ما أبرز العقبات التي تواجه مفاوضات التجارة الحرة بين الخليج وأمريكا اللاتنينة؟

ما أبرز العقبات التي تواجه مفاوضات التجارة الحرة بين الخليج وأمريكا اللاتنينة؟

تواجه مفاوضات التجارة الحرة بين دول الخليج وأمريكا اللاتنينة عقبات تعيق البدء فيها وتؤثر في القدرة التنافسية للمتفاوضين، فما بين تباين الأطر القانونية وتنوع السياسات الاقتصادية وارتفاع تكاليف النقل والخدمات اللوجستية، يسعى الجانبان إلى تعزيز جهودهما للوصل إلى اتفاق بين بلدين لا يوجد بينهما أي وحدة أيديولوجية أو سياسية.

الدكتور باولو بوتا مدير مكتب TRENDS للاستشارات الاقتصادية في أمريكا اللاتينية بالعاصمة الأرجنتينة بونيس أيرس يقول في تصريحات لـ"الاقتصادية"، إن إبرام اتفاقية تجارية حرة بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول أمريكا اللاتينية مستقبلا سيكون مثمرا ومفيداً للطرفين، ولكن الإستراتيجيات المتنوعة قد تفرض تحديات في التنفيذ.

قال المستشار الاقتصادي الأرجنتيني: إن أمريكا اللاتينية ليست كياناً واحداً، فنحن نتحدث عن 12 دولة في أمريكا الجنوبية و21 دولة في أمريكا الوسطى ومنطقة الكاريبي، التي تراوح من دول مؤثرة مثل البرازيل (تاسع أكبر اقتصاد في العالم، وفقاً للبنك الدولي) إلى دول صغيرة مثل كوستاريكا، وبهذا نرى عدم وجود وحدة أيديولوجية أو سياسية بين المتفاوضين.

وأشار إلى أن هذه الدول لديها أنظمة مختلفة من حيث مؤسساتها واتجاهاتها وتفضيلاتها، ولهذا السبب، ستركز رؤى مفاوضات التجارة الحرة على 3 دول في المنطقة، وهي أعضاء في مجموعة العشرين: الأرجنتين والبرازيل والمكسيك، التي تمثل المنطقة نظراً لوزنها الاقتصادي.

وأضاف أنه في حالة أن دول ميركوسور، الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي وتشيلي، وفنزويلا معلّقة العضوية، و7 دول أخرى مرتبطة بهذه المنظمة، فإن التحدي الرئيسي هو الخلافات الداخلية، التي لا تنبع فقط من الخلافات حول أهداف الكتلة الإقليمية، بل وأيضاً من الاختلافات الإيديولوجية أو السياسية بين الحكومات.

بدوره يرى مسؤول خليجي أن إبرام اتفاقية تجارية حرة بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول أمريكا اللاتينية، رغم أهميته الإستراتيجية للطرفين، يواجه عدة تحديات يستلزم بذل مزيد من الجهد لتسريع المفاوضات بين الطرفين.

وقال إن من بين التحديات، تباينا في الأطر القانونية والتنظيمية بين الخليج ودول أمريكا اللاتينية، إضافة إلى أن الاختلاف في السياسات الاقتصادية بين دول أمريكا اللاتينية نفسها تشكل عائقا أمام تحقيق تقدم سريع في المفاوضات، إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل والخدمات اللوجستية، ما قد يؤثر في القدرة التنافسية للمنتجات.

وأشار المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه، إلى أن الوضع الاقتصادي في عدد من دول أمريكا اللاتينية مثل اقتصاد الأرجنتين تواجه أزمات مالية من بينها ارتفاع معدلات التضخم، وضعف استقرار العملة في بعض الدول اللاتينية، ما يجعل بيئة الاستثمار معقدة نوعا ما، في وقت تركز فيه دول الخليج على البحث عن بيئة استثمار آمنة ومستقرة تضمن حماية رؤوس أموالها واستثماراتها، وهو ما يتطلب التزاما من دول أمريكا اللاتينية بتحقيق إصلاحات اقتصادية تضمن ذلك.

وأضاف أنه رغم هذه التحديات، فإن هناك فرصا واعدة لتعزيز التعاون، خاصة في قطاع التكنولوجيا والطاقة المتجددة، إلى جانب الدور اللوجستي الذي تلعبه دول الخليج كمحور تجاري يربط بين دول أمريكا اللاتينية وأسواق آسيا.

يشار إلى أنه في مايو 2005، وقعت "ميركوسور" ومجلس التعاون الخليجي اتفاقية إطارية للتعاون الاقتصادي، ما أرسى الأساس للمفاوضات المستقبلية بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين الكتلتين، ولكن لم يتم تحقيق أي تقدم إلا فيما يتعلق باتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع الإمارات، والتي كانت موضوع 3 جولات من المفاوضات، آخرها تم في مونتيفيديو في نوفمبر 2024.

وأوضح مدير مكتب TRENDS للاستشارات الاقتصادية في أمريكا اللاتينية أن العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج والدول الثلاث في أمريكا اللاتينية تظهر أن هناك حدودا مفتوحا نطاقها، يمكن تطويرها بشكل كبير من خلال المنافذ الاستثمارية المختلفة. وبدون إهمال المحاولات الرامية إلى توسيع الروابط التجارية التقليدية، فينبغي النظر في خيارات جديدة، مثل مجالات التعاون التي تعتمد على التكنولوجيا المكثفة، والبحث عن شركاء في البحث والتطوير بدلاً من مشتري المنتجات.

وأشار أن الجمع بين القدرات المالية والموارد البشرية والموقع الجغرافي للمنطقتين، إلى جانب غياب الصراعات أو التوترات الحالية والماضية، من شأنه أن يوفر الإطار لمستقبل واعد ومفيد لجميع الأطراف المعنية.

سمات

الأكثر قراءة