هل من الضرورة أن يكون المبتكر رجل أعمال!
أصبح الابتكار هو أحد معايير قياس التقدم والتطور في أي مجتمع والدافع الحقيقي للتغيير والريادة، وغالبا ما يرتبط بالصورة النمطية لرجال الأعمال الذين يقودون الشركات الناجحة. إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يجب أن يكون المبتكر بالضرورة رجل أعمال؟، قد تكون الإجابة حاضرة للبعض منا وهي:" بالطبع! لا ليس بالضرورة "، كون الابتكار يمكن أن يأتي من مصادر متنوعة مثل العلماء الباحثين والمهندسين المبتكرين وأصحاب الفكر الإبداعي وغيرهم، فالمهم هو أن يكون لدى المبتكر القدرة على تحويل أفكاره إلى واقع من خلال التصميم والتطوير والتسويق، ويمكن للشركاء أو المستثمرون من رجال الأعمال مساعدته في تحقيق ذلك، أي أن بينهما نقاط تقاطع في أغلب الأحيان، ولعلي في هذا المقال أجيب على هذا التساؤل بسرد بعض من الإيضاحات والأمثلة للخروج بإجابة وعلاقة واضحة لذلك.
رغم من أن رجال الأعمال غالبا ما يتمتعون بالقدرات الإدارية والقيادية التي تمكنهم من تحويل الأفكار إلى منتجات تجارية ناجحة، إلا أن الابتكار لا يقتصر عليهم فقط، بل يمكن أن ينبع الابتكار من مصادر متعددة، كما ذكرت سابقا، إلا أن هناك صفات يجب أن يتمتع بها المبتكر، سواء كان رجل أعمال أو لا، وهي على سبيل المثال، يجب أن يكون مبدعا في تفكيره، حيث يستطيع رؤية الفرص والحلول حيث لا يستطيع الآخرون رؤيتها، وهنا أتذكر وخلال عملي بمشاريع مشتركة مع جامعه ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية، لاحظت تركيزهم الدقيق على هذه الصفه فمن خلالها يستطيع العلماء ايجاد الفرص للنشر العلمي وتسجيل عديد من براءات الاختراع، ومن الصفات كذلك، القدرة على تحويل هذه الأفكار إلى واقع من خلال التصميم والتطوير، سواء كان ذلك من خلال إنشاء منتجات جديدة أو تطوير تقنيات مبتكرة، وأضف إلى ذلك أيضا لديه الروح الريادية وتحمل المخاطر، كون طريق النجاح مليئ بالتحديات والعقبات.
ومن النماذج البارزة للمبتكرين الذين لم يكونوا رجال أعمال، مثل العالم نيكولا تسلا الذي ابتكر عديد من التقنيات المهمة التي استخدمت في كثير من المجالات، ولم يكن رجل أعمال وكان تركيزه فقط على البحث والتطوير، وهناك أيضا العالمة ماري كوري التي اكتشفت الراديوم، وهو يعد من بين أهم الابتكارات العلمية، ولم تكن سيدة أعمال، وركزت حياتها على البحث والتطوير والمشاركات العلمية.
وهناك أيضا رجال أعمال مبتكرين منهم، ستيف جوبز مؤسس شركة أبل الذي كان له تأثير كبير في الصناعة التكنولوجية من خلال منتجاته المبتكرة ورؤيته الريادية، ومارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك الذي نجح في تحويل فكرته إلى واقع ملموس يؤثر في ملايين البشر، وأيضا أيلون ماسك مؤسس شركة تيسلا الذي قاد ثورة صناعة السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، وجيف بيزوس مؤسس أمازون الذي بنى إمبراطورية التجارة الإلكترونية وتوسع في مجالات متعددة بما في ذلك الفضاء والتكنولوجيا.
وقد تتقاطع العلاقة بين رجل الأعمال والمبتكر في السعي لتحقيق النجاح والتطور في مجال الأعمال، ولا شك أن التعاون بينهما يسهم في تحقيق الابتكار والنمو الاقتصادي والاجتماعي بشكل عام، فهذا مثلا ألكسندر جراهام بيل اخترع الهاتف، لكنه احتاج غاردينر هوبارد كرجل أعمال لتحويل اختراعه إلى شركة تجارية ناجحة، ولذا أرى أنه ليس من الضروري أن يكون المبتكر رجل أعمال، ولكن من الجميل أن يتمتع بالصفات والمهارات المناسبة التي تمكنه من تحويل أفكاره إلى حقائق، سواء كان ذلك من خلال بناء شركة جديدة أو من خلال التعاون مع شركاء في الأعمال أو مستثمرين، وتجعل منه شخصا قادرا على تحويل الأفكار الابتكارية إلى أعمال تجارية ناجحة ومستدامة في البعد الاقتصادي.