النفط بين موجة البرد ومخاطر العرض

بدأت أسعار النفط العام بارتفاع حاد، حيث تجاوزت العقود الآجلة لخام برنت الأسبوع الماضي حاجز الـ 80 دولارا للبرميل لأول مرة منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، قبل أن تغلق عند 79.76 دولار للبرميل، مسجلة مكاسب أسبوعية بأكثر من 4 %. كان هذا الارتفاع مدفوعا بمخاطر العرض، الطقس البارد عبر الأطلسي، توسع حالة التراجع (Backwardation) في جميع العقود الآجلة للخام، واستمرار المخاوف بشأن التضخم. ولأول مرة منذ أشهر، يشعر سوق النفط بتفاؤل شديد.

كانت عوامل العرض حاسمة في تشكيل تحركات أسعار النفط الأسبوع الماضي. في ديسمبر، انخفض إنتاج أوبك بمقدار 50 ألف برميل يوميا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الصيانة في الإمارات وانخفاض الإنتاج الإيراني. تتماشى هذه التخفيضات مع التزام "أوبك بلس" بخفض الإنتاج، ما يضمن بقاء السوق في حالة توازن. في حين، بقت مستويات الإنتاج ثابتة في المملكة والعراق.

مع ذلك، من المتوقع أن تنخفض إمدادات النفط السعودية إلى الصين في فبراير، بعد أن قامت المملكة برفع أسعار البيع الرسمية إلى آسيا. ويمثل هذا أول زيادة في الأسعار الرسمية في 3 أشهر ويعكس جهود المملكة لموازنة تشدد الإمدادات مع الطلب الآسيوي القوي.

إضافة إلى ذلك، استمرت العقوبات الغربية على شحنات النفط الروسي في التأثير على معنويات السوق. حيث، أدت الجهود لتقييد الصادرات الروسية، إلى جانب توقعات بانخفاض الإنتاج الإيراني بمقدار 300 ألف برميل يوميا، إلى تزايد المخاوف بشأن العرض العالمي. وقد عززت هذه العوامل الجيوسياسية دعم الأسعار، حتى مع ظهور حالة من عدم اليقين بشأن الطلب.

علاوة على ذلك، يعكس هيكل سوق العقود الآجلة لخام برنت مخاوف تشديد العرض، ما يدعم ارتفاع الأسعار بشكل أكبر. حيث، اتسعت علاوة عقد برنت الشهري على العقد لمدة 6 أشهر إلى أكبر مستوى لها منذ أغسطس، وهي علامة على تعزيز حالة التراجع والقيود المحتملة على العرض.

على جانب الطلب، لا تزال التوقعات إيجابية. حيث، يسهم الشتاء القاسي في الولايات المتحدة وأوروبا في زيادة الطلب على وقود التدفئة. وتوقع مكتب الأرصاد الجوية الأمريكي درجات حرارة أقل من المتوسط ​​في المناطق الوسطى والشرقية، بينما تستمر أوروبا في مواجهة شتاء أكثر برودة من المعتاد.

في هذا الجانب، توقع المحللون في جي بي مورجان زيادة الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا في الربع الأول من 2025، مدفوعا بارتفاع استهلاك زيت التدفئة، الكيروسين والغاز البترولي المسال. قدر محللو البنك أنه مقابل انخفاض كل درجة فهرنهايت واحدة عن متوسط ​​10 سنوات لهذا الوقت من العام، يزيد الطلب على النفط الخام بمقدار 113 ألف برميل يوميا مع زيادة احتياجات التدفئة. وقال المحللون إن هناك أيضا ضغط صعودي إضافي يأتي من خطر تأثر الإنتاج بسبب التجمد.

كما دعم التفاؤل بشأن تدابير التحفيز الاقتصادي في الصين السوق، مع توقعات بتحسن الطلب من ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، ما أضاف إلى المشاعر الصعودية للسوق.

في الوقت نفسه، تحدت أسعار النفط قوة الدولار الأمريكي، والذي عادة يثقل كاهل السلع المقومة بالدولار. لقد تعزز الدولار لـ6 أسابيع متتالية، لكن مخاوف التضخم وتهديد التعريفات الجمركية الإضافية عززت جاذبية النفط كتحوط ضد ارتفاع الأسعار.

من جهة أخرى، حد ارتفاع مخزونات الوقود في الولايات المتحدة من مكاسب الأسعار، على الرغم من ارتفاع الطلب الموسمي. أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة زيادة مخزونات البنزين والمقطرات في الأسبوع الأول من 2025 بنحو 6.3 و 6.1 مليون برميل على التوالي، ما حد من ارتفاع الأسعار.

بالنظر إلى الأمام، من المرجح أن تبقى توقعات أسعار النفط صعودية وسط أساسيات قوية. مع تزايد مخاطر العرض وتعزيز الطلب الموسمي، تبدو أسعار النفط في وضع يسمح لها بتحقيق مزيد من المكاسب. ويشير الجمع بين التوترات الجيوسياسية، تشدد المخزونات، والطلب القوي على الوقود في فصل الشتاء، إلى آفاق صعودية على المدى القصير. وقد يتم اختبار مستويات المقاومة الرئيسية فوق 80 دولارا للبرميل لخام برنت، ما يؤكد الزخم الصعودي المستمر في أسواق النفط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي