السعودية في 2023 و2024

كثر من دول العالم تشهد آثارا اقتصادية ركودية متفاوتة نتيجة لحالة خوف واسعة بين المستثمرين من ركود الاقتصادات الرئيسة، حيث ابتعد أغلب المستثمرين الرئيسين عن الأسواق المالية التي تتأثر بشكل كبير من استمرار البنوك المركزية في رفع سعر فائدتها المدفوعة أساسا بارتفاع معدلات تضخم عالمية لم نشهدها منذ أربعة عقود.
البنوك المركزية الرئيسة في أمريكا وأوروبا واليابان تواصل إعلانها إجراءات تشديد السياسات النقدية، للسيطرة على التضخم وتخطي آثار أسعار الفائدة الأمريكية، في المقابل لا يزال النفط يحقق معدلات أسعار ملائمة للمنتجين وللمستهلكين، إذا ما أخذنا مصالح الدول بطريقة متوازنة اقتصاديا.
تواجه الدول النفطية تحديات تتعلق بتشديد السياسات النقدية في حين أن معدل التضخم لم يتخط على سبيل المثال في السعودية 3.1 في المائة خلال الفترة الماضية، ويعد رقما مثاليا على مستوى مجموعة دول العشرين وبفارق يقدر بـ41 في المائة عن مجموعة الدول الصناعية، أي مما وصلت إليه حالة التضخم في الدول الصناعية 7.7 في المائة، وبفارق كذلك يقدر بـ30 في المائة عن مجموعة دول OECD.
علاوة على ما سبق، لا تزال تقارير صندوق النقد بما في ذلك تقرير مجموعة دول OECD، تشير إلى أن معدل النمو للاقتصاد السعودي سيظل الأعلى عالميا بعد الهند في 2023 وبنسبة نمو 6 في المائة، وبـ3.5 في المائة لـ2024 للناتج المحلي الحقيقي على أساس سنوي، ولا سيما أن التقديرات تشير إلى أن معدل النمو العالمي في العامين المقبلين لن يتخطى 2.2 و2.7 في المائة على التوالي.
التضخم أصبح أكثر انتشارا ويتسع خارج نطاق الغذاء والطاقة، لذا يسعى كثير من دول العالم إلى تعزيز الأجور والحد من تدهور القوة الشرائية للعملات الوطنية، وهذا ما يفسر شراسة الحرب من البنوك المركزية على التضخم عبر رفع سعر الفائدة، وعلى الرغم من ذلك، تعمل الحكومات على وضع تدابير أساسية لمعالجة أزمة الطاقة وإجراءات أخرى تتعلق بحماية الأسر والشركات، من خلال سياسات مالية مضادة لآثار سحب الأموال من السوق، خصوصا الفئات الأكثر ضعفا أو عبر سياسات احتوائية مالية للشركات، ويختلف الأمر من دولة إلى أخرى. إضافة إلى الإجراءات الوقائية في الأمن الغذائي والاستدامة المالية الأساسية للاقتصاد.
أخيرا، إذا كانت المخاطر الرئيسة ظاهرة في الجوانب السلبية للآثار التضخمية وتشديد السياسات النقدية لمعظم دول العالم، بما في ذلك مجموعة العشرين ودول G7 ودول مجموعة OECD، أي دول التعاون والتنمية الاقتصادية ومعظمها تعيش ظروفا اقتصادية معقدة، إلا أن السعودية لديها مرونة اقتصادية كافية لتوفير نمو اقتصادي يخالف حالة التشاؤم العالمية، أي من الركود الاقتصادي، وذلك عبر استمرارها في تحقيق معدلات نمو عالية للناتج المحلي الحقيقي من النفط بما في ذلك مواصلة الإنفاق عبر الميزانية العامة وصندوق الاستثمارات العامة وتطوير بيئة الاستثمار الأجنبي في السعودية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي