الآفاق العالمية .. اقتصاد صلب في مواجهة التحديات «2 من 4»

هذه الاستثمارات النوعية يجب أن تنطوي على شروط التحول الأخضر. ويتطلب ذلك استثمارات ذكية في التكيف والبنية التحتية والتكنولوجيا، مثل تحسين نظم الري. وينطوي تحول نظام الطاقة على فرص نمو قوية.
ويدخل التحول الرقمي ضمن فئة البنية التحتية. وتماما مثلما كانت الكهرباء هي الداعمة للتنمية الاقتصادية في القرن الـ20، بإمكان التحول الرقمي أن يكون هو عماد التطور في القرن الـ21. فهو يتيح للدول الإفريقية أعظم فرصة للحاق بالركب.
نرى بالفعل كثيرا من الأمثلة على أرض الواقع في المنطقة خلال الأعوام الأخيرة. فمنصة "إم - بيسا" للخدمات المصرفية عبر الأجهزة المحمولة في كينيا، اتسعت وأصبحت تغطي ست دول أخرى في إفريقيا، لرفع مستوى كفاءة سداد المدفوعات والشمول المالي. أو لننظر إلى Hello Tractor، وهي منصة تعمل في عديد من الدول الإفريقية وتتيح للمزارعين إمكانية استئجار جرارات برسالة نصية، فأوجدت فرصا جديدة أمام مزيد من الناس.
الشركات المبتدئة الإفريقية تقدم ابتكاراتها المبهرة. وزيادة الاستثمارات في توفير خدمة الإنترنت ستطلق العنان لإبداع القارة وتحسين الخدمات العامة. وأثناء فترة الجائحة، أطلقت توجو برنامج مدفوعات رقمية يحمل اسم "نوفيسي"، الذي أرسل تحويلات نقدية طارئة للسكان المحتاجين.
والركيزة الثالثة هي ضرورة تحسين الحوكمة وقدرة الدولة على تعزيز النمو الاحتوائي. ويبين تحليل جديد أجراه صندوق النقد الدولي ما يمكن تحقيقه على مستوى الدول الصاعدة والنامية. فوضع حزمة إصلاحات، تركز على الحد من الروتين الإداري، وتحسين الحوكمة، وتقليل القيود التجارية، يمكن أن يرفع ناتجها بمقدار 8 في المائة خلال أربعة أعوام.
وأضع الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستفادة الكاملة من منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية ضمن هذه الفئة. فإزالة الحواجز التجارية وتحسين بيئة التجارة الأوسع نطاقا ستدفع نصيب الفرد من الدخل في متوسط الدول الإفريقية إلى الارتفاع بما يتجاوز 10 في المائة. والتنفيذ الكامل لهذه الاتفاقية سيجعل إفريقيا تحول نفسها إلى أكبر منطقة تجارة حرة في العالم ـ وتحقق بالتالي ارتفاعا كبيرا في مستويات المعيشة.
وهذا ما يأخذني إلى الأولوية الثالثة على صعيد السياسات ـ دعم الصلابة الجماعية من خلال التعاون الدولي.
ففي الوقت ذاته الذي نكون في أشد الحاجة إليه، تجد التعاون آخذا في التراجع. والجسور التي تربط بين الدول آخذة في التآكل مع ارتفاع الحواجز أمام التجارة والاستثمار.
في عالم مشتت، تواجه الدول الصاعدة والنامية تحديات كبيرة، بسبب اعتمادها بدرجة أكبر على التجارة ونتيجة لما لديها من حيز أقل للتصرف من خلال السياسات. ومقارنة بالمناطق الأخرى، فإن القارة الإفريقية هي التي ستعاني أفدح الخسائر الاقتصادية التي تنجم عن التشتت الحاد. وهو تحد يجب أن نتصدى له معا.
ليس ثمة أدل على الحاجة إلى التعاون الدولي من مجال التصدي للتهديدات الوجودية الناجمة عن تغير المناخ. فالعالم تقع على عاتقه مسؤولية الوقوف مع الدول المعرضة للأخطار في تعاملها مع الصدمات التي لا يد لها في وقوعها.
لهذ السبب أنشأ صندوق النقد الدولي صندوقا جديدا قويا بموارد بلغت 40 مليار دولار هو الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة RST. ويقدم تمويلا أطول أجلا بتكلفة ميسورة لمساعدة دول الأسواق الصاعدة الأقل دخلا والمعرضة للأخطار على إجراء الإصلاحات المناخية. وقد وافقنا بالفعل على 11 برنامجا، ستة منها في إفريقيا، سيتبعها مزيد على مدار العام أو العامين المقبلين.
يتعين علينا كذلك أن نعمل معا من أجل مساعدة الدول على التعامل مع التحديات التي تفرضها الديون. فنحو خمس الاقتصادات الصاعدة وأكثر من نصف الدول منخفضة الدخل لا تزال معرضة لأخطار كبيرة من الدخول في حالة المديونية الحرجة.. يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي