الاتجاهات الاقتصادية الكبرى

مع دخولنا العقد القادم، يمكننا تخيل كيف ستشكل الاتجاهات الاقتصادية الكبرى مستقبل عالمنا، هذه الاتجاهات لا تقتصر على الاقتصاد بصورته البسيطة والمباشرة، بل تشمل أيضا تحولات اجتماعية وسياسية وبيئية كبرى.

كنقطة انطلاق، يمكننا الاستشهاد بأحد القرارات التي حدثت هذا الأسبوع في المملكة العربية السعودية، حيث انضم البنك المركزي السعودي إلى مشروع "إم بريدج" للعملات الرقمية التابعة للبنوك المركزية والمخصصة للمؤسسات المالية، كأول نظام للمدفوعات عبر الحدود باستخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية بهدف تقييم التجربة واستكشاف التحديات. يعد هذا النظام أول نظام للمدفوعات عبر الحدود باستخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDC) ويتعبر من أهم مشاريع بنك التسويات الدولية ويشير هذ التحول إلى الاعتراف بشكل من الأموال الرقمية الجديدة على مستوى حسابات التسوية وكواحدة من الاتجاهات الجديدة في النظام النقدي العالمي مع تغيرات جوهرية في السياسات النقدية والمالية المعروفة.

هذا الانضمام السعودي لمشروع " إم بريدج" جعلني أكتب لكم اليوم عن الاتجاهات الاقتصادية الكبرى التي سيشهدها العالم خلال العقدين القادمة، ظهور كيانات اقتصادية إقليمية بدلا من مفهوم العولمة، أي الاقلمة الاقتصادية، هذه التغيرات والتحولات الاقتصادية والسياسة والاجتماعية والبيئة تشير إلى تحول عن النظام الاقتصادي القائم على النيولبيرالية. سنرى اتجاهات لتراجع التجارة الحرة وعودة تدخل الحكومات في الأسواق وفرض الحواجز الجمركية، وجميعها محاولات لتخفيف التقلبات الاقتصادية الناتجة النظام الاقتصادي القائم ومن تحرير الأسواق للشركات العظمى وإلى جانب ذلك العالم سيكون متصل رقميا ومؤتمت وتصبح التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية حيث يساهم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في تحسين جوانب حياه البشر كما لا يمكننا الجزم بشكل المسؤوليات الأخلاقية والتأثير على  كلا من السلوك الانساني والعلاقات الاجتماعية وتآكل المهارات البشرية فالناس قد يصبحون أكثر اعتماد على الأنظمة الذكية وما يتبعها من تحولات عميقة ترتبط بالعزلة وتراجع التواصل البشري الحقيقي.

ستشهد جوانب الصحة تحسينات كبيرة بفضل التكنلوجيا الحيوية. قد تصبح العلاجات الجينية أكثر شيوعا، مما يعالج الأمراض المستعصية ويطيل من متوسط العمر المتوقع وستساهم التطبيقات الصحية الرقمية القابلة للارتداء والمراقبة المباشرة في تحسن الصحة العامة.

بالعودة إلى الاقتصاد في صورته المباشرة، سنرى أن واحدة من المؤشرات على تقدم الدول الانتقال إلى الأسبوع القصير، كنتيجة لتطور قطاع الخدمات واندماج الانسان مع الذكاء الاصطناعي بشكل مزدوج وتحفيز الاستهلاك وسيتخلى العالم الأول عن الاقتصاد الخطي تدريجيا والاعتماد على الاقتصاد الدائري وسيقاس تقدم الدول الاقتصادي من خلال تلك الدوال الخطية والدائرية. ويرتبط هذا الاتجاه بعناصر الابتكار والاستدامة والطاقة. أيضاً، ستواصل الدول المسيطرة على أشباه الموصلات تطوير نماذج وتطبيقات أشباه المواصلات، باستخدام النانو تكنولوجي والمواد الأرضية النادرة وأشباه الموصلات تمثل السر القادم.

في الختام، الاتجاهات الاقتصادية الكبرى ستعيد تشكيل عالمنا بطرق جديدة. وهذه التحولات تحمل في طياتها فرصا هائلة وتحديات جسيمة، مما يتطلب منا الاستعداد والتكيف مع المستقبل. وعلينا أن نتبنى الابتكار والاستدامة في كل جانب من جوانب حياتنا لضمان مستقبل مزدهر ومستدام وسريع الاستجابة.

 

 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي