ما يخبئه لنا عام 2025
كثرت التوقعات حول ما سيشهده العالم من أحداث ووقائع في العام الذي ولجناه للتو وهو عام 2025.
ليس من اليسر التنبؤ بما سيقع في المستقبل، رغم أن محاولة التكهن بما ستكون عليه الأمور ليست قرينة بعصرنا هذا الذي تتبارى فيه القنوات الإعلامية المرئية والمقروءة في تقديم توقعات عن شتى مضمامير الحياة الدنيا.
محاولة استشراف المستقبل رافقت الإنسان منذ نشوئه، وكان التنجيم – الاسترشاد بالنجوم المضيئة لقراءة الغيب وفك طلاسم الحياة ومعرفة الحظوظ والمستقبل – سائدا في الألفية الثالثة قبل الميلاد ومتفشيا لدى العرب قبل الإسلام.
إن قراءة المستقبل اتكاء على النجوم المضيئة يراه الإسلام محض افتراء وكذب، فألغاه "قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله." (النمل: 65)، بيد أن التوقعات التي تصدرها مراكز الأبحاث لا علاقة لها بالتنجيم والعرافة. هنا يستند العلماء والباحثون إلى استخلاص العبر من خلال قراءة معمقة ودراسة متفحصة لكم هائل من المعلومات والبيانات. واليوم لدينا حجم من المعرفة والبيانات هما من الضخامة، ما لا طاقة للبشر به، لذا تودع في ذاكرة حواسيب عملاقة، تغربله بواسطة خوارزميات ذكية في الغالب لا تستخلص لنا إلا نتائج ذكية.
ومن ثم، هناك علامات بارزة قد لا تغيب عن العقل المتنور الذي يلجأ إلى التحليل النقدي لاستقراء ما قد يحدث؛ الكل اليوم يعرف أن دفة القيادة في الولايات المتحدة – الدولة الأعظم والأقوى في العالم – ستتبدل في العشرين من هذا الشهر وكلنا على دراية في الأقل ببعض توجهات الرئيس القادم.
وإن أردنا الثبات في قراءتنا فإن سبيل التوصل إلى توقعات محددة قد يصبح أمرا يسيرا إن استقرأنا بصورة صحيحة ما ستتبعه الصين مثلا من سياسات. الصين من الدول العظمى ومنافس عتيد وعنيد للولايات المتحدة وقراءة طالع الأحداث فيها أراه أيسر من قراءة طالع الأحداث في أي مكان آخر في العالم لما تمتاز به من استقرار – حتى الآن – في الخط السياسي والاقتصادي الذي تتبعه.
أغلب التوقعات للعام الجديد الذي دخلناه ولا سيما بقدر تعلق الأمر بالاقتصاد والطاقة تأخذ في الحسبان الولايات المتحدة والصين. ما قد يجري داخل كل دولة وما قد يحدث للعلاقة بينهما وعلى الخصوص في المضمار الاقتصادي لا بد أن يكون له دور كبير في أي توقعات عن مسار عامنا الجديد.
وعن الشرق الأوسط لن أحدثكم إلا نزرا. قد يقول قائل إن هذا ما نريد سماعه، لكن إن كانت التوقعات تصح في أي منطقة في العالم فإنها قد لا تصح أبدا في الشرق الأوسط.
ونظرة خاطفة على ما وقع من أحداث غير متوقعة في العام المنصرم ستظهر أن المنطقة صعبة إن لم تكن مستحيلة لتقديم حتى تكهنات بسيطة عن مآلات الأحداث فيها ونحن في الأيام الأولى من العام الجديد.
شخصيا أتجنب تقديم أي توقعات حتمية. فعلت ذلك مرة في حياتي عندما قدمت توقعات وضعتها بصيغة شبه المطلق عن أسعار النفط، وإذا في الواقع يدحض كل توقعاتي؛ كان ذلك درسا كبيرا.
لكن لدي شيء أو ربما توقع محدد حول الشرق الأوسط للقراء الكرام. لا تظنوا أن الشرق الأوسط هو مركز الكون ولا تمنحوا ثقة مطلقة لما يجتره الإعلام العربي لنا.
المتابع للإعلام العربي يرى أن الشرق الأوسط هو اللولب الذي يدور العالم حوله، ولهذا فإن أحداث المنطقة تحتل الحيز الأكبر في التغطية الإخبارية، ما قد يجعل المتلقي يتصور أن تفكيرالدنيا كلها منصب عليها وليس غيرها.
هذا غير صحيح. أحداث الشرق الأوسط لا تحتل الصدارة في الإعلام الغربي؛ وإن جرى التركيز عليها، فإن ذلك مرده وجود الغربيين فيها وحسب. خذ مقتل جندي أمريكي واحد في الشرق الأوسط، أو فقدان أو مقتل صحافي غربي واحد. أحداث مثل هذه مثلا تجلب الاهتمام من الإعلام الغربي، وعداه فإنهم من النادر أن يكترثوا، اللهم إلا إن وقع حدث كبير صداه يهز العالم.
ولأن الشرق الأوسط بقعة تتحسس بشدة لما يحدث خارج نطاقها، فإن التوقعات تنبئ بتغييرات جوهرية، كنهها لا يعلمه إلا الله.