التجسس والاختراق الرقمي.. التحدي والابتكار

في عصر التقنيات الحديثة المتسم بالتطور التكنولوجي والتوسع الرقمي السريع، أصبح موضوع التجسس والاختراق الرقمي أحد أبرز الأنشطة المهمة التي تشغل الكثير سواء على مستوى الشركات أو الأفراد أو الدول، وذلك للتأثيرات المتعددة والناجمة عن ذلك التي تشمل التنافس الاقتصادي بشكل مباشر على سبيل المثال لا الحصر.

ويبرز في هذا السياق أهمية دور الابتكار في التطوير والتصدي لها. في هذا المقال سأستعرض ذلك من عدة جوانب تشمل التعاريف والأساليب وأنواع الابتكارات وبعض الإحصائيات الدولية بما يعكس حجم التحديات التي نواجهها.

تعرف عملية جمع المعلومات الحساسة أو اختراق الأنظمة المعلوماتية أو الشبكات الإلكترونية بشكل غير قانوني غير مصرح به أو غير أخلاقي، لكيانات مختلفة سواء كانت أفراد أو شركات أو حتى حكومات، بعملية التجسس أو الاختراق الإلكتروني الرقمي، كون ذلك يتم ذلك بواسطة تقنيات الكترونية متطورة تشمل المراقبة والتصنت واستخدام البرمجيات الخبيثة.

وتتعدد الأهداف من وراء ذلك ولعلي أركز هنا على ما يشمل الجانب الاقتصادي، حيث تعتمد بعض الشركات على ذلك لكسب ميزة التنافسية من خلال جمع معلومات قيمة حول المنتجات والأسعار والإستراتيجيات وحول الخطط البحثية وأساليب التطوير أو حتى الأسرار التجارية، وبعضها تستغل ذلك في تقييم المخاطر المحتملة، ما يساعد على اتخاذ قرارات مستندة إلى بيانات دقيقة.

هناك كثير من الاحصائيات والتقارير الدولية تشير إلى أن هذه الأنشطة التجسسية والاختراقات، في نمو متزايد، فمن ذلك على سبيل المثال، يشير أحد التقارير الصادرة في 2022 من المنصة العالمية للبيانات ستاتيستا، إلى أن 74 % من الشركات في جميع أنحاء العالم واجهت محاولات تجسس صناعي.

كما أشارت أحد الأبحاث الصادرة من مجموعة سايبر إيدج، إلى أن 50 % من الشركات العاملة في 2023 أبلغت عن حدوث اختراقات رقمية، وفي الوقت نفسه يشير البحث إلى أن 8 من كل 10 شركات تعرضت لهجوم تجسسي أو اختراق رقمي في العام الماضي، كما أن هناك استطلاع للرأي أجرته شركة آي بي إم يوضح إلى أن أكثر من 37 % من الشركات لم تكن مستعدة لمواجهة تهديدات وأنشطة التجسس والاختراقات الرقمية، وهناك بعض الدراسات تقدر أن الخسائر الناتجة عن هذه الأنشطة يبلغ نحو 600 مليار دولار سنويًا في الولايات المتحدة فقط، ومن المتوقع أن تصل تكلفة الاختراقات الرقمية على مستوى العالم إلى 10.5 تريليون دولار بحلول 2025.

لا شك أن هناك دلالة واضحة إلى أهمية الابتكار والاستثمار وبشكل كبير وسريع، للتصدي ومواجهة تحدي أنشطة التجسس والاختراقات. فعلى سبيل المثال لهذه الابتكارات والتقنيات، تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، التي يمكن من خلالها تحليل كميات هائلة من البيانات، ما يساعد كثير من الكيانات مثل الشركات وغيرها في تحديد النشاطات غير الطبيعية ويساعدها على عمليات التحليل التنبئي الذي يساعد على توقع الهجمات قبل وقوعها، أضف الى تلك التقنيات تقنيات التشفير المتقدمة والأنظمة الإلكترونية لكشف المراقبة والتسلل وغيرها.

أنشطة التجسس والاختراق الرقمي، تحدي متعدد الأبعاد في عالمنا الرقمي الحديث، ويتطلب ذلك جهوداً تعاونية منسقة على جميع المستويات، وإن يتم العمل عل تبني إستراتيجيات وتشريعات مبتكرة لدعم الابتكارات بشكل مستمر لتطوير أدوات وتقنيات جديدة قادرة على مجابهة هذه الأنشطة، لبناء مستقبل أكثر أمانًا يسهم وبشكل فعّال في حماية بياناتنا وخصوصيتنا.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي