ظاهرة تسارع الوقت

يرى كثير من الناس أن الوقت يمر بسرعة كبيرة دون أن يجدوا تفسيرا علميا أو نفسيا مقنعا لهذه الظاهرة. لا يمكن لأحد أن ينكر أن الشهر 30 يوما، وأن اليوم 24 ساعة، وأن الساعة 60 دقيقة، فلم إذا هذا التصور؟ لماذا تمضي أيام الفرح والسرور كأنها ساعات، على حين تمر ساعات الألم والحزن والانتظار كأنها شهور؟ يكفي أن تلاحظ ذلك حين تقع في أزمة سير خانقة وأنت على موعد مهم وحريص على أن تصل بأقرب وقت، كيف أن الدقائق تصبح كأنها ساعات! علما أنه الوقت ذاته وأن الساعة تدق بالنمط ذاته، لكن الإحساس بالوقت يختلف حسب الحالة المزاجية للإنسان. وصدق الشاعر العربي حين قال:
إن الليالي للأنام مناهل
تطوى وتنشر دونها الأعمال
فقصارهن مع الهموم طويلة
وطوالهن مع السرور قصار
انظر إلى فريقين في مباراة محتدمة كيف أن الوقت يمر على الفريق المهزوم بسرعة البرق، على حين يتباطأ بشكل لافت للفريق الفائز. هذه الظاهرة تسمى "الزمن الدماغي"، إذ يرى علماء الفسيولوجيا أنه لا توجد بقعة واحدة في الدماغ تكون هي المسؤولة عن كيفية إدراك الوقت، لكن هناك عديدا من آليات التوقيت في المخ، وتتضمن إحدى هذه الآليات السرعة التي تقوم بها خلايا الدماغ بتنشيط بعضها بعضا، وتشكيل شبكة عند القيام بنشاط ما، وكلما زادت سرعة الخلايا العصبية، شعر الإنسان أن الوقت يمضي بشكل أسرع، لأن الخلايا العصبية تطلق الناقل العصبي المعروف بالدوبامين Dopamine، الذي يؤثر في طريقة إدراك الدماغ للوقت.
فعند الاستمتاع تكون هذه الخلايا أكثر نشاطا، وتطلق مزيدا من الدوبامين، وحينها يرى العقل أن الوقت يمضي سريعا، على حين أنه عند الأزمات وعند فترات الضيق، فإن الخلايا لا تطلق كثيرا من الدوبامين وبالتالي يشعر الإنسان بتباطؤ الوقت.
وقد ورد في الحديث الصحيح قول الرسول صلى الله عليه وسلم، "لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان.. الحديث"، وقد وردت عدة شروحات لهذا الحديث، إذ يرى بعض العلماء أن المقصود بتقارب الزمان هو ما هو حاصل من تقارب بين المدن والدول والقارات وقصر المسافة بينها بسبب، وسائل الاتصال، والنقل الحديثة، وغيرها.. ويبقى السؤال هل من وسيلة لإبطاء أوقات الأنس والسرور؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي