مخاوف الطلب وعدم اليقين تهبط بأسعار النفط

هبطت أسعار النفط في تعاملات الجمعة وسجلت خسارة أسبوعية بأكثر من 7 %، وهو أكبر انخفاض أسبوعي منذ أوائل سبتمبر. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت عند التسوية إلى 73.06 دولار للبرميل، كما هبط خام غرب تكساس الوسيط إلى 69.22 دولار للبرميل. بالفعل، المشاعر السائدة في سوق النفط، وخاصة بين المتداولين الأكثر مضاربة، هبوطية إلى حد كبير. جزء كبير من الاتجاه الهبوطي مدفوع بمخاوف تخمة العرض وضعف الطلب، مع إصدار وكالات الطاقة توقعات متباينة بشأن سوق النفط.

على سبيل المثال، خفضت أوبك توقعاتها للطلب العالمي على النفط في 2024 و 2025. وهذه هي المرة الثالثة على التوالي التي تخفض فيها المنظمة توقعاتها لنمو الطلب، حيث تم الآن خفض تقديرات 2024 إلى 1.93 من 2.03 مليون برميل يوميا.

كما هدأت المخاوف من انقطاع محتمل للإمدادات بعد تقرير يفيد بأن أسرائيل قد تتجنب استهداف البنية التحتية للنفط الخام الإيراني، ما أدى إلى خفض علاوة المخاطر الجيوسياسية في السوق وسط إمكانية التوصل لحل دبلوماسي ينهي النزاع بين البلدين.

لكن، على الرغم من هذه الآمال، لا يزال السوق حذر بشأن كيفية تطور الصراع ويراقب عن كثب ردود الفعل الأمريكية والإسرائيلية على الهجمات الصاروخية من إيران، التي قد تزيد من زعزعة استقرار المنطقة وتضيف تقلبات إلى أسعار النفط.

على جانب الطلب، تباطأ النمو الاقتصادي في الصين في الربع الثالث إلى 4.6 %، مسجلاً أبطأ وتيرة له منذ أوائل 2023. على الرغم من تفوق بعض المعايير، مثل الاستهلاك في سبتمبر والإنتاج الصناعي، قليلا على التوقعات، إلا أن الصورة العامة للاقتصاد الصيني تظل قاتمة.

ومن العوامل الرئيسية في هذا التباطؤ انخفاض إنتاج المصافي في البلاد، الذي انخفض على مدى 6 أشهر متتالية. وأدى ضعف هوامش التكرير وتراجع استهلاك الوقود إلى انخفاض معدلات تشغيل المصافي، بالتالي كبح الطلب على النفط الخام.

وفي الوقت نفسه، طرح البنك المركزي الصيني خطتين للتمويل ستضخان مبدئيا 800 مليار يوان (112.38 مليار دولار) في سوق الأسهم من خلال أدوات سياسة نقدية تم إطلاقها حديثا. إلا أن هذه التحفيزات لم تكن كافية لرفع معنويات السوق بسبب خيبة الأمل إزاء توقعات النمو الاقتصادي.

إضافة إلى ذلك، التحول السريع للصين نحو المركبات الكهربائية والاستخدام المتزايد للغاز المسال في الشاحنات يثقل كاهل الطلب على النفط. حيث، سجلت مبيعات المركبات الكهربائية في الصين زيادة بنسبة 42% في أغسطس، لتصل إلى مستوى قياسي جديد بلغ أكثر من مليون مركبة.

علاوة على ذلك، ارتفعت مبيعات الشاحنات الثقيلة التي تعمل بالغاز المسال من أقل من 10 % إلى 30 % في الأشهر الأخيرة من 2023، ما أدى إلى إزاحة أكثر من 8 % من الطلب على الديزل، وفقا لوود ماكنزي. لذلك، من المتوقع أن يؤدي هذا الاتجاه إلى تآكل استهلاك النفط الصيني في المستقبل مع تزايد الاعتماد على الكهرباء والغاز المسال في قطاع النقل.

على جانب العرض، يستمر إنتاج النفط الخام الأمريكي في الارتفاع، حيث وصل إلى مستوى قياسي جديد بلغ 13.5 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 11 أكتوبر، وفقا لإدارة معلومات الطاقة. في حين، تراجع مخزون النفط الخام، البنزين ونواتج التقطير المتوسطة بنحو 2.2 و 3.5 مليون برميل على التوالي، خلال الفترة نفسها.

انخفاض المخزونات هذا ساعد في توفير دعم للأسعار. إضافة إلى ذلك، خففت بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية الأقوى من المتوقع لشهر سبتمبر بعض المخاوف بشأن النمو الاقتصادي، حيث تتوقع السوق خفضا محتملا لأسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر.

على خلفية التطورات الحالية المتمثلة في ضعف الطلب من الصين، عدم اليقين الجيوسياسي، وارتفاع الإنتاج من خارج "أوبك بلس"، فإن التوقعات القصيرة الأجل لأسعار النفط تبدو هبوطية. ورغم وجود بعض الإشارات الإيجابية من الاقتصاد الأمريكي، فإن المخاوف السائدة بشأن الطلب، وخاصة من الصين، من المرجح أن تبقي أسعار النفط تحت الضغط في الأمد القريب. وعلى الأسواق أن تبقى حذرة في ظل التحولات المحتملة في الشرق الأوسط والتحديثات الاقتصادية القادمة من الصين التي قد تؤثر في اتجاه الأسعار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي