المدافعة عن التجارة العالمية وأخطارها «2 من 4»
تقول كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة عن آن كروجر: "شخصية تحويلية مؤثرة للغاية". وأصبحت السيدتان زميلتين في العمل، وصديقتين على المستوى الشخصي، ومارستا معا رياضة الجولف خلال التسعينيات عندما شغلت رايس، المختصة في الاقتصاد السياسي، منصب أمين جامعة ستانفورد حيث كانت كروجر تتولى إدارة معهد للبحوث الاقتصادية أسسته في الجامعة. وتواصل رايس كلامها فتقول: "آن قادرة على إنجاز الأمور الصعبة. فهي من نخبة الأكاديميين وتتمتع بقدرة نادرة على الوصول بفكرها من النطاق الأكاديمي إلى صنع السياسات. وتتمتع بسمعة طيبة بين الاقتصاديين".
وبشأن الحديث عن أنها اقتصادية بالمصادفة فقد أصبحت آن كروجر، حسب وصفها لنفسها، اقتصادية بمحض المصادفة. فبعد أن نشأت في مختلف أنحاء غرب ولاية نيويورك، أتمت دراساتها العليا في كلية أوبرلين في ولاية أوهايو. وكان تركيزها منصبا على الدراسات التمهيدية في القانون، لكنها لم تعلن تخصصها في علم الاقتصاد إلا في العام النهائي من الدراسة. وسجلت في فصول علم الاقتصاد لأنها حسب قولها "كنت أرى أن المرء ينبغي أن يفهم علم الاقتصاد حتى يتسنى له فهم القانون والسياسة"، وفقا لما كتبته في المخطط الأولي لسيرتها الذاتية في كتاب صدر 1994 عن الاقتصاديين البارزين. لكن لم تتوافر لها الموارد المالية اللازمة للالتحاق بكلية الحقوق. ثم حصلت على منحة برنامج الزمالة لطلبة الدراسات العليا في الاقتصاد في جامعة ويسكنسن. وكتبت قائلة: "وهكذا أصبح الاقتصاد هو تخصصي".
وبعد أن أتمت دراسة الدكتوراه في 1958 من جامعة ويسكنسن، شغلت كروجر منصب أستاذ علوم الاقتصاد في جامعة منيسوتا، وظلت في هذا المنصب حتى انتقلت إلى العمل في البنك الدولي عام 1982. وكتبت في وقت لاحق أن الاقتصاديين اعتقدوا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي أن التجارة الحرة ستكون سيئة للاقتصادات النامية لعدم قدرتها على المنافسة في أسواق الصادرات. ومن ثم ينبغي للحكومات حماية صناعاتها الداخلية من منافسة الواردات وأنه يتعين عليها الاستثمار مباشرة في الصناعة التحويلية في الداخل أو دعمها على أقل تقدير.
وتقول كروجر حاليا "إننا جميعا نرغب في أن نرى الناس أفضل حالا ونحاول أن نساعد الفقراء"، لكنها تلاحظ أن السياسات الحمائية التي سعت إلى تحقيق ذلك باءت بالفشل. وتقول إن معدلات الفقر سجلت هبوطا ملحوظا حول العالم منذ انفتاح الهند والصين على التجارة الدولية.
وأثناء توليها مهمة عمل في تركيا لمصلحة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في 1965، تحدثت كروجر مع عشرات رجال الأعمال وأوضحت كيف أن مثل هذه السياسات الحمائية أدت بالفعل إلى انتشار أعمال التهريب وتفشي الهدر. وكتبت أن ذلك تضمن "تصدير" حمولات سفن بأكملها من الحجارة، والتخلص منها لاحقا بإلقائها في البحر "لتحصيل إعانات دعم الصادرات"، وتزييف تصنيف السلع كالتبغ "حيث كان المزارعون يقدمون الرشوة لمفتشي التبغ لتقييم جودة التبغ بأعلى من حقيقتها"، والمراكمة المهدرة للموارد لمخزون قطع غيار المعدات، وأحيانا الآلات بأكملها" لتفادي ضوابط الاستيراد.
وقامت كروجر لاحقا بدراسة حالات أكثر من 50 موردا لقطع غيار السيارات في الهند في 1968. وزودها بعضهم بالبيانات من "ثلاث مجموعات من الدفاتر التي احتفظوا بها ـ مجموعة للمفتشين الضريبيين، وأخرى للاطلاع العام، والثالثة لأغراض الإدارة"، حسب ما أوردته في كتاباتها.. يتبع.