الصناعة السعودية .. تطورات وتحديات
المقصود الصناعة التحويلية. وتعد عادة أهم محرك في نمو الاقتصادات، منذ القرن الـ18 الميلادي، الذي شهد بداية ما اشتهرت تسميته بالثورة الصناعية. وحولت تلك الثورة عبر عشرات السنين الاقتصادات الكبيرة من اعتماد على قطاع الزراعة إلى اقتصادات قائمة بالدرجة الأولى على الصناعة والتقدم التقني.
في بلادنا، يمر قطاع الصناعة بتطور ملحوظ. لقد أعطت الرؤية اهتماما قويا بالقطاع، وركزت على تطوير هذا القطاع ليكون مرتكزا للاقتصاد. تستهدف الرؤية مضاعفة حجمه، أي جعل نصيب الصناعة لا يقل عن 20% من الناتج المحلي أي من حجم الاقتصاد، في 2030.
وكانت قبيل بداية الرؤية تدول حول 10% من الناتج المحلي، وهي نسبة صغيرة مقارنة بالطموحات في تطوير الاقتصاد وتقوية الاعتماد على الإنتاج الصناعي المحلي. ونصيب الصناعة من الناتج حاليا في حدود 15%. ومن باب التوضيح، يدخل في القطاع الصناعات النفطية وصناعات البتروكيماويات والمعادن. كيف تطورت الصناعة في السعودية عبر السنين؟ بدأت مع الاكتشافات البترولية أواسط القرن الهجري الماضي. وكانت قبل ذلك مقتصرة على الحرف التقليدية والصناعات اليدوية. وفي 1962 تأسست بترومين، التي تركز اهتمامها على الصناعة السعودية المتعلقة بالنفط وماصة المصافي.
شهد أواسط عقد السبيعنيات من القرن الميلادي الماضي تأسيس وبناء 3 جهات صناعية، وهي صندوق التنمية الصناعي والهيئة الملكية للجبيل وينبع، وشركة سابك. ومع بداية هذا القرن الميلادي أنشأت الدولة هيئة المدن الصناعية.
أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برنامج تطوير الصناعة قبل 5 سنوات تقريبا، وهو برنامج ضمن الرؤية. يحوي البرنامج على أكثر من 300 مبادرة في تطوير القطاع، منها مبدرات لجذب الاستثمارات الأجنبية لدعم الصناعات النوعية. ويعطي البرنامج تركيزا على الجيل الرابع من الصناعة الذي يتضمن التطبيقات الروبوتية المتقدمة. كما يعطي اهتماما بتأهيل وتوظيف ما لا يقل عن 200 ألف مواطن في قطاع الصناعة.
وضمن برنامج تطوير الصناعة، أعلن وزير الصناعة والثروة المعدني بندر الخريّف برنامج صنع في السعودية في شعبان 1442 الموافق مارس 2021. الهدف تحفيز الصناعات الوطنية وتشجيع المستهلكين على شراء السلع المحلية وتنمية وتعزيز صادرات السعودية إلى الأسواق العالمية. وفي البلاد حاليا نحو 40 مدينة صناعية، فيها نحو 12 ألف مصنع.
تطوير القطاع والحصول على 20% ليس بالعمل السهل، وأصعب منه تكوين ثقافة مجتمع صناعية، لأن الاستثمار في الصناعة يواجه تحديات. هو يتطلب مهارات وتقنية ورأسمال وصبرا أعلى عادة مما هو مطلوب في الاستثمارات الأخرى، هذا من جهة الابتداء. أما من جهة الإنتاج فهناك مشكلات ربما كان أهمها المنافسة الأجنبية. ولا ننس التحديات والمعوقات التي تواجه أي استثمار.
في المنافسة الأجنبية رأينا كيف أن كبرى الدول الصناعية واجهت صعوبات في منافسة الصناعة الصينية وغير الصينية. وطبعا يقف الدعم الحكومي بطرق مباشرة وغير مباشرة على رأس وسائل مواجهة هذه المنافسة. والتفصيل في هذه الأمور يطيل المقال.
من التحديثات تحسين بيئة الأعمال الصناعية، وتوازن التنمية. من التحديات تحقيق التنمية المتوازنة وليس التركيز فقط على المدن الكبرى، مع مراعاة حفز القدرات على الإبداع والتطوير نتيجة الاحتكاك وانتقال المهارات. ذلك أن من التحديثات نقل وتوطين التقنية ومن التحديات التعامل مع تشريعات ومستجدات منظمة التجارة العالمية. ومن التحديات تطوير القوى العاملة السعودية في مجالات صناعية، وتطوير الإدارة الصناعية. وهنا جاءت أهمية تطوير وتعديل السياسات الحكومية عامة والصناعية خاصة بطرق تخفف من المشكلات إلى أدنى حد، وتؤدي إلى تحقيق نمو سنوي ينشئ بعد حين القاعدة والثقافة الصناعية المنشودة. وبالله التوفيق.