إعجاز الأوعية الدموية
إن المتأمل في خلق الإنسان وما يحويه الجسم من أعضاء مختلفة لكل منها دور خاص به وفق نظام عجيب ليأخذ منه العجب كل مأخذ، وسيعلم يقينا أن وراء مثل هذا الإعجاز قدرة تفوق قدرة البشر. إنها القدرة الإلهية المعجزة، "وفي أنفسكم أفلا تبصرون". قد يتصور الإنسان أن الأوعية الدموية في جسمه صغيرة وهي التي تتكون من الشرايين والأوردة والشعيرات الدموية، لكن الواقع خلاف ذلك، فهي في حقيقتها شبكة معقدة طويلة لو جعلت في خط مستقيم لبلغ طولها أكثر من 60 ألف ميل، فإذا علم أن محيط الأرض يبلغ 24873 ميلا، فإن الأوعية الدموية في جسم الإنسان يمكن أن تدور حول الكرة الأرضية أكثر من مرتين!
يتدفق الدم في الجسم عبر الأوعية الدموية ويضخ القلب فيها نحو 6813 لترا من الدم يوميا، ما يعني أن الأوعية الدموية بإمكانها حمل ما يقدر بمليون برميل من الدم في جميع أنحاء الجسم مدى العمر. وكلما تقدم العلم أمكن اكتشاف مزيد من الإعجاز في خلق الإنسان، حيث اكتشف العلماء أخيرا أن سطح الأوعية الدموية الذي يبطنها عبارة عن غشاء أملس شديد النعومة ليس فيه خشونة ولا تعرجات، فإذا ما اختلت هذه النعومة بسبب طارئ كالتدخين أو السمنة المفرطة، فإن هذه التعرجات والخشونة تجعل الدم يترسب عليها وتعوق سيولته فتحدث الجلطة.
الشرايين أوعية دموية تخرج من القلب وتحمل دما محملا بالأكسجين إلى أصغر خلية في الجسم لإمدادها بالغذاء ويرجع لون الدم الأحمر الفاتح إلى وجود الأكسجين، وهي ذات نبض دائم. وتحوي جدران الشرايين الكبيرة مادة بروتينية تساعد على مطاطيتها وامتصاص الضغط المرتفع وتحوله إلى قوة مضافة تساعد على دفع الدم باتجاه أعضاء الجسم المختلفة.
أما الأوردة فتنقل الدم من أطراف الجسم إلى القلب وجدارها أرق من جدار الشرايين وأقل قوة ومرونة والدم المحمول داخلها ضارب للزرقة حاملا معه فضلات الجسم الناتجة عن نشاط العضلات لتعيدها إلى القلب. أما الشعيرات الدموية التي تنتشر في أعضاء الجسم المختلفة فهي تتكون من طبقة واحدة من الخلايا تشبه الشعر يراوح قطرها ما بين 0.007 و0.014 مليمتر، ويبلغ عددها نحو عشرة مليارات شعيرة وطولها مجتمعة نحو ألف كيلومتر.. فسبحان القائل، "هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه" الآية.