الاقتصاد العالمي الضعيف والتضخم المرتفع والتشتت «3 من 3»

إن دعم الدول المعرضة للمخاطر، رغم أهمية هذه العلامات الفارقة، فإنها وحدها غير كافية. فهناك كثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات منخفضة الدخل المعرضة للمخاطر تمر بأصعب الظروف الناجمة عن الصدمات المتعددة والتحولات الجوهرية.
لنأخذ مثلا مشكلة تغير المناخ التي لم تسهم فيها تلك الاقتصادات إلا بالقدر اليسير، لكنها الأكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن عواقبها. أو أزمة غلاء المعيشة وأسعار الفائدة المرتفعة، وما لهما من تأثير سلبي في تلك الاقتصادات أكثر من سواها، ما يدفع كثيرا من الدول للدخول في حالة المديونية الحرجة ويهدد آفاق التنمية. أضف إلى ذلك تزايد التشتت الاقتصادي الذي قد يحرم كثيرا منها من مزايا الاقتصاد العالمي المتكامل الذي حقق معدلات نمو مرتفعة ورفع مستويات معيشة المليارات من البشر.
وهذه التحديات مجتمعة تعني أن الدول ستكون بحاجة إلى مزيد من الدعم في الشهور والأعوام المقبلة، لضمان تحقيق الاستقرار الاقتصادي والعودة إلى مسار تقارب مستويات الدخل مع الاقتصادات المتقدمة. وبإمكان المؤسسات متعددة الأطراف القوية الاضطلاع بدور حيوي في توفير هذا الدعم، خاصة المؤسسة الدولية للتنمية "آيدا"، وهي ذراع البنك الدولي المعنية بالدول منخفضة الدخل، وصندوق النقد الدولي.
وبشأن إصلاحات الصندوق وموارده، فهناك دول كثيرة سبق أن خاضت تحولات عسيرة، وكان الصندوق في كل منعطف جزءا من الاستجابة العالمية، حريصا على التكيف لمساعدة دولنا الأعضاء وشعوبها على مواجهة التحديات الجديدة. والآن وقد أصبحنا نواجه مجموعة جديدة من التحولات، فإننا سنستمر في التكيف والاستجابة بمرونة وسرعة: وذلك بتنفيذ تغييرات السياسات في الوقت المناسب وتقوية الموارد على السواء.
وتتمثل الأولوية القصوى في سرعة ونجاح استكمال المراجعة العامة الـ16 للحصص: أي زيادة الحجم الكلي لموارد الصندوق من حصص العضوية -ذات الأهمية البالغة لقوة شبكة الأمان المالي العالمية- مع مراعاة كيفية تطور الاقتصاد العالمي في الآونة الأخيرة.
وتجب تكملة ذلك باتخاذ قرارات بتجديد موارد الصندوق الميسرة للدول المعرضة للمخاطر: بضمان التمويل الكامل للصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر وتجديد موارد الصندوق الاستئماني لاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون الذي يقدم تخفيف أعباء خدمة الدين عندما تتعرض الدول لصدمات كبيرة.
وبالتوازي مع ذلك، نبحث حاليا في إجراء إصلاحات لمجموعة أدواتنا الإقراضية، بما في ذلك إدخال التعديلات على الأدوات الوقائية لكي تكون أكثر ملاءمة لاحتياجات دولنا الأعضاء. وننظر أيضا في إمكانية استخدام طرق لتحسين مراعاتنا لكيفية تأثير تغير المناخ في استدامة القدرة على تحمل الدين وتعزيز دعمنا للدول المتضررة من الصدمات المتعلقة بالمناخ.
وستضمن هذه الإجراءات في مجموعها بقاء صندوق النقد الدولي كمؤسسة شاملة للجميع قادرة على تلبية احتياجات جميع دولها الأعضاء، خاصة الاقتصادات الصاعدة والنامية المعرضة للمخاطر. وعن الدور الرئيس لمجموعة العشرين، ففي عالم بات أكثر عرضة للصدمات وفي زمن سمته التحولات الجوهرية -من التغير المناخي وحالة المديونية الحرجة إلى التوترات التجارية والتشتت الاقتصادي- ارتفع سقف توقعات العالم من صناع السياسة الدوليين، وهذا هو عين الصواب. ويجب أن نتحرك الآن ونتحرك معا لإعادة كل الدول إلى مسار مستدام نحو تحقيق النمو والرخاء.
وهذا يستدعي قيادة قوية من مجموعة العشرين لضمان ملاءمة البنيان المالي الدولي للغرض منه ويشغل الصندوق موضع الصدارة فيه كمؤسسة تتوافر لها الموارد الكافية وممثلة لجميع أعضائها. ويجب أن يكون حجم الاستجابة العالمية متناسبا مع حجم التحديات التي يواجهها العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي