مدن مستدامة للمستقبل

شهد القطاع الحضري في السعودية تعديلات وتحديثات مهمة وناجحة في فترات قصيرة، التي كانت ضرورية لتحقيق الجوانب التمكينية لمستهدفات رؤية 2030 في جميع القطاعات التي ترتبط بالقطاع الحضري وجودة الحياة.

كثير من الفجوات الاقتصادية بين الدول تنشأ غالبا من القطاع الحضري، إضافة إلى قطاعي التجارة والاستثمار واقتصاد الخدمات. حديثنا اليوم عن القطاع الحضري، الذي يعد من فروع الاقتصاد ويهتم بدراسة كيفية تخصيص الأراضي للاستخدامات المختلفة مثل السكن، والتجارة، والصناعة، والترفيه كما يتناول التنمية الاقتصادية، وتعزيز نمو المدن، والسياسات الحضرية، وتأثير السياسات الحكومية في التنمية الحضرية، والتخطيط الحضري، والضرائب، والبيئة.

إلى جانب ذلك يغطي الاقتصاد الحضري معضلات أسواق الإسكان، التكاليف، العرض والطلب والسياسات السكنية، ما يجعله يسهم بشكل أو آخر في معالجة معظم القضايا التي تؤثر في النمو الاقتصادي للمدن.

وإذا نظرنا إلى الصورة الشاملة وفق منظور الاقتصاد الحضري، المقالة تحاول تقديم حلول تنظيمية تهدف إلى استكمال العناصر الضرورية التي تحتاج إليها السوق لمواصلة نجاحها ونموها المستدام، ومن أهم هذه الحلول وجود هيئة حكومية تنظم قطاع المقاولات والتشييد والبناء، نظرا لأهمية الموارد الاقتصادية والمالية والبشرية، والممارسات والتقدم التقني والفني الحديث.

في هذا القطاع، يتطلب وجود جهة تنظيمية حكومية يمكن الرجوع إليها، على غرار الهيئات المشرفة على القطاعات الاقتصادية الأخرى، وإذا حللنا هيكل القطاع الحضري نجد أن قطاع المقاولات تصل مساهمته في الناتج لبعض الدول إلى 10 % ويشغل بمتوسط 8 % في سوق العمل، كما أن هذا القطاع يعد عنصرا أساسيا في الإنفاق العام وتنشيط الطلب الكلي والتأثير في الناتج المحلي، إضافة إلى أنه يتكامل مع قطاعات متعددة مثل العقارات وفاتورة الواردات، وقطاعي المحتوى المحلي وسوق العمل.

وفي نفس السياق: فرص الترشيد في هذ القطاع هائلة بسبب حجم الاستثمارات الحضرية الهائلة مثل خدمات المرافق ووسائل النقل والطرقات والبنية التحتية، متوسط معدل نمو قطاع الإنشاءات والتشييد والبناء في السعودية في فترات الازدهار الاقتصادي لا يقل عن 10 % .

أيضا يجب أن نذكر أنه يحتاج إلى سياسات متوافقة مع الاتجاهات العالمية في الاستدامة وخفض التلوث، ومن جانب آخر ذي أهمية، التمويل فيه يتطلب نسبة مرتفعة من حصة محافظ البنوك الإقراضية، لإنه يحتاج إلى حلول تمويلية مختلطة وبرامج دعم ائتماني متخصص وبرامج ضمان لتخفيف المخاطر، بتعبير آخر: هناك قطاعات تزاحمه على التمويل وفي ذات الوقت قطاع يعد مولدا للفرص الاستثمارية في مجالات معايير ومواصفات الصناعة ومواد البناء وفرص إعادة تدوير المواد الإنشائية الكبيرة مع التجديد الحضري المستمر، فضلا عن المتطلبات التنظيمية في ضمانات الأبنية من منظور شركات التأمين والمؤسسات المالية ذات العلاقة.

لذلك، الإسراع في استكمال هذه الحلقات من خلال تأسيس هيئة مقاولات حكومية سيعزز العناصر التمكينية لتحقيق المستهدفات الوطنية العليا ويسهم في رفع نسبة تنويع الاقتصاد لمعدلات جديدة بعد أن نجح صناع السياسات الاقتصادية في جعل 50 % من الناتج المحلي للسعودية غير نفطي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي