"أمريكا زائد واحد" .. إستراتيجية آسيوية لتنويع الاقتصاد بعيدا عن الولايات المتحدة
دفعت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، إضافة إلى سياساته الأخرى، عددا من خبراء المال والمسؤولين في آسيا إلى توقع إعادة تشكيل النظام الاقتصادي لما بعد الحرب العالمية الثانية، والسعي إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الولايات المتحدة. لكن الأمر ليس سهلاً.
شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية نظاما عالميا تدعمه مؤسسات متعددة الأطراف، مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي، وبرزت الولايات المتحدة قوة مهيمنة، مع تحول الدولار إلى عملة احتياطية عالمية.
الآن، يبدو أن إدارة ترمب تبتعد عن هذا النظام من خلال سياسات خارجية واقتصادية تتحدى حلفاء الولايات المتحدة وتقوض بعض المؤسسات المتعددة الأطراف.
من غير الواضح ما الذي سيتضح في نهاية الأمر، لكن مقابلات أُجريت هذا الشهر مع أكثر من 12 من كبار المصرفيين، والمستثمرين، والمسؤولين المقيمين في آسيا، أظهرت أنهم لا ينتظرون معرفة ذلك وشرعوا بالفعل في البحث عما سموه إستراتيجية "أمريكا زائد واحد" لتقليل اعتمادهم على الولايات المتحدة، مشيرين في الوقت نفسه إلى عدم وجود بديل عملي للسوق الأمريكية في المستقبل المنظور.
قال بن هونغ، رئيس قسم المعاملات الدولية في ستاندرد تشارترد: "نحن في مرحلة انتقالية تحدث مرة واحدة كل 100 عام"، معربا عن اعتقاده بأن العالم أصبح متعدد الأقطاب، بقيادة الولايات المتحدة والصين والهند. "لقد تغير نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية".
أشار سيتي جروب إلى أنه يتلقى مكالمات قياسية من عملاء آسيويين حول كيفية التعامل مع تزايد حالة عدم اليقين الجيوسياسي. أوضح البنك أن تدفقاته المالية الآتية من عملاء، مثل الشركات، تنمو بمعدلات ثنائية الرقم في عديد من مجالات التجارة الناشئة، كتلك التي بين آسيا والشرق الأوسط، إضافة إلى أمريكا اللاتينية.
مع ذلك، شهدت الاستثمارات في الولايات المتحدة نموًا أيضًا. أشار كوش ديساي، المتحدث باسم البيت الأبيض، إلى وعود الاستثمار الأمريكية التي قدمتها شركات مثل شركة تصنيع الرقائق التايوانية TSMC وشركة داماك الإماراتية للتطوير العقاري، قائلًا إنها "استجابت لأجندة الرئيس ترمب الاقتصادية "أمريكا أولًا" المتمثلة في الرسوم الجمركية، وإلغاء القيود التنظيمية، وإطلاق العنان للطاقة الأمريكية".
تثير التحركات غير المسبوقة للبيت الأبيض في مختلف المجالات، مثل تأدية دور المصرفي الاستثماري في بيع تطبيق التواصل الاجتماعي "تيك توك"، تساؤلات حول سيادة القانون في الولايات المتحدة وتدفع المستثمرين والشركات الأجنبية إلى البحث عن بدائل للأصول الأمريكية والدولار، خصوصا مع استخدام واشنطن للعقوبات الاقتصادية.
قال مسؤول صيني إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على حلفاء بلاده، مثل كندا وأوروبا، منحت بكين فرصة. أضاف أن ترمب لا يستطيع عزل الصين، لأن "حلفاءه يواجهون أيضًا رسومًا جمركية". وحث المسؤول الشركات الصينية على تقليل تعرضها للولايات المتحدة وزيادته في أجزاء أخرى من العالم.
لكن على الرغم من هذا البحث عن بدائل، لا تزال الأصول الأمريكية جذابة ويعود ذلك إلى حجم الاقتصاد الأمريكي، وعمق أسواق رأس المال، والقوة النسبية لمؤسساته.
في الوقت نفسه تعد البدائل محدودة. مثلا، الخيارات المتاحة لمن يبحث عن بديل للدولار هي الذهب والعملات المشفرة واليوان. وبحسب هونغ، من ستاندرد تشارترد: "لا يوجد أي خيار مثالي من بين هذه الثلاثة"، فأي شركة تتطلع إلى إجراء معاملات باليوان بدلاً من الدولار تحتاج إلى أدوات للتحوط من تعرضها له.