ثروتك المناظرة
الهدف من هذا المقال، ليس زيادة دخلك واستثماراتك، بل المحافظة على دخلك ومكتسباتك لأطول فترة ممكنة. يتعلق بترجيح كفة الادخار وجمع المال، ليس لشراء منتجات جديدة، بل لبدء استثماراتك وبناء أصولك المدرة للمال.
فإهمالك لما تملكه "كسيارتك الخاصة" يعني اضطرارك لشراء سيارتين وثلاثة كل عشرة أعوام. فشلك في صيانة ما تملكه يعني أنك تحمل محفظة مثقوبة، وتميل إلى إهلاك المال بدل بناء "رأس المال".
معظم الناس يعتقدون أن الثراء والغنى يأتيان فقط من خلال الاستثمار وامتلاك دخل إضافي، غير أن هناك "استثمارا معاكسا" و"دخلا مناظرا" يأتيان من خلال المحافظة على ممتلكاتنا وعدم دفع أموال جديدة لشرائها مجددا.
يمكنك دائما تحقيق دخل مناظر من خلال المحافظة على ما تملكه لفترة تتجاوز عمره الافتراضي. نموك المالي لا يتطلب فقط تحقيق مداخيل جديدة، بل وعدم التفريط بالممتلكات القديمة وتأجيل شراء ممتلكات جديدة على الأقل حتى تحقق دخلا يفوق احتياجاتك الأساسية.
وهذا الالتزام هو مصدر الدخل الأول للبخيل الذي يحافظ على ممتلكاته لأطول فترة ممكنة ولكن لهدف مختلف تماما. فالبخيل لا يملك خطة للاستمتاع بأمواله، ولا تاريخا معينا للتوقف عن إمساك المال. يعيش حالة حرمان دائمة، ليس لأنه يخطط للاستثمار وبناء ثروة، بل لأن هذه طبيعة تفكيره وطريقة عيشه.
أما نحن فنتحدث عن مرحلة مؤقتة وطريقة واعية في الادخار وجمع المال. نتحدث عن حسن الإنفاق وعدم الإسراف ومنحك فسحة من الوقت لبناء استثماراتك المستقبلية. لا أدعوك إلى حرمان نفسك، بل إلى شراء ما تريد بشرط الاعتناء به لفترة طويلة، والتمسك به كفرد جديد في العائلة.. أدعوك إلى التوازن المالي وتبني قول الله ناصحا عباده، "ولا تجعل يدك مغلولة إلىٰ عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا".
قد يراك أصدقاؤك بخيلا أو حريصا أو غير مواكب للمنتجات الجديدة. غير أن الأمر لا يتعلق بالبخل والحرمان، بل بتحقيق دخل غير مباشر عماده التوقف عن شراء ما لا تحتاج إليه أو سبق شراؤه. هدفك الأساسي ليس التباهي، بل إيجاد فائض مالي يوجه لشراء الأصول المدرة للمال "كالأسهم والسبائك والوحدات الاستثمارية" بدل شراء أحدث هاتف، وأفضل كمبيوتر، وآخر موديل.
باختصار شديد: حين تحافظ على ممتلكاتك "كسيارتك وهاتفك المحمول" ستكتشف أن راتبك أصبح "يكفي"، وأن المال بدأ يفيض في محفظتك، وأنك تكاد تكون الناجي الوحيد من حالة "التسوق القهري" المنتشرة بكثرة هذه الأيام!
وطبيعي ألا يبدو كلامي مقنعا لشخص تجاوز حسابه البنكي الست خانات.