تحلية المياه شريك في الصناعة العالمية

المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، أعلنت أنها تمكنت من استخلاص معادن قيمة تدخل في الصناعات العسكرية وصناعة الطائرات والإلكترونيات والأغذية والأدوية والبتروكيماويات، بعد أن نجحت في معالجة وإدارة الرجيع الملحي الناتج من منظوماتها الإنتاجية، وهي مياه شديدة الملوحة تعود إلى البحر بعد عمليات التحلية محملة بالمعادن والأملاح، ولكن ما هي أهمية توطين مثل هذا النوع من المعادن والأملاح من منظورنا كاقتصاديين والقيمة الاستثمارية المرتبطة بهذه المعادن؟
مؤكد أن توطين هذه الصناعات يحقق مزايا ترتبط بنواحي الاستدامة البيئية والمائية، ويوفر فرصا استثمارية ذات جدوى نوعية للمملكة، وهذا ما تابعناه خلال توقيع المؤسسة أولى عقودها الاستثمارية خلال مؤتمر التعدين الدولي مع شركات صينية.
هذا الاتجاه للاستثمار سبقته جهود بحثية وابتكارية، فلولا هذه النجاحات البحثية لتعذر إيجاد حل للاستفادة من كنوز البحر الكامنة في مياه الرجيع، وما ترتب عليها من دعم عديد من الصناعات الوطنية وسلاسل الإمداد وتعزيز إسهاماتها في الناتج المحلي الإجمالي. الاستثمار في مياه الرجيع له أهمية، فهو من جهة يعزز ريادتنا في مجال صناعة التحلية، ومن جهة أخرى يجعل منها وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية في مجالات صناعية مختلفة، خاصة في ظل ما تتمتع به المملكة من بنية تحتية متطورة، وما تمتاز به من موقع استراتيجي وسط قارات العالم.
الجودة والتنوع في المنتجات التي يوفرها المحلول الملحي ستشكل أبرز عامل لاستقطاب المستثمرين المحليين والعالميين، فـ"البروم" -على سبيل المثال- الذي يقدر إنتاج العالم السنوي منه بأكثر من 430 ألف طن، سيجعل من مؤسسة التحلية ملاذا جديدا للحصول عليه، خاصة أنه يدخل في صناعة النسيج، والأدوية، والتنقيب عن النفط، والغاز، والأغذية، ومثبطات الحرائق، والأثاث والإلكترونيات، وفي إنتاج وتخزين الطاقة.
علاوة على ما سبق، المغنيسيوم وأملاحه المختلفة التي يجري استخلاصها من الرجيع الملحي، تحتاجه عديد من التطبيقات الصناعية، راج أخيرا بديلا للألمنيوم بسبب خفة وزنه وقوة تحمله في عديد من المنتجات مثل صناعة المركبات والطائرات والصناعات المعدنية الأخرى، إضافة إلى المنتجات الاستهلاكية وكذلك كلوريد الصوديوم مادة خام لإنتاج عديد من المركبات غير العضوية التي تستخدم مواد أساسية في عديد من الصناعات ويستخدم مباشرة في عمليات إنتاج البترول وصناعتي النسيج والورق.
أخيرا، بهذه المنتجات القيمة لا تكتفي المملكة بتقديم القيمة لاقتصادها ودعم ريادتها في هذا المجال الحيوي، بل تقدمه للعالم، ثم إن ابتكار حلول لمعالجة مياه الرجيع الملحي الناتجة من منظومات الإنتاج، تمثل أحد أبرز تحديات العالم في صناعة تحلية المياه، ومؤسسة تحلية المياه المالحة السعودية نجحت في الوصول إلى إنتاج 11.5 مليون متر مكعب من المياه كأعلى إنتاج في العالم، وها هي الآن تدخل حلبة السباق لتصدر ماراثون تعظيم الاستفادة من مياه الرجيع الملحي والإسهام بفاعلية في تطوير قطاع التعدين ليكون قطاعا متنوعا وفاعلا يدعم الاقتصاد الوطني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي