الابتكار الطائر

كثير منا سمع عن الأطباق الطائرة وبعضنا شاهدها كذلك من خلال الأفلام القديمة التي كانت تعرض في مشاهدها، وكأنها قدمت من كوكب آخر، وكثير كان يعد ذلك ضربا من الخيال، واليوم مع تطور التقنيات الإلكترونية الحديثة والابتكارات الحديثة والنوعية، أصبح الخيال حقيقة، وما يقوم به بعض الشركات في هذا العالم التقني السريع من جعل ما كان يتوقع أنه خيال أو حلم ولا يمكن تطبيقه، إلى واقع مملوس يمكن محاكاته من خلال تطوير مبتكراتها الإلكتروميكانيكية وتحديثها، جدير بالمناقشة والذكر، ولذا سيكون موضوع حديث مقالي هذا عن الأطباق الطائرة، واستخداماتها المتعددة ومساهمتها في إيجاد بيئة نقية ورفاهية مستقبلية، واقتصاد مستدام وواعد.
لعل من الموضوعات المثيرة للجدل هو هل هناك بالفعل أجسام أو أطباق أو ما يسمى الصحون الطائرة، وكون هذا الموضوع من الموضوعات التي تحظى بأهمية كبيرة، خصوصا في المجتمع الأمريكي، لذا شكل كثير من اللجان المختصة، خصوصا في الولايات المتحدة لدراسة هذه الظاهرة والتحقق منها، خصوصا بعدما كان هناك كثير من المشاهدات لهذه الأطباق الجوية غير المعروفة، وأصبح الناس يتحدثون عنها ما بين مصدق، كونها حقيقة والجانب الآخر غير المصدق بها إطلاقا. وأصبحت هنالك أفلام ومشاهد تحاكي واقع هذه الظاهرة، ولعل الذين هم في جيلي ما زالوا يتذكرون الأفلام الكرتونية الشهيرة مثل جريندايزر ودوق فليد Grendizer and Duke Fleed، أحد الأفلام اليابانية المدبلجة للعربية في 1979، وأفلام "ستار وورز" أو ما يسمى أفلام حرب النجوم، وعديدا من هذا القبيل، وبغض النظر عن تلك المشاهدات والأفلام وغيرها، آن لنا الآن أن نتساءل: هل هناك وجود فعلي للأجسام الطائرة، وهل يمكن لنا القول إن مستقبلا مقبلا يمكننا من قيادة أو ركوب أطباق أو مركبات تشبه الصحون الطائرة بدلا من السيارات.. أو ما يسمى الجيل الحديث المقبل من وسائل النقل.. أو ثورة النقل المقبلة.
ما نشاهده اليوم من تقدم تقني إلكتروني هائل يجيب لنا عن هذه التساؤلات، فاليوم ابتكر العلماء عديدا من الابتكارات التقنية المبهرة وأصبحنا نشاهد أسرابا من الطائرات دون طيار متعددة الاستخدام سواء المدنية أو العسكرية الدفاعية، بل تطور الأمر إلى أن عديدا من الشركات الكبرى، كما ذكرت في مقالات سابقة، تتنافس في استحداث أدق وأصغر وأقل تكلفة لمثل هذه التقنيات الإلكترونية، حسب الأغراض والمهمات المعدة لاستخدامها.
خلال زيارتي الشهر الماضي للولايات المتحدة، كان هناك معرض أمريكا الشمالية الدولي للسيارات North American International Auto Show: NAIAS، في مدينة ديترويت، وهي تعد من أكبر مدن ولاية ميشيغان، ومن خلال المعرض كانت هناك العروض المتعددة للشركات العالمية المصنعة للسيارات والتطورات المتقدمة التي توصلت لها هذه الشركات في منتجاتها التصنيعية وتطويرها ابتكاريا، واللافت للنظر ما تم عرضه من قبل إحدى الشركات اليابانية الناشئة والمتخصصة في صناعة الطائرات دون طيار، إيروينز تكنولوجيز AERWINS Technologies، التي يرأسها شوهي كوماتسو Shuhei Komatsu، كمدير ورئيس تنفيذي ورئيس لمجلس إدارتها، حيث قامت بعرض دراجة هوائية على شكل طبق طائر، أطلق عليها اسم إكس توريزمو الطائرة XTURISMO، جذبت أنظار الزوار والمشاركين في المعرض، حيث تتميز بعدة مميزات، منها أنها تستطيع الطيران لمدة 40 دقيقة، وتصل سرعتها ما بين 80 و100 كيلومتر في الساعة، ويبلغ وزنها 300 كيلو وطولها 3.7 متر وعرضها الإجمالي 2.4 متر وارتفاعها الكلي 1.5 متر، وحمولتها تصل إلى نحو 100 كيلوجرام، وأصبح من المؤكد أن ما كان يعد حلما أو خيالا أصبح واقعا حقيقيا حاضرا يعرض للعيان. الجدير بالذكر أن هذه الشركة اليابانية الناشئة AERWINS هي التي طورت أول دراجة طيران في العالم، وهي الآن معروضة ويمكن طلب شرائها بالفعل حاليا في اليابان، وحسب تصريحات مسؤولي الشركة بأن هناك تطويرا سيتم لإصدار نموذج أصغر لها في الولايات المتحدة بحلول 2023 بسعر يقدر بـأكثر من 750 ألف دولار، والعمل كذلك جار لإصدار نموذج كهربائي لها أصغر حجما بحلول 2025، ما يقلل من تكلفتها الإجمالية الحالية.
ومثل هذه التطورات الابتكارية لدى الشركات التي تتم من خلال الاستفادة مما لديها من إمكانات مادية وبشرية مثل استفادة شركة AERWIN من خبراتها في صناعة الطائرات دون طيار، يوجد لنا مثل هذه الابتكارات التقنية الرائعة، التي ستخدم البشرية في عدة مجالات، خصوصا في مجال الخدمات والنقل، وستغير في هيكلة المجتمعات، على غرار ما نشاهده اليوم من تكدسات وازدحام وحوادث مرورية، وتلوث للهواء من عوادم وسائل النقل الحالية المختلفة، والمشكلات البيئية والصحية التي تنتج عن ذلك، ولا شك أن ذلك يحتاج إلى توفير البنية التحتية والقوانين الضرورية واللازمة، التي تمكن أي شخص من استخدام المجال الجوي بأمان وبشكل ملائم، لذا أرى أن مثل هذه الأفكار التي تخدم واقعنا سيكون لها الأثر الفاعل في إيجاد بيئة نقية تسودها الرفاهية، بحيث نبدأ بالتركيز على دراسة مثل هذه الابتكارات وتوفير البيئة المناسبة للمختصين والمبتكرين والدارسين في جميع المراحل التعليمية لتطوير هذه الأفكار، لكي نواكب المستجدات العالمية ونلحق بها ونحقق اقتصادا مستداما وواعدا في استثمار مثل هذه الابتكارات قريبا بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي