المدافعة عن التجارة العالمية ومخاطرها «3 من 5»
كانت نتائج الدراسة التي استخلصتها عن كيفية استجابة منشآت الأعمال في تركيا والهند للسياسات الاقتصادية الحمائية قد أدت إلى قيامها بتأليف دراسة بارزة بعنوان "الاقتصاد السياسي لمجتمع السعي للكسب الريعي The Political Economy of the Rent-Seeking Society، المنشورة في 1974 في مجلة American Economic Review.
في هذه الدراسة قامت بتوثيق التكاليف التي تتحملها الرفاهية العامة نتيجة انتهاج سياسات، مثل القيود التجارية وتراخيص الاستيراد التي تشجع بعض الأطراف المشاركة في السوق على محاولة استغلال الأوضاع أو تحصيل ما يسميه الاقتصاديون "الريوع". ولدى إعلان المجلة هذه الدراسة كواحدة من أهم 20 مقالا نشرت على مدار 100 عام حتى 2010، أولت المجلة الفضل لهذه الدراسة في المساعدة على إطلاق العنان "لقدر هائل من الأدبيات حول دور الفساد والحوكمة في عملية التنمية الاقتصادية".
ووفقا لما جاء في المجلة من خلال تحديد أهمية أنشطة السعي للكسب الريعي ووضع إطار لتحليل تكلفتها على الرفاهية، تمكنت هذه الدراسة من توسيع نطاق التحليل الاقتصادي لاختيار الحكومة أداة تنفيذ سياساتها. ومن الاقتصاديين الآخرين الذين صنفت أعمالهم ضمن قائمة أفضل 20 مقالا اقتصاديون حائزو جائزة نوبل، وهم: ملتون فريدمان، وجوزيف ستيجليتز، وبول كروجمان، وروبرت شيلر.
ونظمت كروجر، بالتعاون مع الاقتصادي البارز، جاجديش باجواتي، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ولاحقا جامعة كولومبيا، سلسلة من المؤتمرات والدراسات في فترة السبعينيات ركزت على السياسات التجارية في عشرة اقتصادات نامية. وأثمر هذا المشروع كتابا ضم مجلدا عن كل دولة، إضافة إلى كتابين يقدمان عرضا عاما، أحدهما من تأليف باجواتي، والآخر من تأليف كروجر.
وكتبت كروجر، "ما أثار دهشة المشاركين بدرجة كبيرة، حتى بالنسبة لنا إلى حد ما، أن كثيرا من الظواهر نفسها تكرر إبلاغها في الدول العشر التي شملها المشروع". وأثبتت الدراسة البحثية أن تكاليف سياسات الاستيراد التقييدية فاقت المزايا. "ومنذ الثمانينيات، ألغت معظم الدول النامية أغلب قيودها الكمية، وتحولت إلى سعر صرف أكثر واقعية، وخفضت تعريفاتها الجمركية بدرجة كبيرة.
وبشأن تحول آراء السياسات يقول عنها الاقتصادي دوجلاس إيروين، من كلية دارتموث، "لقد أظهرت التشوهات والتكاليف التي تتحملها الرفاهية نتيجة انتهاج سياسات معينة، فجمعت بين التجارب من العالم الحقيقي والأساس النظري". ويقول إن النتائج المستخلصة في دراساتها غيرت آراء الاقتصاديين وصناع السياسات حول السياسات التجارية.
وكتبت كروجر، لا أدل على ذلك من حالة كوريا الجنوبية، التي أدت سياساتها التجارية في الخمسينيات من القرن الماضي، إلى تعثر مسيرة النمو. لكن ما إن استحدثت الحكومة نظما تجارية أكثر انفتاحا حتى انطلق الاقتصاد، ما عاد بالنفع على ملايين المواطنين. وقادت النتائج المتحققة من التغييرات في كوريا الجنوبية والتحركات المماثلة في كل من تركيا والهند، إلى ترسيخ قناعتها بالمزايا الكبيرة لسياسات الانفتاح التجاري.
وكتبت كروجر، "أعتقد أن النمو الاقتصادي يولد الموارد التي يمكن الاستعانة بها لمعالجة المشكلات المجتمعية، مثل المشكلات المتعلقة بالبيئة على نحو أكثر فاعلية، وإضافة إلى ذلك، مع هروب الناس من شبح الفقر، ستزداد تطلعاتهم للمعيشة في بيئة أفضل والحصول على مستويات أعلى من السلع العامة الأخرى، ما يسهل على الحكومات معالجة هذه القضايا بسهولة أكبر".
ويقول عنها آرفيند باناجاريا الاقتصادي في جامعة كولومبيا، الخبير الرائد في التجارة الخارجية، "لقد استطاعت أن تغير أسلوب التفكير في الاقتصادات النامية، ما أدى إلى زيادة التجارة الحرة ورفع النمو. وكان لها أثر بالغ في النتائج المحرزة حول العالم وتأثير عظيم في حياة الملايين من البشر ممن تم تحريرهم من الفقر... يتبع.