كيف تتوقع الأسواق بدقة باستخدام الإطار الزمني للتداول
ما العامل المشترك بين تغير المناخ، وخفض أسعار الفائدة من جانب البنوك المركزية، وذروة الطلب على النفط، والبطالة في الولايات المتحدة، ومواجهة شركات التكنولوجيا الكبرى لقضايا الاحتكار، ومكانة الدولار كعملة احتياطية؟ جميعها لا تؤثر في الأسهم بشكل كبير رغم المخاوف المتعلقة بها.
نعم، هذا صحيح. فالأسهم ليست قصيرة النظر ولا بعيدة النظر. تتأثر الأسعار بالأحداث في مدى يتراوح بين 3إلى 30 شهرا مقدما، متجاهلة معظم الأحاديث قصيرة الأمد، وكذلك التوقعات البعيدة. لماذا؟
السوق عبارة عن آلية تسعير رائعة تدمج البيانات والتوقعات والآراء في سعر واحد تقريبًا بشكل فوري. البيانات الاقتصادية والأرباح تعكس الماضي، ومقارنة النتائج بالتوقعات السابقة قد تؤدي إلى تحركات طفيفة في أسعار الأسهم، لكن لا أكثر ولا أقل. الأخبار قصيرة الأمد تنعكس بسرعة في الأسعار وبدقة أكبر مما يمكن لأي شخص أن يفعله بمفرده.
خذ على سبيل المثال خفض أسعار الفائدة الكبير، الذي أجراه البنك الفيدرالي الأمريكي في سبتمبر. قال الخبراء: إن هذا كان مؤشرا على صعود كبير في السوق. ومع ذلك، تراجعت الأسهم الأمريكية قليلا في ذلك اليوم، ثم ارتفعت بنسبة %4.0 منذ ذلك الحين. هذا يمثل مجرد امتداد للسوق الصاعدة لهذا العام. في اليوم التالي، قام البنك المركزي السعودي بعكس تخفيضات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. ومنذ ذلك الحين، بقيت السوق المالية السعودية (تداول) مستقرة. لقد قامت الأسواق بتقييم وتسعير هذه التحركات المتوقعة مسبقًا، وبالتالي أصبحت هذه الأخبار غير مؤثرة.
كما أن الأسهم لا تأخذ في الحسبان أي شيء يزيد على نحو 30 شهرا في المستقبل. لماذا؟ لأن المستقبل البعيد لا يمكن التنبؤ به. خذ على سبيل المثال المخاوف القديمة بشأن ذروة إنتاج النفط الأمريكي. في منتصف العقد الأول من القرن 21، زعم عديد من "الخبراء" أن إنتاج النفط الأميركي قد بلغ ذروته النهائية، حيث انخفض الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة منذ أوائل الخمسينيات. بعد أكثر من عقد من بدء إنتاج النفط السعودي في الدمام. ولكن بفضل استخدام تقنية التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي، ازدهر الاقتصاد الأمريكي وارتفع الإنتاج بشكل كبير - ليصل الآن إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، ما أوقف الحديث عن "ذروة" الإنتاج.
والآن، يبالغ الكثيرون في الحديث عن ذروة الطلب على النفط، وهو أحد الأسباب التي تدفع السعودية إلى تعزيز التنوع الاقتصادي. تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يصل الطلب إلى ذروته في عام 2029، بينما تتوقع مؤسسة جولدمان ساكس وصوله في 2034، في حين ترى شركة إكسون موبيل أن ذلك قد يحدث في عام 2050. وتتفق منظمة أوبك إلى حد كبير مع هذه التقديرات.
ربما يؤثر هذا في التخطيط الاقتصادي، ولكن ماذا بالنسبة للأسهم؟ لا يهم. الطلب لن يتراجع في غضون الأشهر الـ3 إلى الـ30 المقبلة. تبحث الأسهم عن احتمالات الربح في المدى المتوسط، وستعيد تقييم الأمور على المدى البعيد عند اقترابه.
الأمر نفسه ينطبق على التركيبة السكانية، وتغير المناخ، ومكانة الدولار الأمريكي كعملة احتياطية. قد تكون لهذه الأمور أهمية اجتماعية، وربما تؤثر في الأرباح في نهاية المطاف. ولكن على المدى المتوسط، لا.
تستغرق التغيرات المناخية والديموغرافية عقودا لتحدث. هل سيفقد الدولار مكانته لصالح اليوان الصيني؟ هذا افتراض بعيد عن الواقع. في عام 2023، شكل اليوان 2.3% فقط من احتياطيات البنوك المركزية العالمية، بينما استحوذ الدولار على 58.4%، لذا أي تحول في هذا المجال سيستغرق وقتا طويلا.
حتى معارك الاحتكار التي تواجهها شركات التكنولوجيا الكبرى مع الحكومات تستغرق وقتا طويلا للغاية. قرار مكافحة الاحتكار الأخير الذي اتخذته الولايات المتحدة ضد شركة جوجل استغرق 4 سنوات، والآن تنتظر دعاوى استئناف لا نهاية لها. وفي الوقت نفسه، تتعثر المحاكمة الثانية لمكافحة الاحتكار ضد شركة جوجل.
التوقعات طويلة الأمد تستند إلى المعلومات الحالية. لكن بمرور السنين، سيتغير عالمنا بطرق لا يمكننا تخيلها الآن. هكذا كان الأمر دائما وسيظل كذلك! لهذا السبب تتجاهل الأسهم تلك التوقعات.
ما هي التوقعات الحالية للأشهر الـ3 إلى الـ30 المقبلة؟ بينما تأخر أداء السوق المالية السعودية (تداول) بسبب المخاوف بشأن إيران وإسرائيل، التي أثارت حالة من عدم اليقين في المنطقة، انتعش مؤشر إم إس سي آي العالمي بسرعة من الركود الذي شهده في منتصف الصيف، ما يثبت أن المخاوف من ركود عالمي غير مبررة.
في الوقت نفسه، تباطأ التضخم في الغرب. حيث بلغ مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة 2.4% على أساس سنوي في سبتمبر، وهو طبيعي! وفي منطقة اليورو، بلغ مؤشر أسعار المستهلك 1.8% على أساس سنوي - أقل من مستهدف البنك المركزي الأوروبي. ارتفع الإقراض في الولايات المتحدة بشكل عام، بينما سجلت منطقة اليورو نموا غير منتظم في الإقراض. إذا لم يشهد عام 2025 أي صدمات كبيرة وغير متوقعة، ستكون الأسهم في وضع جيد. ومع تلاشي المخاوف من توسع الحرب في الشرق الأوسط، من المتوقع أن تشهد السوق المالية السعودية (تداول) انتعاشا.
لا تقلق بشأن الشهر المقبل أو حتى الـ20 عاما القادمة. بدلا من ذلك، أعد تركيزك - كما تفعل الأسهم دائما.