الاستثمارات في رأس المال البشري بشبكات اجتماعية
أدت الفيضانات التي اجتاحت مناطق عدة في البرازيل في مايو الماضي إلى تشريد وتهجير ونزوح أكثر من نصف مليون شخص. ولم تدمر الفيضانات ممتلكاتهم فحسب، بل عطّلت إمدادات الكهرباء والمياه النظيفة وخدمات التعليم والرعاية الصحية. ولهذه الاضطرابات آثار طويلة الأمد على تنمية رأس المال البشري الضرورية لتعزيز القدرة على الصمود وتحقيق الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.
توضح مذكرة السياسات التي أصدرناها أخيرا بعنوان "كيفية حماية وبناء واستخدام رأس المال البشري للتصدي لتغير المناخ" كيف يمكن للاستثمار في رأس المال البشري أن يحمي الناس من آثار تغير المناخ ويمكّنهم من تقديم الحلول. وتم طرح 5 إستراتيجيات لتحسين الاستثمار في البشر والكوكب.
أولا: حماية البشر وبناء القدرة على الصمود من خلال شبكات الأمان الاجتماعي
الكوارث الطبيعية، وخاصة الفيضانات، تدمر المجتمعات المحلية وتدفعها إلى السقوط في براثن الفقر وتعوق التنمية طويلة الأجل. والتحويلات النقدية وغيرها من المساعدات الاجتماعية ليست مجرد خط دفاع أول لحماية الناس من الآثار المباشرة للتغير البيئي.
ثانيا: تحسين جاهزية الخدمات الصحية والتعليمية وقدرتها على الصمود في مواجهة الصدمات للمعلمين والكوادر الصحية والبنية التحتية للحفاظ على استمرارية تقديم الخدمات وجاهزيتها أثناء الكوارث الطبيعية. ويجب أن تظل هذه الخدمات متاحة أثناء وبعد هذه الأحداث. وتساعد أنظمة تعزيز جاهزية الموظفين والإنذار المبكر البلدان على الاستعداد لآثار تغير المناخ والحد منها.
ثالثا الاستثمار في التعليم الجيد من أجل العمل المناخي
البشر هم محور تركيز العمل، والتعليم يُطور سلوكيات الأفراد، كما يعزز التعليم الأساسي والتثقيف البيئي الأفكار والسلوكيات التي تراعي مفاهيم الجيل القادم، فضلاً عن التأثير في أولياء الأمور. ويمكن أن تؤدي كل سنة إضافية من التعليم إلى تعزيز الوعي البيئي وأنشطة الدعم والمساندة ذات الصلة.
رابعا: إعداد القوى العاملة من خلال تنمية المهارات وتطويرها
مع تحوّلنا إلى مصادر الطاقة المتجددة ، هناك حاجة متزايدة إلى قوة عاملة ماهرة في استخدام التكنولوجيات. والطلب على هذه "المهارات الخضراء" يتجاوز المعروض من الأفراد المؤهلين. وتتوقع مؤسسة التمويل الدولية أن أنشطة العمل المناخي يمكن أن تصنع 213 مليون فرصة عمل على مستوى العالم بحلول 2030.
ولسد هذه الفجوة، من الضروري الاستثمار في برامج التعليم والتدريب الفني والمهني والتعليم الجامعي.
خامسا: التمكين من الحصول على وظائف خضراء
الاختلافات في مهام العمل والمهارات والأماكن التي تغلق فيها الصناعات أبوابها أو تتطور تمثل تحديات للعمالة التي تم تسريحها من حيث فرص الحصول على فرص عمل جديدة على الفور، لذا فمن الضروري وضع برامج لتوفير فرص العمل من أجل إعادة تأهيل العمالة وهناك فرصة عالمية تتمثل في ضمان استفادة النساء من فرص العمل الجديدة، السياق القُطْري وأثره في مزيج السياسات الصحيحة يتطلب إيجاد حلول لمشكلة التغير البيئي الاستثمار في البشر، وغالبا ما تكون شبكات الأمان الاجتماعي وخدمات الرعاية الصحية والتعليم القادرة على الصمود استثمارات عاجلة للبلدان التي تعمل بالفعل على التكيّف مع الأخطار الجديدة والأكثر حدوثاً، أما خدمات التعليم وتنمية المهارات وإيجاد فرص عمل فهي استثمارات مهمة للاقتصادات الخضراء على مستوى العالم.
ويجب أن يكون رأس المال البشري، وحمايته وبناؤه واستخدامه، محور تركيز العمل المناخي. ويساعد مشروع رأس المال البشري للبنك الدولي البلدان على تحسين الاستثمار في البشر من أجل مستقبل أكثر استدامة وشمولاً للجميع، لأن الاستثمار في رأس المال البشري ليس مجرد إستراتيجية اقتصادية، بل إستراتيجية بيئية.