"نحلم ونحقق" .. ثمار رؤية 2030 أينعت قبل الأوان
"نحلم ونحقق" شعار مناسبة اليوم الوطني في المملكة العربية السعودية لهذا العام، في إشارة قوية إلى عزم الرياض مواصلة مسيرة التحول التي غيرت ملامح البلاد على كافة الجبهات وفي مختلف الأصعدة.
فالأحلام عادة ما تترسخ في الأذهان ردحا من الزمن، قبل المطاوعة على التحقق، إلا في المملكة حيث تنقلب حقائق متعينة على أرض الواقع، بحماسة السعوديين والسعوديات، وهمة القيادة الملتحمة بالشعب.
احتفاء الشعوب بالأعياد الوطنية والأحداث القومية غايته إنعاش ذواكر الأمم ببطولات الأجداد وتضحيات الآباء من أجل بناء الوطن، فالمناسبة فرصة للتذكر والتذكير بحكايات التاريخ وقصة المكان والزمان أيضا. لكنها أيضا لحظة للافتخار بمنجزات الحاضر، وموضع الوطن في خريطة العالم، والزهو بعلو شأنه وسمو ذكره بين الدول، وتأثيره بجدارة واقتدار في صياغة وتوجيه الأحداث الكبرى في العالم.
تتزامن مناسبة اليوم الوطني هذا العام، مع بلوغ "رؤية السعودية 2030"، المنتصف من حيث المدة الزمنية، وإن كانت حاليا في المرحلة الثانية وفق التقسيم الخماسي المعتمد. فقد انقضت سبعة أعوام على انطلاق الحلم، المعلن عنها بتاريخ 25 أبريل 2016، وبقيت سبعة أخرى من عمر رؤية طموحة، بقيادة عازمة وحازمة لا تعرف غير لغة الفعل والإنجاز، رغبة في كسب رهان نقل البلاد إلى مصاف الدول العظمى، واعدة الجميع؛ مواطنين ومقيمين وأجانب، بمملكة عربية سعودية حديثة، تمثل فصلا مشرقا من فصول تطور دولة.
كثر الحديث حين إطلاق الرؤية عن مدى قابلية أهدافها للتحقق، فهي بمنزلة "ثورة تحديثية ناعمة للدولة والاقتصاد والمجتمع، اتخذت منحى شموليا، بلغة اقتصادية ذات أبعاد اجتماعية وثقافية، فلم تترك مجالا ولا قطاعا إلا اندرج ضمن المرتكزات الثلاثة المؤطرة لها: "مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح"، ليتحول الكل إلى أرقام تطمح مؤشرات الرؤية بلوغها في نطاق الأهداف المرصودة.
فعلا، كانت الرؤية "حلما" ما لبث أن أضحى "حقيقة" متعينة في الواقع، كما أكد ذلك شعار اليوم الوطني الـ93، فالمتابع من الخارج لما يحدث هناك يدرك أن المملكة؛ قيادة وشعبا، أفلحت في كسب التحدي، وبالعلامة الكاملة، وهي بالكاد تقطع نصف المشوار. فقد تحولت برامج ومشاريع وأهداف الرؤية إلى واقع ملموس، يعيشه المواطن والمقيم والزائر في مختلف مناطق البلاد، لا فرق بين المدن والقرى، ولا بين البحر والصحراء.
ذلك ما كشف عنه التقرير السنوي للرؤية (2022)، الذي حمل شعار "واقع نعيشه" بتقديم الحصيلة المنجزة على أرض الواقع بأرقام جعلت السعودية محل انبهار دول العالم. فقد استطاع اقتصاد السعودية، رغم الاضطراب العالمي، تحقيق أعلى معدلات النمو بين دول مجموعة العشرين، متجاوزا توقعات المنظمات الدولية لنمو اقتصاد المملكة برسم عام 2022، إذ بلغ نمو الناتج المحلي الحقيقي 8.7 في المائة مقارنة بالعام السابق.
وقطعت الرياض شوطا مهما في مخططها "العملاق" الرامي إلى تنمية وتنويع مصادر الاقتصاد السعودي، بزيادة الأنشطة غير النفطية بنسبة 6.2 في المائة، كما رفعت حصة الصادرات غير النفطية من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من 18،7 في المائة إلى 25 في المائة. وحقق الناتج المحلي نموا بمعدل 27،6 في المائة مقارنة بالعام الذي سبقه. ونجحت في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، بإجمالي تراخيص استثمارية بلغ 4358 العام الماضي، ونالت 80 شركة ترخيصا لفتح مقرها الإقليمي في المملكة.
بعيدا عن الاقتصاد، تمكنت المملكة في غضون عامين من إدخال مدينتين في قائمة الشبكة العالمية لمدن التعليم، فبعد اعتماد مدينة الجبيل الصناعية عام 2020، بعد 45 سنة على تأسيسها، جاء الدور على مدينة ينبع الصناعية عام 2022، لما حققته من جودة في التعليم وتعزيز للتنمية المستدامة. منجزات كانت وراء الحضور اللافت للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة، في معرض ريجينيرون "آيسف 2023"، في مدينة دالاس الأمريكية، إذ حصد الفريق ما مجموعه 27 جائزة، منها 23 جائزة كبرى وأربع جوائز خاصة.
مناسبة اليوم الوطني فرصة للتأكيد على أن المملكة، ومنذ إطلاق الرؤية عام 2016، تخوض سباقا مع الزمن في الإنجازات، فالبلد في المركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى مجموعة العشرين، والثالثة عالميا في مؤشر حماية أقلية المستثمرين. فضلا عن كون سوق "تداول" أضحت واحدة من أكبر عشرة أسواق مالية حول العالم، وعلى خطاه؛ أي الدخول ضمن العشر الأوائل عالميا، يسير دوري روشن لكرة القدم. وحازت شرف استضافة دورة الألعاب الآسيوية 2034 لأول مرة في تاريخها، وتحظى حاليا بدعم عشرات الدول لاحتضان معرض "إكسبو 2030" في مدينة الرياض، خلال الفترة الممتدة من خريف 2030 حتى ربيع 2031.
حق لأبناء وبنات السعودية أن يرددوا -بزهو- شعار اليوم الوطني "نحلم ونحقق"، لأن الحقيقة كذلك في أرض الواقع، فقبل سبعة أعوام فقط وضعت قيادة المملكة سردية حلم وطني جامع مانع، تجند الجميع؛ رجالا ونساء شيبا وشبابا كل من موقعه ومسؤولية... كي يصبح حقيقة تعم بواكير ثمارها ربوع البلاد، والآتي في المستقبل أجمل، فالرحلة نحو 2030 مستمرة، وحصاد المقبل من الأعوام حتما سيكون أفضل.