هيكلة الديون السيادية تتحسن

لقد تجنب الاقتصاد العالمي ما كان يمكن أن يمثل أزمة ديون نظامية أثناء الاضطرابات التي شهدتها الأعوام الأخيرة، لكن مواطن الضعف لا تزال قائمة في ظل ارتفاع تكاليف خدمة الدين التي تشكل تحديا مهما أمام الدول منخفضة ومتوسطة الدخل. وقد يواجه البعض اختبارات مهمة فيما بعد. وعندما تتعثر الدول في سداد الديون، تصبح عملية إعادة الهيكلة بالغة الأهمية لاحتواء الضرر. وينبغي أن تتم هذه العملية بأسرع ما يمكن، لأن التأخير يؤدي إلى زيادة عمق المديونية الحرجة من خلال زيادة صعوبة تصحيح الأوضاع وزيادة التكاليف التي يتحملها المدينون والدائنون. ففترات الانتظار الأطول تجعل الناس يعانون عندما يفقدون وظائفهم ويواجهون الفقر المتزايد، بينما يراقب الدائنون خسائرهم تتصاعد وهم ينتظرون التعافي. وهو وضع يخسر فيه الجميع.

ورغم أن بعض عمليات إعادة هيكلة الديون السيادية واجهت فترات تأخير كبيرة، فإننا نعمل مع نظرائنا على تسريع وتيرة هذه العمليات. والتقدم الذي تم إحرازه حتى الآن يوضح كيف يمكن للعالم أن يتضافر للحد من المخاطر.
إن الإطار المشترك، الذي يجمع الدول الدائنة معا للمساعدة في إعادة هيكلة الديون عند الحاجة، بدأ يحقق النتائج المرجوة. كيف؟ من خلال تخفيض الوقت الذي يستغرقه التوصل إلى اتفاق على مستوى خبراء الصندوق -وهو خطوة أساسية نحو برنامج يضعه الصندوق- يقدم بمقتضاه الدائنون الرسميون ضمانات التمويل اللازمة للموافقة على البرنامج. 

ونشهد أيضا تقدما في تسريع عملية إعادة هيكلة ديون دول الأسواق الصاعدة خارج الإطار المشترك. وكانت حالة سري لانكا أسرع من عملية سورينام التي سبقتها في 2021، ما يعكس تحسين التنسيق بين الدائنين وتحسين فهم الضمانات الوقائية والضمانات.
في أوائل العام الماضي، استحدث صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ورئاسة مجموعة العشرين باجتماع المائدة المستديرة بشأن الديون السيادية العالمية للمساعدة في التغلب على الخلافات المختلفة بشأن القضايا الفنية. وقد حققت المناقشات بين الدائنين والمدينين تقدما في عديد من الجوانب الرئيسة، بما في ذلك إمكانية المساواة في المعاملة بين الدائنين، وتحديد الديون التي تدرج ضمن عملية إعادة الهيكلة، وتبادل المعلومات، والعمليات، والأطر الزمنية. وقد ظهرات استجابة من بعض الدول في هذا الاتجاه.
ويعتمد الصندوق على خبرته في مجال إعادة هيكلة الديون السيادية لتسريع العملية. وقد اعتمد المجلس التنفيذي في أبريل إصلاحات مهمة لسياساتنا المعنية بالديون:

توفر الأدوات التي من شأنها أن تسمح عموما بالموافقة على برنامج صندوق النقد في غضون شهرين أو ثلاثة شهور من الاتفاق على مستوى الخبراء، بما في ذلك من خلال الضمانات الوقائية التي تساعدنا على المضي قدما في الحالات التي تشوبها مشكلات في التنسيق بين الدائنين. 
تستحدث إجراء جديدا لإنشاء ضمانات التمويل، وهو ما ينبغي أن يوفر مزيدا من المرونة بمرور الوقت. وبناء علي ذلك، سيعد الصندوق أن هناك "عملية موثوقة يقوم بها الدائنون الرسميون"، استنادا إلى الإجراءات التي يتخذها الدائنون، ومع مراعاة سجل أداء الدائنين في التنفيذ. 
وستسهل هذه الإصلاحات الانخراط بسرعة أكبر مع البلد المدين - وهي خطوة أساسية لأن التأخير يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أي أزمة. وستوفر الإصلاحات أيضا مزيدا من المعلومات للدائنين لمساعدتهم على التوصل إلى قرارات إعادة الهيكلة بسرعة أكبر (سواء لأنه يمكن الموافقة على البرنامج بسرعة أكبر، أو من خلال الموافقة من حيث المبدأ). 
وقد أدى ارتفاع التوترات الجغرافية - السياسية إلى زيادة صعوبة التعاون الاقتصادي العالمي. ومع ذلك، يمكننا أن نستلهم حقيقة مفادها أن الدائنين والأطراف المعنية في الصندوق بشكل أعم تتضافر جهودهم بالإجماع لمساعدة الدول التي تحتاج إلى إعادة هيكلة الديون. وهو أمر بالغ الأهمية لمواصلة تحسين هيكل الدين الدولي الذي يمثل أولوية قصوى، لا سيما في ضوء ارتفاع مستويات الدين وتكاليف خدمة الدين الباهظة في بعض الدول.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي