قصر المربع .. شاهد على الإنسانية
يحكي الملك سلمان بن عبدالعزيز عن موقف إنساني لوالده المؤسس للمملكة وقت بناء قصر المربع التاريخي، وأنه اعترض على الدوام الكامل للعمل خلال شهر رمضان المبارك.
وقال الملك سلمان إن والده لاحظ عمالا تحت أشعة الشمس الحارقة لدى متابعته أعمال بناء قصر المربع في رمضان، وحينها سأل المشرف عليهم عن مواعيد عملهم، وعندما رد رئيسهم بأنهم يعملون من الصباح حتى وقت العصر، تعجب الملك المؤسس.
وأضاف الملك سلمان، "أن الملك عبدالعزيز رد وقال أنا لا أعمل بيدي وأستعمل السيارة وأشعر بالعطش، من الآن وصاعدا لا تعملوا في رمضان أكثر من أربع ساعات في أول النهار ولكم أجركم كاملا".
واتخذ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن "قصر المربع" مقرا لإقامته، ومركزا لإدارة شؤون الحكم، وتصريف أمور الدولة إلى جانب قصر الحكم.
وتعود قصة القصر، إلى خمسينيات القرن الـ14 الهجري، حينما أرادت مدينة الرياض القديمة المحاطة بأسوار عتيدة ذات أبواب خمسة، أن تتنفس الصعداء خارج أسوارها، بعد أن ضاقت مساحتها في استيعاب حركة التوسع العمراني والبشري للمدينة بسبب توافد سكان مناطق المملكة المختلفة للإقامة فيها، فوجه الملك عبدالعزيز في 1355هـ بالشروع في بناء مجمع من القصور ضمن سور واحد خارج الرياض، سميت بقصور المربع، ويتضمن أحد وحدات هذا المجمع ديوان الملك عبدالعزيز "قصر المربع" الموجود حاليا.
ولم تكن فكرة بناء قصور خارج الرياض، الأولى في تاريخ الدولة السعودية التي نمت وكبرت في فترة زمنية قصيرة، بل سبقها بناء قصر "عتيقة" للأمير محمد بن عبدالرحمن، وقصر "الشمسية" للأمير سعود الكبير، في حين تزامن بناء قصور المربع مع إنشاء قصور أخرى مثل، قصر "البديعة" الذي خصص لاستضافة كبار الزوار والشخصيات المهمة للدولة.
وشيد قصر المربع - حسبما ذكرت دارة الملك عبدالعزيز - على أرض يطلق عليها "مربع آل سفيان" وهي أرض خصبة مستوية تزرع في مواسم الأمطار، وتحيط بها بساتين الفوطة والحوطة من الجنوب، ووادي البطحاء من الشرق، ووادي أبو رفيع من الغرب، وبعض المرتفعات البسيطة من الشمال، وتبعد نحو كيلومترين عن مدينة الرياض القديمة، في حين استخدم في تصميم عمارة القصر اللبن، والحجارة المحلية، وجذوع الأثل، وجريد النخل.
ورصدت الدارة المراحل المهمة من تاريخ المملكة بعد انتقال الملك عبدالعزيز إلى قصر المربع في 1357هـ الموافق 1938 مع أسرته، حيث استضاف عددا من ملوك الدول العربية والإسلامية ورؤسائها، وشهد أحداثا رئيسة وقرارات ملكية في تاريخ البلاد كإنشاء وزارة الدفاع، والإذاعة السعودية، ومؤسسة النقد العربي السعودي، وإصدار العملة السعودية، والمدارس النظامية، وإنشاء السكة الحديد بين الرياض والدمام، وظهور النفط بكميات تجارية، إضافة لإصدار بعض الأنظمة كنظام البرق، الطرق والمباني، التقاعد، العمل والعمال، الغرف التجارية وجوازات السفر.