أحس أني كبرت
أي شخص يرى أنه كبر وشاخ وتقدم به العمر، أراه إنسانا متجددا.
إنسانا مستمتعا، نابضا بالحيوية، يود أن يظل شابا يافعا متدفقا.
الإقبال على الحياة سلوك جليل، يدفع المرء إلى الإتقان والإبداع والسمو.
أفخر بهذا الوعي الذي يلهمك التلذذ بدقائقك.
أحب هؤلاء الكبار، الذين زادهم الشيب وقارا وحرصا واهتماما، لأنهم تقدموا وشعروا بقيمة الأشياء.
تجربتهم العريضة المديدة زادتهم إيمانا بجمال العالم، بكل تراكيبه ومكوناته وفصوله وأحداثه.
المعوقات والمنغصات والعراقيل لم تزدهم إلا تشبثا بهذه الحياة المتخمة بالتحديات.
ثمة رسالة مبطنة يوجهها الكبار إلى الجميع، أن يستغلوا كل ثانية.
أن يعيشوا كل لحظة دون ندم أو خيبة.
ما أجمل الكبار.
يستمتعون بارتشاف الشاي مع رفاقهم بتؤدة.
ينغمسون في التفاصيل الصغيرة التي تمدهم بطاقة كبيرة.
يتحدثون عن العطور بسخاء.
ينحازون إلى الإصغاء الدافئ والابتسامة الرحبة.
يتفانون في السلام.
يخلصون في العناق.
مع مرور الأيام، أريدك أن تلاحظ أمي وأمك، أبي وأباك،
كيف يرتفع منسوب خشوعهم في صلاتهم.
كيف يطول دعاؤهم.
كيف يتضاعف حبهم للصغار.
تزداد رهافة مشاعرهم، وتطغى الأحاسيس على كل تفاصيلهم.
ثمة حنين يتمدد، وشوق يتعاظم، ونوستالجيا تنهمر مع تقادم الأعوام.
إداركك بأن الوقت يمضي سريعا ليس إحساسا سيئا مطلقا.
إنه إحساس جيد.
فهو يؤكد لك بأنك متمسك بما تبقى.
متشبث باليفاعة.
تنتظر غدا بحماس وحب وشغف وإصرار.
يفوح منه الأمل والتفاؤل.
يقول نجيب محفوظ،
"سأعيش على أمل أن كل شيء سيصبح جميلا، ما دام لنا رب يقول كن فيكون".
الإحساس السيئ هو ألا تحس بمرور العمر.
أن تفقد الشغف، فهذا يعني أنك لا تتوق إلى ما سيأتي.
تعيش في ركود وسبات.
من لا يغشاه الشعور بأنه يكبر، لا يقدر شلال النعم الذي يسيل أمامه.
فضيلة أن تكبر، هي أن تتهاوى صغار الأمور، وتصعد كبارها.
إحساسك بأنك كبرت شعور فاتن للغاية، يحفزك لعناق كل لحظة.
استثمار كل ثانية.
فانج به.