أهمية إدارة البيانات في تعزيز البنية الاقتصادية

في عصر المعلومات الحالي، أصبحت البيانات هي المورد الأعلى قيمة والأكثر أهمية، الذي يمكن أن تملكه الدول والشركات والمؤسسات التجارية وغيرها، كونها تمثل غزارة من المعلومات القابلة للتحليل، ما يتيح فهم أعمق للسوق والاتجاهات الاقتصادية بشكل عام، ولا تقتصر أهميتها على توفير المعلومات الدقيقة والموثوقة فقط لكنها تعزز أيضًا القدرة على اتخاذ القرارات ودعم الابتكار وتحسين الكفاءة وتوقع المستقبل. وفي هذا المقال، سأستعرض أهمية ذلك وكيف أنها تؤدي دورًا حاسمًا في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحقيق الاستدامة على المدى الطويل.

إدارة البيانات هي عملية جمع وتنظيم وتحليل البيانات لضمان دقتها واستخدامها الاستخدام الفعال في دعم القرارات الإستراتيجية، وتشمل عديدا من المراحل، مثل: جمع البيانات وتخزينها وحمايتها وتحليلها. والهدف الرئيس من ذلك هو تحويل المعلومات الخام إلى معرفة قيمة يمكن استخدامها في تحسين العمليات واتخاذ القرارات بشكل أسرع وأكثر دقة، ولذا تعد البيانات مخزونًا إستراتيجيًا يشبه النفط إلى حد كبير جداً، وأصبحت كثير من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين تستخدمها كوسيلة لدعم نموها في كثير من القطاعات سواء كانت الاقتصادية أو الدفاعية والأمنية أو المجتمعية وغيرها، وتحقق من خلالها التنافسية والريادة ورفع جودة الحياة.

وتؤدي إدارة البيانات دورًا حيويًا في تحليل الأسواق المالية وإدارة الأخطار، فالبنوك والمؤسسات المالية تعتمد على البيانات لتحليل الاتجاهات الاقتصادية واتخاذ قراراتها الاستثمارية المستنيرة. ولا شك أن الشركات التي تستخدم إدارة البيانات بفاعلية تكون قادرة على تحسين خدماتها ومنتجاتها باستمرار، ما يمنحها ميزة تنافسية في السوق ويساعدها على تحقيق الاستدامة الاقتصادية من خلال تحسين استخدام الموارد وتقليل الهدر.

في السعودية، تسعى رؤية 2030 لتحقيق التنمية المستدامة، ويتضمن ذلك استخدام البيانات لتقييم استهلاك الموارد والآثار البيئية، ولذا أطلقت مبادرات لتشجيع استخدام البيانات في قياس نجاح عدد من البرامج منها على سبيل المثال: برنامج "التحول الوطني"، الذي يسهم في توجيه السياسات نحو النمو المستدام الذي يحافظ على البيئة ويدعم التقدم الاقتصادي.

والبرنامج الوطني للبيانات والذكاء الاصطناعي يتمتع بتوجه نحو تعزيز استخدام البيانات للاستفادة منها في تحسين الأداء الإداري والاقتصادي كونه يتضمن استثمارات كبيرة في البنية التحتية للبيانات وتحليلها ويهدف إلى بناء اقتصاد مبني على المعرفة. كما نجد أن وزارة التجارة أيضاً تعمل على تحسين كفاءة الإجراءات من خلال رقمنة العمليات وجمع البيانات.

ونظام "منشآت"، على سبيل المثال، يسهم في تسهيل إجراءات الأعمال الريادية، ما يسهم في رفع مستوى الإنتاجية في قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة. وهناك توجه نحو تحسين البنية التحتية للأمن السيبراني، من خلال الهيئة الوطنية للأمن السيبراني التي تعمل على تطوير برامج شاملة تهدف إلى دعم الشركات والأفراد لحماية بياناتهم، كون الاستثمار في ذلك يوجد بيئة أعمال آمنة، ما يعزز من الثقة ويشجع على الاستثمار.

وفي المستقبل، أرى أنه ستزداد أهمية تحليل البيانات بشكل دقيق ولحظي ومتقن، بحيث سيكون بإمكان الشركات اتخاذ قرارات سليمة وسريعة مبنية على المعلومات اللحظية، وهذا النوع من التحليل سيكون مفيدًا جداً خاصة في القطاعات التي تتطلب استجابة سريعة ويؤدي الوقت دوراً مؤثراً في ذلك، مثل التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية، على سبيل المثال، يمكن للشركات وأسواق المال استخدام التحليل في الوقت الحقيقي لتعديل الأسعار بناءً على الطلب، ما يزيد من أرباحها ويرفع من قدرتها التنافسية في الأسواق بشكل موثوق ومستدام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي