التحول واستدامة الطلب على البترول

الاستدامة تعني الاستمرارية والثبات، وهي تعني أيضا تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتها الخاصة، حيث إن تطبيق هذا المبدأ المهم والإستراتيجي بفاعلية في أي قطاع أو جهة بلا شك دليل على بعد النظر، واستشراف المستقبل بموضوعية، وهذا يعني بالتأكيد تحمل المسؤولية تجاه الأجيال المقبلة.
رؤية السعودية 2030 في اعتقادي هي أنموذج حي لتطبيق هذا المبدأ الإستراتيجي وعمل كل ما يمكن لسلامة تنفيذ ما تم التخطيط له لتحقيق الأهداف المرسومة سواء كانت أهدافا في المدى القريب أو المتوسط أو البعيد.
في مطلع عام 2020 تم الإعلان عن "برنامج استدامة الطلب على البترول" الذي يعمل على تحقيق هدف إستراتيجي وهو التكامل بين صناعة البترول والمصافي مع صناعة البتروكيماويات وهو تكامل حقيقي لصناعة المنبع والمصب وما بينهما، ما سيولد عائدا أعلى من الاستثمارات والأصول الموجودة في السعودية.
يستهدف البرنامج رفع الكفاءة الاقتصادية والبيئية للنفط والغاز التقليديين وغير التقليديين وذلك بالتركيز على الابتكار وتعزيز المحافظة على البيئة، ولأهمية هذا البرنامج فقد شاركت 52 جهة في دراسته وستكون مسؤولية التنفيذ مسؤولية 17 جهة حكومية وغير حكومية، ويعمل هذا البرنامج تحت مظلة اللجنة العليا للموارد الهيدروكربونية، التي يرأسها الأمير محمد بن سلمان، ويستهدف البرنامج أيضا تطوير مواد غير معدنية كبلاط البوليمر والخرسانة البوليمرية، والبلاستيك المقوى بالألياف الزجاجية بما يحفز وينمي الطلب على الموارد الهيدروكربونية، ويجعلها أكثر استدامة ويزيد الطلب على النفط والغاز في المستقبل، ويرفع حصة السعودية منه.
رفع كفاءة الإنتاج بالتزامن مع رفع كفاءة الاستهلاك -في رأيي- من أهم العوامل التي ستسهم في قطف ثمار هذا البرنامج النوعي، حيث إن توفير كل برميل من النفط بخفض نسبة الاعتماد عليه، وحرقه لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه سيدعم صناعة المصب، وسيدعم كذلك مصادر الطاقة الأخرى ومنها الطاقة المتجددة، التي توليها القيادة اهتماما بالغا لتنويع مصادر الطاقة، والحفاظ على مصادر الطاقة الناضبة -الوقود الأحفوري- واستغلاله خير استغلال.
تعزيز استغلال القيمة المضافة الممكن تحقيقه من الموارد الهيدروكربونية سيعزز التكامل بين الصناعة البترولية والبتروكيميائية، والعمل مع الشركات للتوسع في مجال أعمالها وزيادة إنتاج المواد المختصة، كما هو الحال في بعض الشركات الأخرى بشكل يدعم وييسر قيام وتوسع الصناعات التحويلية، وسيدفع بشركاتنا الوطنية، التي نفخر بها مثل "أرامكو" و"سابك" و"صدارة" إلى زيادة حصتها في قطاع البتروكيماويات عالميا.
الجدير بالتنويه أن برنامج استدامة الطلب على البترول لا يناقض رحلة تحول الطاقة في السعودية، حيث إن العلاقة في اعتقادي بين الوقود الأحفوري ومصادر الطاقة الأخرى هي علاقة تكاملية للوصول إلى مزيج الطاقة الأمثل الذي يلبي الطلب على الطاقة ولا يغفل الالتزامات البيئية.            

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي