ميزانية حكومية تحفيزية للاقتصاد الوطني 2024-2027
أكّد البيان التمهيدي للميزانية العامّة للدولة 2025 على تبنّي الحكومة لسياسات الإنفاق التوسعي، التي تستهدف إستراتيجياً توفير الدعم اللازم للنمو الاقتصادي، واستمرار الاعتماد على تنويع القاعدة الاقتصادية بتسخير تلك السياسات والموارد المالية المتوافرة في هذا الاتجاه، والتركيز على القطاعات ذات العائدين الاقتصادي والاجتماعي المستدام، مع الاستمرار في تحقيق المبادرات المتعلقة برؤية السعودية 2030. ويعكس كل ذلك عزْم الحكومـة على التقدم بوتيرةٍ أسرع في تنفيذ الإصلاحات وتطوير السياسات، إضافةً إلى التوسع في الإنفاق التحولي الهادف إلى تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، ما يسهم في تعزيز جودة الحياة، وهو ما أكّدتْ عليه توقعات وتقديرات حجم الإنفاق الحكومي خلال الفترة 2024-2027، بوصوله إلى نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي طوال الفترة، بما يؤهله إلى أن يكون رافداً قوياً للنمو والاستقرار والتنويع الإنتاجي، بالتزامن مع قدرة المالية العامّة على تحمّل عجزاً مالياً في الأجل المتوسط يراوح عند 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبالنظر في توقعات البيان التمهيدي للميزانية، فقد أشارت إلى إمكانية ارتفاع إجمالي الإيرادات إلى نحو 1.24 تريليون ريال بنهاية العام المالي الجاري، بمعدل نموٍ سنوي يبلغ 2.1% بالمقارنة مع الإيرادات الفعلية للعام الماضي، وارتفاع إجمالي المصروفات سنوياً بنحو 4.8% إلى 1.36 تريليون ريال بنهاية 2024، وهو ما يعني توقع عجز مالي للعام الجاري يصل إلى 118 مليار ريال (2.9% من الناتج المحلي الإجمالي)، وجاءت تقديرات البيان التمهيدي بخصوص العام المالي القادم، حاملةً إمكانية وصول إجمالي الإيرادات خلال 2025 إلى أكثر من 1.18 تريليون ريال بانخفاضٍ تقديري عن العام الجاري بما لا يتجاوز 4.3%، بينما يقدّر البيان التمهيدي نمو إجمالي الإيرادات بنحو 1.29 تريليون ريال بحلول نهاية 2027، مدعوماً بتوقعات النمو الاقتصادي المحلي والعالمي.
أمّا على جانب المصروفات، فقد توقّع البيان التمهيدي أن يبلغ إجمالي المصروفات نحو 1.29 تريليون ريال بنهاية 2025 (29.5% من الناتج المحلي الإجمالي)، وأن يستمر في الارتفاع إلى 1.33 تريليون ريال بنهاية 2026 (30% من الناتج المحلي الإجمالي) ثم يصل إجمالي المصروفات إلى نحو 1.43 تريليون ريال بنهاية 2027 (30.3% من الناتج المحلي الإجمالي)، وهذا المستوى من الإنفاق الحكومي المحفّز الذي يؤكّد استمرار الحكومة في تنفيذ المبادرات والإصلاحات في الجانب الاقتصادي والمالي، تحت مظلة رؤية السعودية 2030 وصولاً إلى تحقيق الهدف الإستراتيجي المتمثل بتنويع الاقتصاد الوطني، والتعزيز المستمر والمتنامي للإيرادات غير النفطية.
جاءت مضامين البيان التمهيدي للميزانية لتؤكد عزم الحكومة على استكمال جهودها الرامية إلى تعزيز استدامة المالية العامة، وتحقيق المستهدفات التنموية الشاملة، من خلال المراجعة الدورية لتقديرات أسقف المصروفات الحكومية في الأجل المتوسط وفقاً للمستجدات المالية والاقتصادية المحلية والعالمية، ضمن إطار الحيّز المالي المتاح في مشروع التخطيط المالي طويل الأجل.
والتأكيد أيضاً على استمرار الإنفاق الحكومي على الخدمات الأساسية للمواطنين والمقيمين، إضافة إلى تعزيز جودة الحياة وتطوير الخدمات الحكومية في مجالات التعليم والصحة، والتنمية الاجتماعية وكذلك تطوير البنية التحتية في مختلف مناطق السعودية، مع تمكين القطاع الخاص، وتنمية المحتوى المحلي والصناعات الوطنية، وتحفيز البيئة الاستثمارية لتحقيق التنمية الشاملة.
ختاماً، تتمتع السعودية ولا تزال -بحمد الله- في مركزٍ مالي قوي ومتين، استمدته من توافر الاحتياطيات المالية الجيدة، ومستويات مستدامة من الدين العام، أسهمت وتسهم في تمكين الحكومة من مواجهة أي تحدياتٍ مستقبليةٍ محتملة، وقدرتها اللازمة على تأمين احتياجاتها من التمويل في الآجال: القصيرة والمتوسطة والطويلة من مختلف الأسواق المحلية والعالمية.