صوت السيارات المزعجة .. هوس شبابي و2429 ورشة تعزز له
ربح لفئة محدودة، وإزعاج لباقي المجتمع، لعل هذا أقرب وصف للجوء بعض الشباب إلى تحويل أصوات سياراتهم إلى ضوضاء السيارات الرياضية، عن طريق استبدال أو تعديل مخرج عوادم السيارات "الشكمان"، إذ أن المستفيد فقط من هذا الفعل هي الورش التي يتقاضى بعضها ما بين 1500 و3000 ريال عن السيارة الواحدة. «الاقتصادية» تفتح هذا الملف مع مجموعة من المختصين، وتناقش أبعاد الظاهرة وأضرارها.
يمضي أبوبكر حامد المهندس الميكانيكي معظم وقته في ممارسة عمله أسفل السيارات في ورشته الواقعة في ناصية الدمام، لصيانة وإصلاح واستبدال عوادم السيارات "الشكمان"، جاهدا نفسه لإرضاء فئة من الشباب يرغبون في تحويل أصوات سياراتهم إلى أصوات السيارات الرياضية، مقابل حصوله على مبالغ مالية تراوح بين 1500 وثلاثة آلاف ريال للسيارة الواحدة.
ويلجأ عدد من مالكي السيارات خاصة من فئة الشباب إلى تعديل بعض أجزاء سياراتهم للحصول على صوت عال يشبه إلى حد كبير صوت السيارات الرياضية من خلال تعديل مخرج عادم السيارة أو ما يعرف بـ"الشكمان"، المسؤول عن إنتاج صوت عال وضجيج أثناء تشغيل السيارة.
629 ورشة جديدة لـ «الشكمانات»
ووجدت فئة من الشباب الراغبين في إجراء ذلك التعديل على سياراتهم، آلافا من ورش السيارات المنتشرة في أنحاء مناطق المملكة لتحقيق رغباتهم، فحسب إحصائية خاصة حصلت عليها "الاقتصادية" من وزارة التجارة فإن عدد السجلات التجارية المصدرة لنشاط إصلاح عوادم السيارات منذ بداية 2022 حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بلغ 629 سجلا تجاريا، ليصل إجمالي السجلات التجارية القائمة لنشاط إصلاح عوادم السيارات 2429 سجلا تجاريا.
وتشير إحصائية وزارة التجارة إلى أن إجمالي السجلات القائمة لنشاط مراكز وخدمات وصيانة السيارات 10.455 سجلا، فيما بلغ عدد السجلات المصدرة للنشاط ذاته منذ بداية عام 2022 حتى نهاية أكتوبر الماضي 2230 سجلا، وهي مراكز دخلت دائرة المنافسة لنشاط إصلاح عوادم السيارات، لما يحققه تقديم الخدمة أو بيع مستلزماتها من عوائد مالية محفزة لممارسة هذا النشاط.
تقليد السيارات الرياضية
أمام ذلك، قال مهندسون وأصحاب ورش إصلاح عوادم السيارات التقتهم "الاقتصادية" في الدمام، إن كثيرا من الشباب يعمدون إلى إضافة أو إزالة بعض أجزاء سياراتهم خاصة العوادم "الشكمانات" بغرض إضفاء صوت عال لسياراتهم أثناء القيادة.
وأضافوا أن السيارات الرياضية عادة ما تصدر أصواتا عالية ومميزة نتيجة للقوة الناتجة من المحركات الكبيرة التي قد تتسبب في إزعاج الآخرين، وأشاروا إلى أن فئة الشباب خاصة من أعمار ما بين 20 و35 عاما ترغب في الحصول على أصوات كتلك التي تصدرها السيارات الرياضية، لذا يرغبون في تركيب علب "شكمانات" و"هدرز" بكامل تمديداته من بينها ما يعرف بـ"الدبة" للتحكم في صوت السيارة وقد يستخدم إلى جانب ذلك جهاز تحكم في إنتاج الصوت ويكون بشكل قوي للغاية.
وأوضحوا أن القطع التي تستخدم لأداء هذا الغرض في محال وكماليات السيارات، ويتم تركيبها لدى الورش أو مراكز الصيانة المخصصة لإصلاح شكمانات السيارات، وأضافوا أنه يمكن تغيير علبة العادم بأخرى رياضية مع مراعاة النوع والأداء والمكونات الداخلية.
وأشاروا إلى أن علبة العادم المصنعة والموجودة في السيارة تحتوي على عناصر لإزالة غازات سامة تأتي من عادم السيارة، لذا فإن استبدالها بماسورة عادية يسبب ضررا بالبيئة، إضافة إلى إصدار صوت عال ومزعج.
وقال أبوبكر حامد، مهندس سيارات إن الحصول على صوت عال للسيارة يدفع مالكها إلى تغيير ما يعرف بـ"الدبة" وهو جزء يعمل على تقليل حدة صوت عادم السيارات أثناء القيادة، وكذلك الحد من تلوث الهواء بالكربون، لذا فإن تغيير هذا الجزء من السيارة واستبداله بقطعة أخرى وهي عبارة عن أسطوانة غاز صغيرة خاصة بتكييف السيارة يزيد من حدة صوت السيارة، ويكون لها أثر سلبي في البيئة.
