لماذا يشكل التعدين أهمية لخطط التنويع السعودية ؟

في تقريرها عن التقييم العالمي لمخاطر الاستثمار في قطاع التعدين الصادر في النصف الأول من 2024، صنفت مؤسسة ماينهوت ( MineHutte) السعودية بأنها الأسرع عالميا في تطور البيئة التنظيمية والأساسية لقطاع التعدين الجاذبة للاستثمارات خلال الفترة من (2018-2023).

كما احتلت المرتبة الثانية في بيئة منح التراخيص في العالم. التصنيف المتقدم لم يتحقق بين ليلة وضحاها، إنما نتيجة لجهود متراكمة بدأت منذ إطلاق السعودية رؤيتها للتنمية لعام 2030. الهادفة إلى التنويع الاقتصادي التي وضعت التعدين كركيزة أساسية لقيادة التطوير والتنويع.

الأهمية الكبيرة لقطاع التعدين نبعت من حجم الثروة التي تملكها السعودية. حيث قدرت وزارة الصناعة والثروة المعدنية حجم الثروات المعدنية بنحو 9.4 تريليون ريال، وتشمل مختلف المعادن مثل الذهب والنحاس والزنك، إضافة إلى العناصر الأرضية النادرة. التي تشكل أهمية كبيرة لمستقبل الاقتصاد العالمي. ومن المتوقع أن تراوح مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030 بين 70 و80 مليار دولار. ليكون بذلك واحدًا من أهم روافد تنويع الدخل الوطني. ولتعظيم القيمة المضافة من الثروة المعدنية.

فقد أطلقت السعودية مجموعة من الحوافز والضمانات لتشجيع الاستثمار المحلي وجذب الاستثمارات الأجنبية. حيث خفضت السعودية نسبة الضريبة على الاستثمار التعديني إلى 20% مقابل 45% في السابق. إضافة إلى تقديم تسهيلات مالية تصل إلى 685 مليون ريال للشركات والمستثمرين الراغبين في الاستثمار في استكشاف الموارد المعدنية. بجانب دعم بقيمة 7.5 مليون ريال لكل رخصة للشركات الحاصلة على رخص كشف سارية لأقل من 5 سنوات.

التطورات التي شهدتها البيئة التنظيمية والتشريعية والحوافز المقدمة لقطاع التعدين أسهمت في توجيه أنظار المستثمرين الأجانب للقطاع. حيث ارتفع عدد تراخيص الاستثمار الأجنبي المباشر للقطاع من 4 تراخيص فقط في 2017 ليصل بنهاية 2023 إلى 111 ترخيصا. بينما وصل صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للقطاع بحلول 2022 إلى 3.8 مليار ريال، وذلك مقارنة بنحو 1.5 مليار ريال في 2016.

وفي ضوء ما تشهده السعودية من تحول في نموذجها الاقتصادي. نرى أن قطاع التعدين يشكل أهمية مزدوجة، فمن ناحية يشكل رافدا مهما لتنويع مصادر الدخل وزيادة الصادرات. أما الآخر الأكثر أهمية فيتمثل في بناء سلسلة توريد قوية للصناعات السعودية المستقبلية، حيث تسعى السعودية إلى التحول إلى مركز صناعي عالمي وبالأخص في الصناعات المتقدمة مثل السيارات الكهربائية وصناعة البطاريات والطاقة المتجددة إضافة إلى الصناعات التكنولوجية مثل الرقائق الإلكترونية. وللتمكن من جذب الاستثمارات الأجنبية، يجب أن يكون لدى السعودية سلسلة توريد شاملة تخدم تلك الصناعات، لا تقتصر على استخراج المعادن فقط لكن تصل إلى عملية المعالجة والمراحل المتقدمة الأخرى.

ونظرًا لأن الاستثمار في قطاع التعدين يرتبط بمخاطر عالية ويحتاج إلى استثمارات كبيرة وخبرة فنية متقدمة. لذلك فإن الاستثمار الأجنبي هو الحل الأنسب لتعظيم القيمة المضافة. لذلك من المهم تحديث بيئة الأعمال للقطاع مع إعطاء حوافز إضافية تمتد من الحوافز المالية والضريبية إلى المرتبطة باستقطاب الكفاءات والعاملين. إضافة إلى ضرورة توفير البنية التحتية المتقدمة التي تسهم في تطوير القطاع، مثل الطرق والسكك الحديدية اللازمة لنقل المواد الخام من مواقع التعدين والمحاجر إلى منشآت المعالجة والمنتج النهائي.

صندوق الاستثمارات العامة له دور مهم في تنمية القطاع. وذلك عبر عقد الشراكات مع أهم الفاعلين العالميين في مجالات التعدين، وحشد التمويل اللازم بالتعاون مع المؤسسات المالية العالمية لدعم تلك الشراكات. ونظرا لأن مستقبل العالم أصبح مرتبطا بالمعادن النادرة فيقترح أن تمنح السعودية حوافز اسثنائية لجذب الاستثمارات الأجنبية لعمليات استكشاف وإنتاج تلك العناصر.

ختامًا، فإن قطاع التعدين في السعودية يملك إمكانات هائلة تمكنه من منافسة أهم المراكز التعدينية في العالم، إضافة إلى بيئة استثمارية مهيأة ومتطورة توفر حوافز كبيرة وتمنح الضمانات للمستثمرين لتحقيق عوائد عالية. وسيمكن تطوير القطاع السعودية من التحول إلى قطب مهم في سلسلة الإمداد والتوريد العالمية خاصة للصناعات المتقدمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي