ثقافة الادخار وكفاءة الإنفاق

في الدين الإسلامي كثير من النصوص التي تحث على الادخار وضبط الإنفاق، وفي التراث العربي كذلك أقوال وأمثال تدعو إلى حفظ القرش الأبيض لليوم الأسود.
ومع أهمية ثقافة الادخار إلا أنها ظلت "ثقافة غائبة" يتحاشى الكُتاب الدعوة إليها أو حتى الحديث عنها، ربما حتى لا يتهم الكاتب بالدعوة إلى البخل أو ما يشبه ذلك. ورغم ذلك عزمت اليوم أن أكتب عن هذا الموضوع، لأن الادخار أصبح ضرورة لا ترفا، خاصة للأسر والأفراد.
أما كفاءة الإنفاق فهي تخص الجهات الحكومية والشركات والمؤسسات الكبرى، وحققت الجهات الحكومية المسؤولة نجاحا كبيرا في ضبط المصروفات، تماشيا مع توجيهات رؤية 2030، التي تطرقت أهدافها لكل مناحي الحياة والأعمال. ولكي نوثق الحديث حول هذا الموضوع المهم، نبدأ بتعريف ثقافة الادخار، على أنها تحسين السلوكيات المالية للأفراد، ورفع مستويات الوعي والثقافة الادخارية، بحيث يتمتع الأفراد بالقدرة على اتخاذ قرارات مالية سليمة.
كفاءة الإنفاق، تعرف بأنها حسن التصرف في إنفاق الأموال والموارد والترشيد وضبط النفقات وإحكام الرقابة عليها لتلافي النفقات غير الضرورية.
ولأهمية مفهوم الادخار، احتفل العالم منذ أكثر من 90 عاما باليوم العالمي للادخار في آخر يوم من تشرين الأول (أكتوبر)، ويفترض أن نستغل هذا التاريخ لنشر الوعي في مجتمعاتنا عن هذا السلوك المفيد على مستوى الدول والأفراد والأسر، من خلال تنظيم محاضرات وندوات للحث على الادخار والتوفير، إذ إن هذه الثقافة، كما أشرنا، غائبة في مجتمعنا.
وتؤكد الدراسات التي أجريت لتطوير القطاع المالي أن معدل الادخار لدى الأسر السعودية من أدنى المعدلات في العالم، بينما تأتي الصين والهند في مقدمة العالم. ولا تتجاوز نسبة الادخار لدى الأسر السعودية 2.4 في المائة، بينما تعادل 23.40 في المائة بالنسبة للصين والهند على التوالي. ويستهدف برنامج القطاع المالي رفع النسبة إلى 29 في المائة، وهي قفزة موضوعية، وتعد هذه النسبة أبرز التحديات التي تواجه تطبيق أهداف برنامج تطوير القطاع المالي السعودي. وعلى الرغم من أنه تحد كبير إلا أنه ممكن إذا تم التخطيط له بعناية كما يقول الخبراء.
وقد تم العمل على الاستراتيجية الوطنية للادخار بهدف معالجة المستويات المتدنية للادخار، وتم إصدار هذه الاستراتيجية بحيث يتمتع الأفراد بالقدرة على اتخاذ قرارات مالية سليمة. وعلى الجهات الحكومية ذات العلاقة توفير منتجات آمنة وذات معايير عالية، مع إيجاد مختلف الأدوات والقنوات الادخارية المنوعة أمام الأفراد، ما يسهل لهم الوصول إلى المنتجات المالية وتوفير أطر تنظيمية وتشريعية داعمة.
وأخيرا، يبرز دور الأسر والأفراد بالعمل على وضع خطة للادخار تقوم على تخفيض النفقات غير الضرورية والاستغناء عن كثير من الكماليات ورحلات السفر المكلفة، كما نتطلع إلى إطلاق برنامج توعية شامل بمناسبة اليوم العالمي للادخار تقوم بإعداده وتنفيذه وزارة الإعلام، بالتعاون مع وزارة المالية، وكذلك وزارة التعليم، لنشر هذه الثقافة بين طلاب المدارس، ويمكن أن تتحمل البنوك تكاليف هذا البرنامج التوعوي، باعتبارها المستفيد الأول من نجاح برامج الادخار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي