التأثير المحتمل للإدارة الأمريكية الجديدة في أسواق النفط
لقد تفاعلت الأسواق بقوة مع عودة دونالد ترمب المؤكدة إلى البيت الأبيض وسيطرة الحزب الجمهوري على مجلس الشيوخ. وقد دفعت نتيجة الانتخابات إلى تفاؤل كبير في أسواق الأسهم والعملات، مع تأجيج التوقعات بخفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية وزيادة الإنفاق المالي.
مع تنقل السوق بين التحديات السياسية والجيوسياسية المتغيرة، تظل أسعار النفط تحت ضغط من الاضطرابات المستمرة في سلسلة التوريد، وضعف الطلب، والتعافي الاقتصادي البطيء.
مع الإعلان عن فوز الرئيس السبق ترمب بالانتخابات، هبطت أسعار النفط في الأسواق الآسيوية عند الافتتاح بنحو 2.5 %، تحت ضغط من ارتفاع الدولار، لكنها عادت لترتفع مع بداية التعاملات في الأسواق الأمريكية. وفي وقت كتابة هذا المقال، كان خام برنت يتداول عند 75.10 دولار للبرميل، وغرب تكساس الوسيط عند 71.80 دولار للبرميل.
لقد أدى فوز ترمب إلى ارتفاع كبير في قيمة الدولار، مسجلا أكبر مكسب له في يوم واحد منذ مارس 2020. حيث تتوقع الأسواق أن تقوم إدارته باعتماد سياسات قد تدفع أسعار الفائدة إلى الارتفاع جزئيا، لإدارة التضخم المحتمل الناجم عن التعريفات التجارية أو التوسع المالي. الدولار الأقوى يجعل السلع المقومة بالدولار مثل النفط أكثر تكلفة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى، ما قد يحد من الطلب على النفط.
يشير المحللون إلى أن الصين قد تشعر بضغوط من هذه الحواجز التجارية المحتملة، ما يقلل من الطلب في أكبر دولة مستوردة للنفط في العالم. إن قوة الدولار تشكل رياحا معاكسة لأسعار النفط، في حين إن التعريفات والتحديات التجارية قد تثقل كاهل الطلب العالمي على النفط.
لكن، على الرغم من أن سياسات ترمب قد تشكل مخاطر على الطلب، إلا أن إدارته قد تعيد أيضا إحياء العقوبات على بعض منتجي النفط، ما قد يحد من العرض العالمي. يمكن أن يؤدي تشديد العقوبات على إيران وفنزويلا إلى إزالة ما يصل إلى نحو 1.5 مليون برميل يوميا من الأسواق العالمية، ما قد يؤدي إلى تشدد العرض ودعم أسعار النفط. سيكون هذا التحول في السياسة صعوديا لأسعار النفط من خلال تقليل العرض المتاح من هذه الدول.
إضافة إلى ذلك، قد يؤدي موقف ترمب المؤيد لإنتاج النفط الأمريكي إلى زيادة الإنتاج المحلي. حيث إن زيادة الإنتاج الأمريكي قد تتحدى جهود "أوبك بلس" في دعم استقرار السوق، ما يدفع المجموعة إلى الاختيار بين حماية حصة السوق أو الحفاظ على تخفيضات الإنتاج.
من المرجح أن تستمر "أوبك بلس" في إدارة السوق من خلال التأثير بشكل مباشر في إمدادات النفط الخام وإدارة إمدادات المنتجات بشكل غير مباشر. يبدو أن الإستراتيجية الرئيسية للمجموعة هي الحفاظ على منحنى أسعار النفط الخام في حال التراجع (backwardation)، حيث تكون الأسعار الفورية أعلى من العقود الآجلة. يسمح هيكل السوق هذا "لأوبك بلس" بإدارة ديناميكيات السوق المالية والحد من تحوط المنتجين، ما يمنح المجموعة مزيدا من السيطرة على اتجاه السوق. من المرجح أن تواصل "أوبك بلس" هذا النهج، ما يضمن بقاء أسعار النفط الفورية أعلى من العقود الآجلة.
بشكل عام، تتمتع المجموعة بوضع قوي، حيث تتحكم في الجودة المناسبة للنفط الخام وتحتفظ بأصول مهمة من المصافي في الشرق الأوسط، مع حصص في الأسواق الآسيوية، خاصة الصين. إن الاستقرار الذي حافظت عليه "أوبك بلس"، حتى في عام مليء بالتحديات الجيوسياسية، أمر ملحوظ.
بغض النظر عن عدم اليقين الجيوسياسي ونتيجة الانتخابات الأخيرة، من المرجح أن تشكل الاتجاهات الحالية في أسواق النفط التوقعات المستقبلية. وبالنظر إلى تأثير قوة الدولار، وضعف آفاق الطلب، وارتفاع المخزونات الأمريكية، فإن التوقعات قصيرة الأجل لأسعار النفط تظل هبوطية.
ورغم أن العقوبات المحتملة على إيران أو فنزويلا قد تحد من العرض وتوفر أرضية للأسعار، فمن المرجح أن تؤثر تحديات الطلب الأوسع في أسعار النفط. وينبغي للمتداولين أن يتوقعوا أن تظل الأسعار تحت الضغط. وسط حالة عدم اليقين السائدة في السوق حاليا.
من المتوقع أن تظل أسعار النفط متقلبة في الفترة المقبلة، متأثرة بتقلبات مؤشر الدولار، وعدم يقين سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة، واستمرار التوترت الجيوسياسية.