لماذا يكرر أينشتاين أسئلته؟
حين استولى هتلر على السلطة في ألمانيا، كان عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين في زيارة لأمريكا. وهناك أدرك أنه لن يعود لألمانيا مرة أخرى بسبب أصوله اليهودية، خصوصا بعد تفتيش منزله في برلين.
وحينها، تسابقت دول كثيرة لمنحه جنسيتها "بما في ذلك تركيا واليابان" في حين عرضت عليه إسرائيل زعامة أول دولة يهودية حـديثة. غـير أن أينشتاين "صاحب النظرية النسبية الشهيرة" رفض كل تلك العروض، وقبل عـرضا متواضعا للتدريس في معهد برينستون في نيوجرسي، رغـم أنه تلقى دعوات للتدريس في جامعات عريقة، مثل: هارفارد وستانفورد وكامبريدج.
وفي معهد برينستون نال حب الطلاب لسبب بديهي جدا. فقد كان يكرر الأسئلة نفسها في امتحاناته دون تعديل أو تغـيير. وبهذه الطريقة ضمن الطلاب النجاح في مادته، الأمر الذي جعل مدير المعهد يتجرأ ذات يوم ويطالبه بتغيير الأسئلة بعد كل امتحان. غير أن أينشتاين رفض طلبه وأصر على تكرارها دون تغيير.
قـال المدير بصوت حائر: ولكن بهذه الطريقة سيقدم الطلاب دائما الأجوبة الصحيحة نفسها. فـقال أينشتاين: ومن قال إنني أبحث عن أجوبة صحيحة، أنا أبحث عن أجوبة مختلفة يقدمها عبقـري لم يكتشفه أحد حتى الآن.
هذا الرد المدهش من أينشتاين تعلمت منه شخصيا أربعة أشياء مهمة:
ـ الأول، أن "الجواب الصحيح" لـيس مهما بقدر "الجواب المختلف" الذي يدل على عبقرية صاحبه.
ـ الثاني، أن الجميع يمكنهم التفوق من خلال حفظ الأجوبة الصحيحة، ولكن القليل يستطيع "الإبداع" من خلال التفكير بطريقة مختلفة.
ـ الثالث، أن ما ندعوه في مدارسنا بالجواب الصحيح، هو في الأغلب الجواب "المعتمد رسميا" الذي يعبر فقط عن رأي من ألف المنهج ويجهل في الأغلب وجود مصادر وأجوبة أخرى.
ـ أما الرابع، فهو خطأ الادعاء الشائع بأن العباقرة لم يكونوا متفوقين دراسيا، والصحيح هو أن النظام التعليمي فشل في اكتشافهم واستيعاب طريقة تفكيرهم "ولك أن تحسب كم طالبا عبقريا فشل بسبب مخالفته للمنهج أو الأجوبة المقولبة التي يتوقعها المعلم من طلابه".
نصيحتي للمعـلمين وأساتذة الجامعات في بداية هذا العام الدراسي هي ألا تترددوا في تكرار أسئلتكم كما كان يفعل أينشتاين. فتكرار الأسئلة "الأكثر أهمية" تجبر الطلاب العاديين على حفظ أساسيات المادة "الأكثر أهمية".
دوركم الحقيقي ليس تصحيح الأجوبة المعروفة، بل البحث عـن الأجوبة المختلفة التي تـشي بالعباقرة والمبدعين، ومن يستحق من طلابكم دخول قائمة العظماء والمميزين.