النفط في 2025 .. الاستعداد لاستمرار التقلبات

مع اقتراب 2024 من نهايته، لا تزال أسعار النفط تحت الضغط، مدفوعة إلى حد كبير بمخاوف النمو الاقتصادي العالمي والطلب على النفط. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط خلال الأسبوع الماضي 2 % -على الرغم من استقرارها في آخر جلسات الأسبوع- إلى 72.94 و69.46 دولار للبرميل على التوالي. ومن المتوقع أن تبقى أسواق النفط حذرة مع ضعف توقعات النمو العالمي وإظهار المؤشرات الاقتصادية الرئيسية تباطؤ الاستهلاك.

تظل الصين عامل ضغط على سوق النفط مع إظهار معظم توقعات 2025 اتجاها هبوطيا. حيث، ألقت بيانات الإنفاق الاستهلاكي الضعيفة للصين، بظلال من الشك على مرونة تعافيها الاقتصادي. وعلى الرغم من علامات التحسن في الإنتاج الصناعي، فإن التوقعات الأوسع نطاقا للطلب الصيني لا تزال ضعيفة، حيث تكافح بكين لتنفيذ تدابير تحفيز فعالة.

في هذا الجانب، توقعت شركة التكرير الصينية العملاقة سينوبك أن يبلغ استهلاك البلاد من النفط ذروته بحلول 2027 عند 16 مليون برميل يوميا، مع نمو يأتي فقط من قطاع البتروكيماويات. حيث من المتوقع أن ينخفض ​​استهلاك البنزين والديزل العام المقبل 2.4 و5.5% على التوالي.

تأتي هذه التوقعات بعد أيام من توقع شركة الطاقة العملاقة الأخرى (CNPC) أن يصل الطلب على النفط في الصين إلى ذروته العام المقبل، مدفوعا بالسيارات الكهربائية والشاحنات التي تعمل بالغاز المسال. وتشير التوقعات إلى أنه بحلول عام 2035، ستكون نصف السيارات على الطرق الصينية كهربائية. كان هذا كافيا للضغط على الأسعار.

على النطاق العالمي، تعتمد البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسية سياسات نقدية حذرة. على الرغم من خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة، حذر من التضخم المستمر، في حين اختار صناع السياسات الأوروبيون والآسيويون الحفاظ على مواقف أكثر صرامة. في هذا الجانب، أوضح بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه لن يخفض أسعار الفائدة بشكل كبير في أي وقت قريب، ما دفع عائدات سندات الخزانة الأمريكية إلى الارتفاع وعزز الدولار. ويمارس الدولار الأقوى ضغوطا هبوطية على أسعار النفط من خلال جعل النفط أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى، ما يحد من الطلب في الأسواق الرئيسية.

وفي الوقت نفسه، أدى ارتفاع عائدات السندات إلى تشدد السياسات المالية العالمية، ما أضاف إلى مخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض استهلاك النفط. ويشعر المتداولون بحذر شديد من أن ارتفاع تكاليف الاقتراض من شأنها أن تضعف النشاط الصناعي والطلب على الطاقة.

وتعكس هذه التدابير المخاوف المتزايدة بشأن تباطؤ النشاط الاقتصادي، الذي من المتوقع أن يحد من نمو الطلب على النفط في 2025. ويتوقع المحللون الآن سنة ثانية على التوالي من النمو الضعيف في الطلب، مع تجاوز العرض للاستهلاك.

ما أضاف إلى الضغوط الهبوطية، قيام أوبك بمراجعة توقعاتها للطلب العالمي على النفط لعام 2024 بالخفض للشهر الخامس على التوالي. ويشير المحللون إلى أن المجموعة ستحتاج إلى الحفاظ على انضباط صارم في العرض لموازنة حالة عدم اليقين المتزايدة في السوق.

كما أثرت توقعات العرض هبوطيا على أسعار النفط. حيث، أفاد عديد من المحللين أخيرا أنهم يتوقعون أن يتحول سوق النفط إلى فائض في العام المقبل -أو يظل في فائض إذا كان افتراضهم الحالي هو بالفعل فائض العرض. كان بنك جي بي مورجان آخر من أطلق نغمة هبوطية، حيث قال إنه يتوقع فائضا في العرض بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا في 2025 بسبب نمو الإنتاج من خارج أوبك، الذي توقعه البنك عند 1.8 مليون برميل يوميا. من ناحية أخرى، قال محللو جي بي مورجان: إن أوبك ستبقي الإنتاج عند مستوياته الحالية.

من جهة أخرى، تظل المخاطر الجيوسياسية عاملا حاسما لأسواق النفط، ما يضيف طبقات من عدم اليقين لكنها فشلت في توفير دعم مستدام للأسعار. تفكر دول مجموعة السبع في فرض قيود أكثر صرامة على أسعار النفط الروسية، بما في ذلك الحظر الصريح أو خفض عتبة الحد الأقصى. قد تؤدي مثل هذه التحركات إلى تشديد العرض العالمي، لكن استخدام روسيا لأسطول الظل من الناقلات في مواجهة هذه التحركات يعقد عملية التنفيذ.

بالنظر إلى الأمام، من المرجح أن تظل أسعار النفط تحت الضغط في الأمد القريب، نظرا للعوامل الفنية والأساسية الحالية. مع اقتراب 2025، يجب على المشاركين في السوق الاستعداد لاستمرار التقلبات، حيث ستشكل تحديثات البيانات الاقتصادية، إجراءات "أوبك+" وبيانات الطلب الصيني، المعنويات على المدى القريب.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي