مستقبل الذكاء التوليدي
تشير التقديرات إلى أن حجم سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي عالميا بلغ 44 مليار دولار، والحصة الكبرى ستكون للولايات المتحدة الأمريكية بحجم يقدر بـ12 مليار دولار بنهاية 2024، ومن المتوقع أن تنمو السوق بشكل سريع لتصل إلى ما بين 968 مليار دولار و1.3 تريليون دولار بحلول 2032.
العالم على أعتاب موجة جديدة من الإنتاجية والكفاءة، والمجالات الأكثر تأثرا ستكون مجالي التعليم والتدريب للقوى العاملة، حيث إن الأتمتة تزيد في المهن المرتبطة بهذا القطاع من 15 إلى 54%، أما المهن القانونية والتجارية فسترتفع من 32 إلى 62%، والدلالة الإحصائية تبين أن الذكاء الاصناعي سيعمل على تطوير المناهج ونوعية التعليم، ما يقلل من الأعباء الإدارية والمهنية على المعلمين، ما يتيح للمعلمين التركيز على التفاعل الشخصي مع الطلاب، والأمر كذلك في الأعمال الروتينية في مجالي التجارة والقانون حيث سيحسن الذكاء الاصطناعي الكفاءة في مراجعة العقود وتكييف القضايا القانونية وتوقع الأحكام، وفي المجال الصحي الذكاء الاصطناعي سيدعم الأطباء في تشخيص الأمراض من خلال تحليل الصور الطبية وتقديم اقتراحات علاجية مستندة إلى البيانات.
في المقابل، هناك مجالات مهنية ستكون أقل تأثرا مثل بعض أنواع خدمات النقل والتركيب الميكانيكي والإصلاح والزراعة، لأن هذه المجالات تتطلب تفاعلات بشرية معقدة أو مهارات متخصصة لا يزال من الصعب وضعها على مسار الأتمتة بالكامل، لكن التأثير العام يظهر أن هناك إمكانات لأتمتة الأعمال من 51 إلى 63% أي إننا أمام اتجاه ناشئ نحو تحسين الكفاءة والإنتاجية في معظم القطاعات، أما التأثير الأكبر في إمكانية الأتمتة فسيصل إلى 87% للأعمال المكتبية وأعمال الدعم وتحليل البيانات والإحصائيات، وهذا يشير إلى إمكانات كبيرة في تحويل المسار مع دمج الأعمال الإدارية والروتينية ضمن مجالات الذكاء التوليدي.
لا يزال الأمر في بدايته، لكن تأثيراته واسعة، وكثير من الحكومات الصاعدة ستطلق العنان لقوة الذكاء الاصطناعي التوليدي لتعويض الفجوة بين الاقتصادات المتقدمة مثل أمريكا والسعودية وألمانيا واليابان، والناشئة مثل الصين، حيث سيطرت أمريكا الشمالية على السوق في 2023 بحصة 49.78%، ويعكس هذا التفوق حجمي التقدم التكنولوجي والاستثمارات الكبيرة في تطوير الذكاء الاصطناعي إضافة إلى منافعه المستقبلية للدول مدنيا وعسكريا.
سوق الذكاء الاصطناعي تراوح بين عمالقة التكنولوجيا العالمية والشركات الناشئة المتخصصة، ما يخلق ديناميكيا، ولا سيما أن الشركات وأصحاب الأداء المرتفع وهم الأكثر من غيرهم مرشحون لشراء منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي، أي إننا سنرى ميزانيات الشركات والأفراد تذهب للذكاء التوليدي المدفوع للحصول على إمكانات أكبر، وسنشهد نموا سريعا من الحكومات بسبب المبادرات الحكومية التي تتبنى الذكاء الاصطناعي والابتكار التكنولوجي، فالحكومات تطور أعمالها من خلال دعم التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، والسعودية من أهم الدول الداعمة للاتجاهات التقنية الحديثة.
وفي السعودية تمت استضافة القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثالثة التي تجمع صناع السياسات الاقتصادية والمختصين، لإيماننا بأن التقنية قادرة على تغيير مسار البشرية للأفضل على المستوى الاقتصادي والانفتاح الاجتماعي، وقناعة قادة الأعمال في السعودية بأن التقنية قادرة على زيادة التعاون التجاري وريادة الأعمال لتعزيز النمو وفرص العمل والإنتاجية العالمية.