وأضاف، بعض ورش إصلاح عوادم السيارات تقوم بثقب ماسورة العادم أو الشكمان وتركيب قطعة أخرى يمكن من خلالها التحكم في قوة صوت العادم. كما تجري إضافة دبابات صوت إلكترونية في بعض السيارات ويتم التحكم في الصوت عن طريق جهاز التحكم حيث يقوم سائق السيارة بخفض الصوت أو زيادته حسب رغبته.
وأشار إلى أن جميع أنواع السيارات قابلة لإحداث هذا التغيير للحصول على مستويات صوت مختلفة للعادم حتى الشاحنات و"السطحات" يمكن أن تضاف لها قطع أخرى لتغيير مستوى صوت العادم والتحكم فيه، موضحا أن هناك أجهزة مخصصة يتم تركيبها في السيارات الكبيرة أو الشاحنات تراوح قيمتها ما بين 2000 و15 ألف ريال.
10 زبائن يوميا
أوضح حامد أن عمال ورش السيارات يتقاضون ما بين 1500 وثلاثة آلاف ريال للقيام بهذا التعديل في السيارة وهذا المبلغ لا يشمل قيمة شراء الأجزاء أو القطع التي تؤدي هذا الغرض.
وأضاف أن بعض الورش تستقبل شهريا ما بين عشرة و15 زبونا يرغبون في تعديل هذه الأجزاء حتى يتمكنوا من التحكم في أصوات سياراتهم والحصول على أصوات تشبه أصوات السيارات الرياضية الفخمة.
وأوضح أن "الدبة" الأصلية في السيارة مهمتها كتم الصوت ومنع دخول الأتربة والأوساخ للعادم وكذلك الحد من تلوث الهواء بالكربون، بالتالي فإن تغييرها قد يضر بالبيئة فضلا عن الضجيج الذي تحدثه السيارة ويزعج الكثيرين.
من جهته، أشار أحمد يوسف مختص في إصلاح وصيانة عوادم السيارات، إلى أن استبدال العوادم الأصلية بأخرى معدلة أصبح أمرا سائدا متعارفا عليه في جميع ورش السيارات، خاصة المتخصصة في إصلاح وصيانة العوادم، خاصة أن هذا النشاط يحقق عوائد مالية جديدة لأصحاب الورش.
وبين أن معدل من يرغبون في إجراء هذا التعديل على سياراتهم يراوح بين 50 و100 شخص شهريا، أما تكلفة أعمال اليد أو "المصنعية" فتتوقف على نوع السيارة وطبيعة التعديل ولكنها في الأغلب تكون ما بين ثلاثة وعشرة آلاف ريال، إلا أن الأمر يتطلب الحصول على موافقة من إدارة المرور للقيام بذلك.
وأوضح يوسف أن فئة الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 21 و35 هم الأكثر رغبة في إجراء تلك التعديلات في عوادم سياراتهم بغرض زيادة قوة المحرك وصوت السيارة.
تلوث البيئة
من جانبه، قال الدكتور سعد الدهلوي، أستاذ البيئة في كلية الصحة العامة في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل في الدمام، إن عوادم السيارات والشاحنات تمثل أحد أهم مصادر التلوث البيئي، وتشكل مصدرا لأمراض خطيرة على صحة الإنسان.
وأشار الدكتور الدهلوي إلى أن أغلب الشركات المصنعة للسيارات تتجه الآن نحو استخدام الطاقة النظيفة أو على أقل تقدير نحو استخدام تقنيات تحافظ على البيئة، إضافة إلى استخدام فلاتر في عوادم السيارات التي تقوم بتصفية أكبر قدر ممكن من الأدخنة الضارة على البيئة.
وأضاف، لكن في المقابل هناك فئة من بعض الشباب تقوم بإحداث بعض التغييرات والتعديلات في عوادم السيارات والدبابات من أجل إحداث صوت عال للفت النظر، خصوصا في السيارات الرياضية، وهذه بلا شك ينعكس بأثر سلبي على المجتمع والبيئة، حيث تتسبب في زيادة التلوث الضوضائي.
ويرى الدكتور سعد أهمية وضع حد لهذه التغييرات ومعاقبة المخالفين كونها تعد مخالفة مرورية، وأيضا غرامة بيئية كونها تعد مصدر إزعاج للناس.
«المرور»: مخالفة مرورية
وفي الوقت الذي لم تتجاوب الإدارة العامة للمرور مع استفسارات "الاقتصادية"، سبق وأن حذرت في حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" من أن التعديل أو الإضافة على هيكل السيارة يعد مخالفة.
وقالت في تغريدة سابقة إن "إجراء أي تعديل أو إضافة على هيكل مركبتك دون اتخاذ الإجراءات النظامية، يعرض سلامتك للخطر ويجعلك عرضة للمخالفات المرورية".