تكلفة الرهن العقاري عند أعلى مستوى خلال أكثر من 16 عاما
شهدت السوق العقارية المحلية الأسبوع الماضي تنفيذ أكبر صفقة تجارية خلال العام الجاري في مدينة الدمام، بقيمة إجمالية وصلت إلى نحو 2.9 مليار ريال على مخطط أراض كبير بمساحة إجمالية ناهزت 5.7 مليون متر مربع "متوسط السعر 510 ريالات للمتر المربع"، أنعشت بدرجة كبيرة القطاع التجاري والسوق خلال تعاملات الأسبوع، ودفعت إلى نمو نشاط القطاع التجاري بنسبة قياسية وصلت إلى 497.1 في المائة، ليستقر عند أعلى من 4.3 مليار ريال، ودفعت إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية إلى النمو أسبوعيا بمعدل قياسي وصل إلى 114.6 في المائة، ليستقر بدوره مع نهاية تعاملات الأسبوع الماضي عند مستوى ستة مليارات ريال.
في المقابل، استمر القطاع السكني على وتيرة الركود التي بدأها منذ مطلع الربع الثالث الماضي، مكملا بذلك أربعة أشهر متتالية من ركود الأداء ومسجلا انخفاضا أسبوعيا وصلت نسبته إلى 15.6 في المائة للأسبوع الثاني على التوالي، ومستقرا عند أدنى من 1.5 مليار ريال، كما انخفض إجمالي قيمة صفقات القطاعين الزراعي والصناعي للأسبوع نفسه بنسبة 36.2 في المائة للأسبوع الثاني على التوالي، مستقرا بدوره عند مستوى 220 مليون ريال.
مؤشرات الأداء الأسبوعي
سجلت قيمة صفقات القطاع السكني انخفاضا للأسبوع الثاني تواليا بنسبة 15.6 في المائة، استقرت على أثره عند أدنى من مستوى 1.5 مليار ريال "24.3 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية"، وانخفض إجمالي قيمة صفقات القطاعين الزراعي والصناعي بنسبة 36.2 في المائة، واستقر عند 220 مليون ريال "3.7 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية". بينما سجلت قيمة صفقات القطاع التجاري ارتفاعا قياسيا بنسبة 497.1 في المائة، واستقرت على أثره عند أعلى من 4.3 مليار ريال "72 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية"، مدفوعة من تنفيذ الصفقة العقارية التجارية الأكبر خلال العام الجاري في مدينة الدمام المشار إليها أعلاه.
أما على مستوى الأداء الأسبوعي لبقية المؤشرات الأخرى للسوق العقارية المحلية، فقد سجل عدد الصفقات العقارية انخفاضا أسبوعيا بلغت نسبته 24 في المائة، مستقرا مع نهاية الأسبوع عند أدنى من مستوى 2.9 ألف صفقة. وانخفض أيضا عدد العقارات المبيعة بنسبة 19.9 في المائة، واستقر حجم المبيعات الأسبوعية للسوق عند مستوى 3.1 ألف عقار مبيع، وأخيرا، سجل إجمالي مساحة الصفقات العقارية المنفذة خلال الأسبوع انخفاضا أسبوعيا بنسبة 28.6 في المائة، واستقر إجمالي المساحات المنفذ عليها عند مستوى 21.5 مليون متر مربع.
الرهن العقاري عند مستوى تاريخي
على الرغم من تنفيذ السوق العقارية أكبر صفقة تجارية خلال العام الجاري في مدينة الدمام، وهي من الصفقات نادرة التكرار، نظرا لضخامتها ولطبيعة أطرافها كمستثمرين لا مستهلكين، إلا أنها لم تتمكن في إخراج النشاط العقاري من حالة الركود المسيطرة عليه طوال الأشهر الأربعة الماضية، الذي بدأته مع مطلع تموز (يوليو) الماضي واستمرت فيه حتى نهاية الأسبوع الماضي.
