تحول سلس لنظام تقاعدي أكثر استدامة

صدر بالأمس القريب قرار مجلس الوزراء بالموافقة على نظام التأمينات الاجتماعية الجديد، وبذلك تم إلغاء نظامي التقاعد المدني والتأمينات الاجتماعية السابقين واستبدالهما بنظام واحد، وبهذا تمت معالجة مرحلة طويلة من التداخلات والمشكلات الإدارية المعقدة عندما ينتقل موظف من نظام الخدمة المدنية إلى وظيفة أخرى وفقا لنظام العمل، ما كان يوجد مشكلة تبادل المنافع المعقدة، وتصاعدت تلك الظواهر الإدارية عندما بدأت الحكومة في التحول الذي قادته رؤية السعودية 2030، وتطلب الأمر صدور تعديلات وأنظمة لمعالجة العلاقات المتشابكة التي نشأت عن التحول، وكان من الواضح جدا ضرورة إلغاء النظامين السابقين وإصدار نظام واحد يحفظ كل الحقوق والمزايا ويحقق عدالة ناجزة.

تقوم فكرة التأمينات الاجتماعية على مبدأ التكافل بين العمال، وعلى أساس أن الموظفين الحاليين يتشاركون في دعم مستحقات المتقاعدين، وهكذا في متوالية تضمن للمجتمع تكافل يعمل على ضمان حياة تقاعدية كريمة، وفي الوقت نفسه عدم ارهاق العاملين بالأعباء، ما يتطلب حسن إدارة الاشتراكات وحساب الاستحقاقات بحسب معدلات السكان، ورأس المال البشري، كما لا بد أن تحافظ صناديق التقاعد على أصولها من أجل الاستمرار في الدعم الكريم ودون التورط في عجز خطير، فالتوزان ضروري جدا. ووفقا لهذه المعطيات فإن النظام الجديد للتأمينات تطلب إعادة ترتيب سن التقاعد، ذلك أن السن الحالية للتقاعد وهي 60 عاما هجريا لم تحقق التوازن المنشود بما يؤثر في حقوق الأجيال التي تدفع اشتراكاتها اليوم وبقي لها زمن حتى تتقاعد، هذا ليس في السعودية وحدها بل في العالم أجمع، ولهذا عدلت عديد من دول العالم معادلة سن التقاعد هذه وفقا لمعطياتها البشرية.

لقد كانت التصورات حول ضرورة تعديل سن التقاعد قائمة قبل صدور قرار مجلس الوزراء، وقد أشير لذلك في عدة مناسبات، فلم يكن الأمر مستغربا، لكن القلق من تعديل حاد لسن التقاعد قد يوثر سلبا في خطط التقاعد لكثير من شرائح المجتمع وحالاتهم الصحية والمادية، ولأننا نعيش في ظل الحكم السعودي الكريم، فإن التوجيهات الكريمة التي صاحبت صدور النظام قد أسهمت في معالجة القلق وتحقيق تحول سلس ومنضبط، ومتدرج من الأنظمة القديمة للنظام الجديد، تراعي كل الظروف. فقرار مجلس الوزراء بالموافقة على نظام التأمينات الاجتماعية الجديد قصر تطبيقه على الملتحقين الجدد بالعمل، والموافقة على استمرار العمل بأحكام نظامي التقاعد المدني والتأمينات الاجتماعية بالنسبة إلى المشتركين الحاليين باستثناء الأحكام المتصلة بالسن النظامية للتقاعد، وهنا يجب أن نقف ونعلق، فالمشتركين الحاليين الذين سبق لهم دفع اشتراكاتهم وفقا للعلاقات التعاقدية السابقة لن يتأثروا بالنظام الجديد، ما يتح لهم الاستمرار وفقا لخططهم المستقبلية والالتزامات المالية التي قد تشمل القروض العقارية طويلة الأجل، وهذا خبر جيد جدا.

نأتي لمسألة سن التقاعد، وهي العامل الأكثر تأثير على حجم صناديق التأمينات الاجتماعية وحجم العجز فيها، لذلك ستتغير سن التقاعد وفقا لمتوالية تم اعتبار مدة الخدمة فيها، فالسن النظامية للتقاعد لن تكون سنة محددة، بل ستكون في مدى بين (58 و65) سنة ميلادية، مع ضمان حق من تجاوز عمره (48 عاما) ولديه مدد اشتراك بلغت 240 شهرا (20 عاما)، فلا تعديل لا في نسبة الاشتراك (التي ستظل عند 9%)، كما لا تعديل في سن التقاعد عند 60 عاما هجريا (58 عاما بالميلادي)، وتبدأ الفئات المتأثرة بالتعديلات وفقاً لسن المشترك في تاريخ سريان التعديلات بزيادة تدريجية تبدأ بـ4 أشهر على السن النظامية الحالية للتقاعد، فعلى سبيل المثال إذا كان عمر المشترك (47) عاما ميلادية، ولديه (228) شهرا (أي 19 عاما) فإنه يتقاعد عند سن 58 سنة ميلادية و8 أشهر، وبهذا تزيد سن التقاعد عن الذي أتم 20 عاما، وهكذا حتى نصل إلى منهم دون سن (29) الذين سيطبق عليهم سن تقاعد 65 عاما ميلادي فلديهم الآن تصور واضح عن مستقبلهم المهني، كما ستتأثر بهذه المعادلة حساب سن التقاعد المبكر أيضا، التي ستتصاعد تباعا لأعوام العمل، وقد وفرت مؤسسة التأمينات الاجتماعية منصة تفاعلية يستطيع كل موظف سواء في القطاع العام أو الخاص معرفة وضعه ومستقبله. تبقى القول: إن تعويض الأمومة مكفول في النظام الجديد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي