التقنية ستسرع وتيرة التغيير في 2025
إن تسارع وتيرة التغيير هي أكثر الملاحظات التي قد يطرحها أي كاتب مقالات رأي من أمثالي موثوقيةً. وقد تجلى تسارعها على وجه الخصوص خلال السنوات القليلة الماضية على صعيد الحروب والصراعات حول العالم والسياسة في الولايات المتحدة، وفي التقدم الباهر في مجال الذكاء الاصطناعي. وأنا أتوقع أن تستمر وتيرة التغيير هذه خلال 2025، خصوصاً فيما يتعلق بالشق التقني.
يُرجح أن يتواصل التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، ويشمل ذلك الذكاء الاصطناعي العام، لكن لم يتضح بعد مدى التأثير الذي سيحدثه، بل إنني رحت أتساءل في الآونة الأخيرة: "ماذا لو تطور الذكاء الاصطناعي العام، ولم يُقبل عليه أحد؟".
إهدار الذكاء الاصطناعي
بحلول نهاية 2025، سيتضح لمعظم المراقبين المثقفين أن نخبة نماذج الذكاء الاصطناعي ستتمكن من التفوق على معظم الخبراء في اختبارات المعرفة. وليس لدي أدنى شك في أن الذكاء الاصطناعي سيغلبني في اختبار يتناول الاقتصاد. بل وسيتفوق الذكاء الاصطناعي على خبراء في مجال خبراتهم، فقد بدأ يتفوق على الأطباء في تشخيص الحالات الطبية.
لكن المفاجأة الأكبر هي ضآلة تأثير كل ذلك، على الأقل في المرحلة الأولى. مؤسفٌ أن مجتمعنا ليس منتظماً بطريقة تسمح له بالاستفادة الذكية من التقدم المحقق في مجال الذكاء الاصطناعي، حتى إن توفر بأسعار منخفضة، إذ سيصطدم هذا الذكاء الجديد بأنظمة بشرية بحتة بما تحمله من قواعد وقيود والحاجة لأذونات. وقد عبر مات كليفورد عن ذلك بقوله: "لا يوجد حيز متاح للذكاء الاصطناعي في معظم المؤسسات".
هكذا سينتشر استخدام الذكاء الاصطناعي، وسنستخدمه كمعالج نفسي أو صاحب نحاوره بلا قيود. ولن تكون تلك إلا بداية عملية قد تستمر عقوداً لإعادة بناء المؤسسات بما يتناسب مع استخدام أفضل للذكاء الاصطناعي. مع نهاية 2025، سيتعالى مزيد من الأصوات التي تعبر إجحافاً عن الإحباط لغياب تقدم حقيقي في جعل أنظمة الذكاء الاصطناعي أوسع استخداماً وفعاليةً.
تقدم طبي
الاستثناء الوحيد هو ما أشرت إليه في البداية، وأعني بذلك قطاع الرعاية الصحية. يتعلق السؤال أو التذمر الشائع حيال نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة بتخصيصنا نسبة كبيرة من ناتجنا الإجمالي المحلي له. لكن في 2025، سنبدأ بأن نتساءل عن سبب عدم تخصيص مزيد من الموارد لهذا القطاع، ومع مضي الوقت سنزيد الإنفاق، خاصة فيما يتيح الذكاء الاصطناعي اكتشاف أدوية جديدة.
سيواصل قطاع الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، برغم السخط الشعبي الشديد حياله، تحسين أدائه مقارنة ببقية العالم. في المقابل، سيؤدي تمدد فترات الانتظار وتراجع الاستثمارات في دول مثل كندا والمملكة المتحدة إلى تقليل جاذبية أنظمة الرعاية الصحية الشاملة أحادية التمويل. في أميركا، ستنخفض الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة، كما ستنخفض معدلات السمنة بفضل الأدوية المعتمدة على الببتيد الشبيه بالغلوكاغون-1 (GLP-1). وبالتوازي، سيستمر التقدم في مكافحة السرطان.
أما على صعيد التقنية وعلاقتها بالاقتصاد والمال، فستواصل العملات المستقرة نموها في أنظمة المدفوعات في الولايات المتحدة وفي الخارج إذ يتزايد اهتمام المؤسسات بالانخراط في التعاملات المرتبطة بالدولار. وبينما قد يقلق الاحتياطي الفيدرالي من تطور النظام المالي خارج نطاق سيطرته، ستحتفي إدارة دونالد ترمب المؤيدة للعملات المشفرة بهذا الابتكار، وسيكتسب الدولار مزيداً من القوة كعملة احتياط.
على نطاق أوسع، أتوقع استمراراً في ضعف أسواق العمل، لكن يبدو أن الاقتصاد الأميركي لديه زخم يكفي ليتفادى الدخول في ركود.
مشاهدات محيرة
على صعيد مختلف، ستبرز قضية تقنية لا ارتباط مباشر لها بالاقتصاد، وهي ازدياد الاهتمام بالظواهر المجهولة في الأجواء. فقد أثارت مشاهدات متعددة لطائرات مسيّرة فوق نيوجيرسي وغيرها من الولايات خيال الجمهور واهتمام السياسيين. في هذا السياق، وعد الرئيس المنتخب بمستوى شفافية أعلى بشأن أنشطة الحكومة الاتحادية وتحركاتها.
يسهل توقع ألا يلتزم ترمب بوعده، بما أن الشفافية سهلة حين يتحمّل شخص آخر تبعاتها. لكن تعيينه لكثير من الشخصيات من خارج المنظومة، يجعل وقوع مزيد من التسريبات أو أقلّه مزيد من التغريد السياسي خارج السرب غير مستبعداً. يعني ذلك ازدياد المزاعم العجيبة حول مشاهدات لمجهولات في الأجواء، بحيث يصبح صعباً تحديد ما ينبغي تصديقه.
وتبقى تساؤلات كثيرة أخرى قائمة بشأن قضايا جيوسياسية مهمة، مثل مصير كثير من الحروب حول العالم، أو مدى قدرة الاقتصادين الصيني والأوروبي على إحداث إعادة انطلاقهما، وما إذا كان سيثبت أن ظاهرة الاغتيالات السياسية ستصبح معدية. استشرافي الوحيد في هذا الشأن، هو ما أسلفت: أمامنا كثير من الترقب في 2025.