وحسبما تمت الإشارة إليه في التقارير الأسبوعية السابقة، تصاعد تأثر القطاع السكني تحديدا بعديد من التغيرات الجذرية على مستوى العوامل الأساسية المؤثرة في نشاطه واتجاهاته، كان من أبرزها التباطؤ الذي طرأ بصورة لافتة على معدلات نمو القروض العقارية الممنوحة للأفراد، التي سجلت تراجعا حتى أحدث بياناته المنشورة عن البنك المركزي السعودي عن الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بنسبة 16.3 في المائة، وتزامنها مع الارتفاع المطرد لمعدل الفائدة على الاقتراض البنكي "معدل الفائدة على القروض بين البنوك SIBOR لفترة ثلاثة أشهر"، الذي وصل الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى له منذ نيسان (أبريل) 2006 عند معدل 5.3 في المائة، يعد الأعلى خلال أكثر من 16 عاما مضت، مرتفعا بنحو 440 نقطة أساس مقارنة بمستواه مطلع العام الجاري، مؤكدا دخوله في أسرع وتيرة ارتفاع له خلال العقدين الماضيين، خلال فترة وجيزة جدا لم تتجاوز نصف العام.
يحمل الارتفاع المطرد والمتسارع في معدلات الفائدة ضمنيا، ارتفاعا مطردا في تكلفة القروض البنكية عموما والقروض العقارية تحديدا، التي يذهب تأثيرها المباشر إلى المستهلكين الباحثين عن تملك مساكنهم، وهذا ما دفع بالشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري إلى تمديد فترة سداد القروض العقارية للمواطنين إلى 30 عاما، نتيجة للضغوط الناتجة عن ارتفاع معدل الفائدة، وما سيترتب عليه من ارتفاع في تكلفة الرهون العقارية على كاهل المقترضين. يقابل كل تلك التطورات والمتغيرات ارتفاع كبير في مستويات أسعار مختلف الأصول العقارية، كانت قد سجلته خلال الفترة 2019 - 2022 مدفوعة بارتفاع حجم القروض العقارية الممنوحة للأفراد طوال تلك الفترة، وخدمة الانخفاض الكبير الذي شهدته معدلات الفائدة طوال تلك الفترة.
يمكن التأكيد خلال الفترة الراهنة، على أن استمرار وسيطرة الركود على أغلب تعاملات السوق العقارية طوال الأشهر الأربعة الماضية، وتأهبه لدخول شهره الخامس على التوالي بالتزامن مع التراجع المستمر لحجم الصفقات والمبيعات العقارية، وتركزه بصورة أكبر في القطاع السكني لاتصاله بدرجة أكبر بشريحة المستهلكين، أنه قد بدأ في إحداث مزيد من الضغوط على الأسعار المتضخمة لمختلف الأصول العقارية، وستزداد تلك الضغوط مع استمرار الارتفاع في معدلات الفائدة، حيث بدأت الأسعار إما في تباطؤ نموها الشهري أو تسجيلها معدلات انخفاض في أغلب المدن والمحافظات، ويتوقع تحت الظروف الراهنة للقطاع التمويلي وتراجع الإقراض العقاري، أن تتعمق تلك الضغوط بصورة أكبر خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع تزايد ضخ كثير من الوحدات السكنية الجديدة، وتسارع وتيرة إصلاحات السوق العقارية "نظام الرسوم على الأراضي البيضاء"، وجميعها تدفع إلى ترجمة مزيد من الإصلاحات المنشودة على واقع السوق العقارية المحلية، والوصول بها إلى أوضاع تلبي احتياجات الاقتصاد الوطني والمجتمع على حد سواء، بما يحقق التوازن بين قوى العرض والطلب في السوق، وينتج عنه استقرار في مستويات الأسعار بعد موجة الارتفاعات القياسية التي شهدتها طوال الأعوام الأخيرة، تجاوزت من خلالها القدرة الشرائية لأغلبية المستهلكين.