القرصنة تضع دور نشر الكتب المحلية في مواجهة ارتفاع التكاليف التشغيلية

القرصنة تضع دور نشر الكتب المحلية في مواجهة ارتفاع التكاليف التشغيلية
دور النشر الكبيرة في الغرب تدفع 100 مليون دولار فقط للحماية الأمنية لنتاجها الفكري من القرصنة. واس

أحدثت الثورة الرقمية تحولا جذريا في صناعة الكتب الورقية، ما جعل عديدا من الناشرين يتوقعون انقراض دور النشر التقليدية بنهاية العقد الحالي، على غرار ما حصل لهواتف العملة المعدنية، وأشرطة الفيديو التي أصبحت من الماضي.

وبحسب الرئيس السابق لجمعية الناشرين السعوديين، الدكتور أحمد الحمدان في حديثه لـ"الاقتصادية" فإن مبيعات الكتب الورقية قد انخفضت بنسبة 65% خلال السنوات الأخيرة.

وأرجع الحمدان الذي ترأس الجمعية لأكثر من عقد من الزمن، إضافة إلى منصب نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب، هذا التراجع إلى المنافسة الشرسة على المعرفة والمعلومة من الثورة الرقمية لدور النشر التقليدية بالذات من خلال قنوات التواصل الاجتماعي، التي أخذت الكثير من وقت القارئ، مع تحول عادات القراءة لتصبح جزءًا من نمط حياة سريع، إضافة إلى انعكاس التضخم على الحياة اليومية للقارئ، ومن ثم على القدرة الشرائية، ما جعل شراء كتب ورقية بقصد المعرفة أو الثقافة ليس بالأهمية التي كان عليها في الماضي، فيما عدا المخصص منها للتعليم أو المرتبط بالعمل.

وأضاف: "إن كل هذه العوامل وغيرها ستنعكس على قدرة دور النشر على البقاء والاستمرار خلال السنوات المقبلة"، وتمنى الحمدان ألا يحصل لدور النشر المحلية كما حصل لهاتف العملة ولأشرطة الفيديو، التي أجبرها التطور على الانقراض لتحل محلها وسائل أخرى، موضحا أن عددها لا يزيد حاليًا على 100 دار بعد أن كانت تقارب 400 دار نشر في 2018.

وتابع: "إن مداخيل الكتاب الرقمي ضعيفة، فإحدى دور النشر المعروفة في السعودية بلغت مبيعاتها من الكتب الرقمية 95 ألفا في 3 أشهر، ما يعني أن مبيعات الشهر الواحد بلغت 30 ألف ريال وهو دخل لا يتناسب مع التكاليف التشغيلية لدور النشر، وهنا يمكن القياس على مستوى العالم العربي، لذلك لا أظن أن دور النشر المحلية والعربية عامة قادرة على دخول مجال الكتاب الرقمي بقوة دون وجود دعم لها، لأنه مجال مكلف".

ولا يمكن مقارنة دور النشر العربية بالأجنبية، فإحدى دور النشر الكبيرة في الغرب دفعت 100 مليون دولار فقط للحماية الأمنية لنتاجها الفكري من القرصنة، كما قامت دور نشر أخرى متخصصة في الكتاب الطبي بالتحول إلى الرقمي، رغم أن مبيعاتها السنوية من الإنتاج الورقي تصل إلى 5 مليارات يورو، ما يعني أنها قادرة على تحمل أي تغير في سلوك العميل.

وبالعودة للحمدان، قال أنه إن حجم سوق الكتاب في السعودية لدور النشر التابعة للقطاع الخاص بسيط، حيث كان في الماضي يقارب نصف مليار ريال في عز الإنتاج الورقي أما الآن فلا أظن أنه يزيد على 100 مليون ريال سنويا، هذا مع الأخذ في الحسبان أن تكاليف طباعة ونشر الكتب الورقية ارتفعت بنسبة 300% في الأعوام الأخيرة".

ويؤكد أن وزارة الثقافة تسعى بكل وسيلة لتطوير القطاع، لكن المشكلة هي كيف تقنع قارئا مشغولا بالتواصل الاجتماعي بالعودة إلى قراءة الكتاب الورقي في زمن أصبحت فيه المعلومة والمعرفة موجودة عبر الإنترنت، ويستطيع الوصول إليها الجميع من خلال الهاتف الخلوي.

ويتفق العضو السابق للجنة المطابع في غرفة جدة الناشر عمار بن محفوظ على أن الثورة الرقمية غيرت كثيراً من آليات الصناعة، فاليوم ذهب على الأقل ما بين 70 إلى 80% من عملاء الكتب الورقية إلى الرقمية.

وأضاف: "اليوم يستطيع الكاتب خلال 20 يوما إعداد وترتيب وتنسيق كتابه ونشره من خلال دور النشر الرقمية العالمية، بعد أن كان قبل 30 سنة مضطراً إلى السفر إلى الدول العربية المجاورة لأسابيع وأحيانا لأشهر، حتى يتم نشر وتوزيع كتابه على معظم العالم العربي.

الأكثر قراءة