير تسوية السندات الحكومية والخاصة غير القابلة للتحويل وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق السعودية والمقومة بالريال السعودي.
يمكن لعملاء "كلير ستريم" المؤهلين الاستثمار في سوق الصكوك والسندات وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق المالية السعودية دون الحاجة إلى تقديم طلب التأهيل كمستثمر أجنبي مؤهل، إضافة إلى إمكانية استخدام حساباتهم الحالية المسجلة لدى "كلير ستريم". ولأول مرة، يمكن للمستثمرين الدوليين تملك الأوراق المالية السعودية ذات الدخل الثابت وصناديق المؤشرات المتداولة من خلال حساب المرشح الأجنبي المشترك، ويمكنهم أيضا الاستفادة من خدمات مراكز الإيداع الدولية المعروفة، وذلك يتضمن خدمة التسوية الداخلية. ونتيجة لذلك، من المتوقع زيادة الطلب على أدوات الدين الحكومية من المستثمرين الدوليين، وبالتالي تعزيز مستوى السيولة في السوق المحلية.

خطة الاقتراض السنوية

وصادق مجلس إدارة المركز الوطني لإدارة الدين في كانون الثاني (يناير) على خطة الاقتراض السنوية لعام 2022. حيث اشتملت على توقعات ثبات حجم الدين بحسب بيان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2022، إضافة إلى مواصلة المركز الوطني لإدارة الدين بمراقبة السوق واغتنام الفرص استباقيا لتعزيز جودة محفظة الدين مع الوضع في الحسبان التغير المتوقع في أسعار الفائدة.
وتضمنت الخطة توقعات بثبات حجم الدين العام عند مستوى 938 مليار ريال- وفق إعلان الميزانية العامة- مع التوجه نحو اقتراض ما يقارب 43 مليار ريال، لسداد مستحقات أصل الدين. إضافة إلى إمكانية النظر في عمليات تمويلية إضافية استباقية من خلال القنوات التمويلية المتاحة، سواء محليا أو دوليا بما في ذلك أسواق الدين والتمويل الحكومي البديل لتمويل الفرص، التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي مثل تمويل المشاريع الرأسمالية والبنية التحتية، إضافة إلى بقاء استراتيجية الدين، التي يعمل بها المركز على وضعها الحالي.
يشار إلى أن المركز أعلن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي اكتمال خطة الاقتراض لـ 2021 بقيمة وصلت إلى 125 مليار ريال، كانت نسبة التمويل المحلي منها 60.5 في المائة، فيما بلغت نسبة التمويل الدولي 39.5 في المائة من إجمالي الخطة، حيث تضمنت إصدار سندات سيادية بقيمة مليار ونصف يورو بأكبر شريحة عائد سلبي على الإطلاق خارج دول الاتحاد الأوروبي، حيث بلغ إجمالي الإصدار 1.5 مليار يورو وبلغت نسبة تغطيتها 3.3 مرات "بما يقارب خمسة مليارات يورو"، وغيرها من المصادر التمويلية الأخرى.

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة