الاقتصاد العالمي .. الخطى الواهنة وتباعد المسارات «3 من 4»

في حالة انخفاض أسعار العقارات في الصين بأسرع من اللازم، ستتدهور الميزانيات العمومية في القطاع المصرفي وقطاع الأسر، مع احتمال تضخم الآثار المالية. وبينما يمكن أن يتيح التدخل لدعم أسعار العقارات حماية مؤقتة للميزانيات العمومية، فإنه سيؤدي إلى مزاحمة فرص الاستثمار الأخرى، والحد من أنشطة البناء الجديدة، والتأثير سلبا في إيرادات الحكومات المحلية من خلال خفض مبيعات الأراضي. في كلتا الحالتين، يتعين على الاقتصاد الصيني الخروج عن نسق النمو القائم على توفير الائتمان للقطاع العقاري.
في الوقت نفسه، قد تصبح أسعار السلع الأولية أكثر تقلبا وسط الصدمات المناخية والجغرافية السياسية، ما يشكل مصدر خطر كبيرا على مساعي خفض التضخم. ففي الفترة بين يونيو وسبتمبر، ارتفعت أسعار النفط بنحو 25 في المائة في ظل تمديد خفض إمدادات النفط بموجب اتفاقية "أوبك+" التي تضم منظمة الدول المصدرة للنفط ومجموعة مختارة من الدول غير الأعضاء، لتنخفض لاحقا بنحو 11 في المائة. ولا تزال أسعار الغذاء مرتفعة، وقد تشهد مزيدا من الاضطرابات في حالة تصعيد أوضاع الحرب في أوكرانيا، ما سيفرض مشقة كبيرة على كثير من الدول منخفضة الدخل. كذلك أدى التشرذم الجغرافي ـ الاقتصادي إلى زيادة حادة في تفاوت أسعار السلع الأولية عبر المناطق المختلفة، بما في ذلك الموارد المعدنية الحيوية. وقد تنشأ عن ذلك أخطار اقتصادية كلية بالغة، بما في ذلك على التحول المناخي، حسبما نوضح في الفصل الثالث من أحدث إصداراتنا من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي".
رغم انخفاض معدلات التضخم الأساس والكلي على حد سواء، فإنها لا تزال تتجاوز الحدود المواتية. فقد سجلت توقعات التضخم على المدى القريب ارتفاعا ملحوظا تجاوز المستوى المستهدف، وإن كانت تبدو حاليا في سبيلها إلى تجاوز هذا المنعطف. ووفقا للتفاصيل الواردة في الفصل الثاني من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، يمثل خفض توقعات التضخم على المدى القريب أهمية بالغة لكسب المعركة ضد التضخم.
علاوة على ذلك، تآكلت هوامش الأمان المالي في كثير من الدول، في ظل ارتفاع مستويات الدين، وتزايد تكاليف التمويل، وتباطؤ النمو، واتساع الفجوة بين المطالب المتزايدة على الدولة والموارد المالية المتاحة. ويعرض ذلك كثيرا من الدول لأخطار الأزمات، ويتطلب تجديد التركيز على إدارة أخطار المالية العامة.
أخيرا، رغم تشديد السياسة النقدية، تراجعت حدة الأوضاع المالية في كثير من الدول، حسبما يرد تفصيلا في أحدث عدد من تقرير الاستقرار المالي العالمي. في الأسواق الصاعدة خصوصا، يكمن الخطر في إعادة تسعير الأخطار على نحو حاد قد يؤدي إلى ارتفاع إضافي في قيمة الدولار الأمريكي، وبالتالي خروج التدفقات الرأسمالية، وزيادة تكاليف الاقتراض والمديونيات الحرجة ... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي