سقف الديون خدعة لصرف الانتباه «2 من 2»

وحول عوامل خدعة صرف النظر عن سقف الدين، فالعامل الرابع، هو أن وزارة الخزانة لا تحتاج إلى إصدار ديون للإنفاق. فهي كمثل كل الحكومات، تنفق بتحرير الشيكات. إنها لا تجمع الأموال أولا عن طريق إصدار السندات، بل تصدر السندات لتزويد المستثمرين من القطاع الخاص بأصول آمنة تدر فائدة مقابل النقد الذي خلقته للتو عن طريق تحرير الشيكات. وإذا قررت التوقف عن إصدار السندات "بسبب سقف الديون"، فهذه مشكلة المستثمرين من القطاع الخاص، وليس الحكومة، رغم ما قد يصرح به كبار المسؤولين الحكوميين.
ولن تحدث أزمة مالية عالمية حتى لو تمكنت وزارة الخزانة من التوقف عن سداد الفوائد على الديون الفيدرالية. سيظل الدين قائما وستظل الفائدة تتراكم. وكل من يريد مقايضة الديون بالنقد بوسعه أن يفعل هذا في السوق المفتوحة. ومع عدم إصدار ديون جديدة، قد يرتفع سعر الدين القديم "سواء كان "سداده متأخرا" أو لم يكن"، وهذا كفيل بدفع أسعار الفائدة إلى الانخفاض "كما حدث أثناء (أزمة سقف الديون) 2011، رغم خفض التصنيف الائتماني من جانب ستاندرد آند بورز". لكن لماذا؟ لأن الجميع سيعرفون أنهم سيدفع لهم قريبا. صحيح أن سوق الأسهم قد تغطس مرة أخرى. لكن ماذا في ذلك؟ فهي كانت تفعل ذلك لأشهر بالفعل.
أخيرا، إليكم خدعة سحرية حقيقية. تتمتع جانيت يلين وزيرة الخزانة، بكل الصلاحيات لإصدار عملة معدنية بلاتينية بأي فئة تختارها. استن الكونجرس الجمهوري القانون الذي يمنح هذه السلطة عام 1997. تستطيع يلين توجيه أوامرها لدار سك العملة الأمريكية بإصدار عملة معدنية بقيمة تريليون دولار، وبها تستطيع الخزانة إعادة شراء تريليون دولار من ديون الخزانة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي. ولأن العملة المعدنية ليست دينا، فإن الدين سينخفض إلى ما دون السقف بمجرد تأشيرة من كاتب حسابات. لن يخلف هذا أي عواقب اقتصادية، ولن يتأثر العالم خارج "الاحتياطي الفيدرالي" ووزارة الخزانة. ولكن من يجب أن يظهر وجهه على هذه العملة؟ يتبادر إلى الذهن مكارثي.
باختصار، لا تعد معضلة سقف الديون أزمة، بل هي مهزلة. وقد تكررت هذه المهزلة مرارا منذ استنان القانون في 1917، عندما كانت الولايات المتحدة على وشك دخول الحرب العالمية الأولى، وكانت تعاني تراكم الدين العام. لكن المهزلة من الممكن أن تتحول إلى مأساة. إذا أصبح الديمقراطيون حبيسي المخاوف التي عملوا على تأجيجها، فقد يذعنون إلى مطالب العدميين باستنان تخفيضات في الإنفاق مقابل رفع سقف الديون. لقد حدث هذا من قبل. وكما يذكرنا الصحافي ريان جريم: "عندما فاز الجمهوريون في آخر مواجهة تتعلق بسقف الديون، كان بايدن نائب الرئيس، ووافقت إدارة أوباما على ما يسمى "آلية خفض الإنفاق التلقائية". كما اتفقوا على إنشاء لجنة بايدن، التي حاولت إبرام صفقة كبرى مع النائب آنذاك إريك كانتور. كانت الصفقة الكبرى حلم واشنطن المشوش لأعوام، وكانت لتشمل خليطا من الزيادات الضريبية وخفض الإنفاق على الضمان الاجتماعي، والرعاية الطبية للمسنين، وغير ذلك من أوجه الإنفاق الاجتماعي، والفكرة أنها لن تحظى بأي شعبية، لكن إذا فعلها الحزبان معا فلن يجد الناخبون من ينفثون فيه غضبهم".
الواقع أننا نعد العدة لتجنب أزمة وهمية زائفة من خلال صنع أزمة حقيقية للمتقاعدين، والمرضى، وعملية إنفاذ القانون، والاقتصاد، وبالطبع لكل الهيئات التنظيمية المكروهة التي لم تدمر بعد. هذا الخطر حقيقي. أما سقف الديون فهو خدعة وفخ.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي